جاء في “المركزية”:
بينما يتوق الشعب اللبناني الى الانتخابات النيابية وينتظرها على أحرّ من الجمر والفقر والجوع، لانها خشبة الخلاص الاخيرة المتوافرة – ان لم تحرقها المنظومة الحاكمة – امامه، لتغيير الواقع المزري الذي يعيش فيه، ولارساء حكم جديد في البلاد، مختلف تماما عن ذلك الذي ساد العقود السابقة، ذهنيةً ونهجا واداء.. سُجّلت مواقف لمسؤولين بارزين في حزب الله، لا تطمئن او تبشّر بالخير في هذا الشأن، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.
فرئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد اعلن منذ ايام قليلة “اننا سنواصل مواجهتنا وصمودنا، وإذا كان هناك من يُراهن على انزلاقةٍ من هنا أو تزوير انتخابات من هناك أو إستغلال فرصةٍ ربما تغيّر المشهد، نقول إنّ هذا البلد هو رهنُ إرادة أبنائه فقط، وقد توافق أبناؤه على تسوية سياسية قوامها الديمقراطية التوافقية، فالذي يريد أن يحكُمنا غدًا بأكثرية مدّعاة عليه أن يُدرك بأن الأكثرية التي حكمت لم تستطع أن تحكم..” وتابع رعد “لا تراهنوا على أكثرية عددية في الإنتخابات كانت من حظّكم أو لم تكُن ، بل راهنوا على وحدة الموقف بين ابناء الوطن الواحد ، لا تراهنوا على قوّة أجنبيّةٍ تُدافع عن سيادة بلدكم فلَيس في العالم من يقاتل عن الآخرين، كونوا أسيادًا في وطنكم لتمتدّ الأيدي وتتشابك من أجل تحقيق سيادة هذا الوطن والحفاظ على كرامة إنسان هذا الوطن.”
هذا الكلام خطير، تتابع المصادر، اذ حزب الله يبدو من خلاله، يستبق نتائج الاستحقاق الانتخابي المرتقب. فإذا لم تكن ارقامُها “على ذوقه”، اي اذا لم تؤمّن له ولحلفائه، اكثرية في مجلس النواب كما هي الحال اليوم، فإنه سيرفضها ولن يسمح للاكثرية الجديدة بالحكم.
“الضاحية” تقول سلفا لمَن يعنيهم الامر، ان البلاد لن تُدار الا بالتوافق. اي انها تجزم باكرا بأن الحكومات التي ستتألف، يتوجّب ان تكون حكومات “وحدة وطنية”، يتساكن تحت سقفها المعارضون والموالون، في تكرار لتجارب كل الحكومات السابقة (باستثناء حكومة حسان دياب التي كانت 8 آذارية صافية)، والتي اسهمت في ايصال البلاد الى الانهيار الشامل الذي تتخبط فيه الآن.
الحزب اذا، تضيف المصادر، يرفض اللعبة الديموقراطية ولن يحترم قواعدها وهو يقول “لا” كبيرة، و”على راس السطح”، للمنطق الطبيعي والسليم بأن تَحكم الاكثرية وتؤلّفَ حكوماتها، فيما المعارضة تجلس خارجها وتراقب اداءها وتحاسبها في مجلس النواب.
هذه الضربة التي يوجهها حزب الله الى الاستحقاق منذ الآن، قبل حصوله، لا تجوّف الانتخابات وتفرغها من مضمونها، فحسب، بل تنبئ بفترة تعطيل وشلل ومناكفات وربما توترات في الشارع على الطريقة العراقية، ستشهدها البلاد بعد الانتخابات، اذا لم يحصد الحزبُ غالبية نيابية، لانه لن يسمح لاي اكثرية بالحكم وحدها كما يقتضي المنطقُ وعمليةُ الاصلاح والتغيير والانقاذ المنشودة بشدة، “شعبيا” ودوليا.
عليه، اذا كان القلق اليوم كبيرا على حصول الانتخابات، فإنه سيتمدد منذ الآن ليشمل الفترة التي تليها اذا كانت نتائجها ستُخرج البرلمان الجديدَ من تحت سيطرة حزب الله…