كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:
بمعزل عن عدم جدوى التعويل على الإنتخابات النيابية، انطلاقاً من أن أي “شرعي” سيفوز لن يحكم، إلا بتسوية مع كل ما هو “غير شرعي” في البلد، وذلك لأن المجتمع الدولي نفسه يتفاوض مع “غير الشرعيين” على امتداد المنطقة كلّها، نسأل عن حركة الأحزاب اللبنانية المُتزايِدَة باتّجاه الخارج، بحثاً عن صوت اغترابي “من غيمة”.
“إكسير الحياة”
تلك الأحزاب تحشّد لـ “النيابية” القادمة، وكأنها “إكسير الحياة”، وكأننا مجموعة من المغفّلين ربما، لنصدّق أن “السياديين” و”المدنيّين”، لن يجلسوا في النّهاية على طاولة واحدة مع “غير الشرعيّين”، حتى ولو نالوا 100 نائب، في البرلمان الجديد.
جحافل
أوقِفوا الضّحك على الناس، وانصرفوا الى الأهمّ. وجنّدوا طاقاتكم الحزبية الداخلية والخارجية، في الوقت الضّائع حالياً، والذي يفصلنا عن اشتداد الأزمة الإنسانية بعد مدّة، للبحث بكيفيّة تأمين الحاجات الإنسانيّة، الكثيرة والمُلحَّة.
للأحزاب اللبنانية كافّة، ماكيناتها الإنتخابية، النّاجحة جدّاً في أنشطتها خلال أزمنة الإنتخابات. ولكن ما ينقصها هي “الماكينات الإنسانية”، القادرة على احتساب أصحاب الحاجة، على امتداد المحافظات والأقضية والمناطق، والقادرة على أن تُسَخَّر لاستفادة جميع الناس، بما هو أبْعَد من “الزحّيفة” و”الزّقيفة”، الذين لا يختلفون عن جحافل الذاهبين الى الموت في ساحات المنطقة، بإشارة من هذا أو ذاك، إلا ببعض الشكليات الخارجية طبعاً.
الخير العام
هذا هو الوقت المثالي لتُظهِروا أنكم أبناء ثقافة الحياة، لا الموت، بالفعل. وهذا هو الوقت المناسِب للمنافسة الحزبيّة الإنسانية، لا الإنتخابية فقط. ومن يدري؟ فقد تنتزعون أصواتاً من خصومكم الحزبيّين بهذه الطريقة، إذا عمّمتُم مساعداتكم على جميع الناس، وإذا أظهرتُم حرصكم على المصلحة الإنسانية العامة، وعلى الخير العام؟
في الخارج
للأحزاب اللبنانية كلّها، الكثير من الصّداقات و”اللوبيات” في الخارج، ومنذ عقود، وفي المجالات كافّة. وهذا الواقع يمكّنها من توفير الكثير من “النّواقص” والحاجات الغذائية والدوائية والطبيّة، لعدد كبير من المحتاجين إليها، في الداخل.
فاللبناني العادي، إذا سافر لتأمين الأدوية والحاجات الإنسانية الكثيرة، قد يتعرّض لما يمنعه من تحقيق هدفه في الخارج، لأسباب كثيرة، وهو ما ينطبق على المغترب اللبناني أيضاً، في طريقه الى لبنان.
مباشرة
أما الكوادر وكبار الشخصيات الحزبية وتلك المتوسّطة منها، فهي لن تتعرّض للشّروط نفسها حتماً، ولا بالوتيرة نفسها، في ما لو قرّرت وضع يدها في ذلك. فضلاً عن أنها قادرة على تسخير صداقاتها الخارجية، لصالح إدخال “الإنسانيات” الى البلد، وتسليمها للمحتاجين إليها مباشرة، خصوصاً أن ذلك لن يفكّ الحظر عن الدولة اللبنانية الفاسدة، وغير الجديرة باستلام المال، والمساعدات.
“عا الفاضي”
ما قلناه سابقاً ينطبق على مكوّنات ما يسمّى “المجتمع المدني” أيضاً، الذي يحوي في صفوفه الكثير من الفاسدين، “الملقوحين كالتنابل” في مطاعم العواصم الأوروبية والعربيّة، وفي الولايات المتحدة الأميركية، قبل أن يعودوا الى لبنان لابسين ثوب الفضيلة الإصلاحية. هؤلاء الذين ولو خرقوا “نيابية 2022” بأكثر من ثلاثين نائباً، سيجلسون مع الفاسدين، ومع “غير الشرعيّين”، جنباً الى جنب، و”العترة” على من يكون منحهم صوته، “عا الفاضي”.
برامج
لفت مصدر سياسي الى أن “الأحزاب اللبنانية قادرة على تسخير علاقاتها الخارجية للأعمال الإنسانية، ولكن ما يهمّها هو السلطة، وليس ما بعد السلطة، ولا ماذا تفعل بواسطة تلك السلطة”.
وأشار في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “تلك الأحزاب تحوّل السلطة الى تسلُّط، بعد حصولها عليها. لماذا؟ السبب بسيط، وهو أنها تفتقر الى البرامج، والى نيّة العمل على تحسين أوضاع الناس”. وأضاف: “الأحزاب اللبنانية مختلفة عن تلك الموجودة في البلدان المتحضّرة. فهي (اللبنانية) لو كانت تعمل مثل تلك الأخيرة، لما كان وصل لبنان الى الحالة الكارثية التي هو فيها حالياً، أصلاً”.
إقتراع
شدّد المصدر على أن “الأحزاب اللبنانية تحصر اهتماماتها بالتنافس على الوصول الى الهدف، وهو السلطة. وعندما تصل إليه، لا تعود تدرك ماذا تفعل به. فعلى سبيل المثال، اكتسحت قوى 14 آذار البرلمان، في عام 2005، فماذا فعلت؟ وفي عام 2009 أيضاً، اكتسحت البرلمان، أما النتيجة فكانت سقوطها في البرلمان نفسه، أي في وجدان الناس الذين صوّتوا لصالح نجاحها. وسقوطها سببه أن من يمارسون السياسة، هم أصحاب مشروع سلطوي، لا أصحاب مشروع تنموي، ولا يعملون من أجل الإنماء”.
وختم: “الكوادر الحزبيّة قادرة بالفعل على أن تختصر الكثير من الشّروط، التي قد يتعرّض لها اللبناني العادي، في ما لو أراد إدخال كميات كبيرة من الحاجات الإنسانية الى البلد. ولكن الأحزاب تحصل على مساعدات وتمويل من الخارج، وتنفقه في خدمة وصولها الى السلطة، ومشاريعها الإنتخابية. وهذا ما يجب أن يدفع كل مواطن الى أن يفكّر كثيراً قبل أن يقترع، انطلاقاً من سؤال بسيط، وهو، هل من معنى لهذا الاقتراع، طالما أن تلك هي الحالة الثابتة في البلد، بانتخابات، أو من دونها؟”.