جاء في “المركزية”:
خلا خطاب رئيس الجمهورية ميشال عون، عشية عيد الاستقلال مساء امس، من اي جديد. ففي ظل الازمات المتراكمة على الخط السياسي والدبلوماسي والاقتصادي والمالي والقضائي، وفيما الناس الجائعة الفقيرة والمريضة لا تريد سماع تبريرات من قبيل ان “40 في المئة من عمر العهد” مرّت بلا حكومات، ولم تعد تصدّق ما قاله عن “آخر رسالة استقلال” يوجهها قبل مغادرته القصر، خصوصاً غداة اعلانه انه “لن يسلّم البلاد للفراغ”… كرّر عون المواقف التي يقولها منذ اسابيع في ما يخصّ هذه العقد، من دون ان يقدّم اي مبادرات او مخارج لتطويقها ومعالجتها، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”.
على صعيد القطيعة الناشئة بين لبنان والدول الخليجية، أكد رئيس الجمهورية من جديد تمسّكه بأفضل العلاقات معها عموما ومع السعودية خصوصا، مشددا على ضرورة الفصل بين موقف “الدولة” ومواقف الافراد، ولافتا في الوقت عينه الى ان في لبنان حرّية تعبير يجب احترامها. هذا الكلام بطبيعة الحال، لن يسرّع او يساعد في حل الازمة، حتى انه قد يفاقمها، ومعها الاجراءات العقابية المرتقبة.
أما على صعيد الشلل الحكومي، تتابع المصادر، دعا عون الى الاحتكام الى الدستور، قائلا “المخرج من هذه الأزمة ليس بمستعص، وقد أوجده لنا الدستور، وتحديدا في الفقرة “ه” من مقدمته التي تنص على أن النظام اللبناني قائم على مبدأ الفصل بين السلطات، فهل نلتزم جميعنا سقف الدستور ونترك ما لقيصر لقيصر وما لله لله، لتعود الحكومة الى ممارسة مهامها في هذه الظروف الضاغطة، أم سنسمح للخناق أن يشتد أكثر فأكثر على رقاب أهلنا وأبنائنا سواء في معيشتهم أو في أمنهم؟ وهل ندرك فعلا مدى الأذى الذي يصيب مجتمعنا جراء تعطل الحكومة؟ إن هذا الوضع لا يجب أن يستمر.
وفق المصادر، الحثّ على “فصل السلطات” لتحرير مجلس الوزراء، يكرره منذ 12 تشرين الثاني الماضي (تاريخ انعقاد آخر جلسة لمجلس الوزراء) كلّ من عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، الا ان التعطيل لا يزال سيد الموقف، والحكومة لم تتمكن بعد من تجاوز الضوء الاحمر المرفوع في وجهها من قبل الثنائي الشيعي… اليوم، اثر عرض الاستقلال، توجّه كل من رؤساء الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء في سيارة واحدة، من اليرزة الى قصر بعبدا حيث عقدوا اجتماعا ثلاثيا. هم عرضوا لمسألة انعاش مجلس الوزراء، لكن بحسب المصادر، “ظلّ” حزب الله خيّم على اللقاء: فالضاحية متمسّكة بشروطها وأوّلها الاطاحة برأس المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق البيطار. اما رئيس المجلس نبيه بري الذي خرج من اللقاء قائلا “ان شاء الله خير”، فيسعى الى حلّ متكامل، يجمع بين تكبيل البيطار واقالة وزير الاعلام جورج قرداحي.
وسط هذه المعطيات التي تؤكد ان الانسداد على حاله، تقول المصادر ان رئيس الجمهورية صوّب امس مطولا على تقصير القضاء في عملية مكافحة الفساد. بري بدوره حمل على القضاء، فقال “معنيون جميعاً في هذه اللحظة التي هي الأخطر وجودياً على لبنان واللبنانيين، أن نحصن لبنان وإستقلاله بتحصين القضاء وتحقيق إستقلاليته كسلطة تلتزم قواعد الدستور والقانون، بعيداً عن التسييس والإستنسابية والكيدية والتطييف والتمذهب”… فهل يمكن ان يكون هذا التقاطع “النادر” بين الرجلين على انتقاد القضاء وادائه، مقدمة لتعديلات في الجسم القضائي ولتعيينات جديدة، بما يرضي الحزب والحركة، فيفرجان عن مجلس الوزراء؟!