لم ينتج عن مواجهات 14 تشرين الدامية تسخينٌ للجبهة السياسية بين القوات اللبنانية من جهة، وخصومها المعروفين في فريق 8 آذار، عنينا حزب الله وحركة امل والتيار الوطني الحر والحزب السوري القومي والبعث، من جهة ثانية، فحسب. بل بيدو، وفق ما تكشف مصادر سياسية مطّلعة لـ”المركزية”، ان ما حصل على خط الطيونة – عين الرمانة، ترك ايضا شرخا بين قيادتي الحزب وأمل، اللتين نظمتا معا التظاهرة المطالبة برحيل المحقق العدلي في جريمة انفجار المرفأ القاضي طارق البيطار.
صحيح ان الطرفين سارعا في ذلك الخميس الى اصدار بيان مشترك اتهما فيه حزب القوات بالمباشر بالضلوع في استهداف مناصريهما عبر القناصين، غير ان مع “هدوء الجبهة” تراجعت “أمل” عن هذا التصويب المباشر على معراب، في حين أبقت الضاحية عليه.
مسؤولو حزب الله كلّهم، من رأس الهرم ، اي الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، الى أسفله، يواصلون منذ اكثر من 10 ايام الحملة على القوات ورئيسها، وهم يسمّونها بالاسم. اليوم، قال عضو المجلس المركزي في “حزب الله” الشيخ نبيل قاووق ان حزب “القوات اللبنانية” يستدرج العروض لدى السعودية وأميركا منذ العام 2009، ويسوق نفسه ليعتمد في مهمة إشعال الفتنة والمواجهة مع المقاومة”، وشدد على أن “ما حصل في الطيونة أكد أن الهوية الإجرامية لميليشيا “القوات” لم تتغير ولم تتبدل، وأن مشروعها هو الوصفة المثالية لإشعال الحرب الأهلية من جديد”، مؤكدا أن “مشروع “القوات” يشكل خطرا حقيقيا وجوديا على لبنان ومستقبله، لأنه يتبنى بكل وضوح السياسة الأميركية والسعودية التي تريد جر لبنان إلى مواجهة داخلية”. اما امس، فقال رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، غامزا من قناة رئيس القوات سمير جعجع “إن المرتكب يعلم أنه أخطأ، لأنه اعترض على مسيرة قصدت تغيير قاض خرج عن سلوكيات الصدقية في التحقيق”، مضيفا “اعترض على من خرجوا، معتبرًا أنهم باحتجاجهم على استنسابية هذا القاضي قد تطاولوا على القضاء.. أما الإستدعاء لدى المحكمة العسكرية فهو يحق له ان يرفض المثول أمامها”. من جانبه، استنكر تكتل بعلبك – الهرمل السبت “جريمة مجزرة الطيونة التي ارتكبتها القوات اللبنانية ورئيسها، واعتبرها جريمة موصوفة تسعى من خلالها القوات إلى زج الشعب في حرب فتنوية طائفية”.
اما كوادر الحركة، فلا يعتمدون هذا الخطاب، بل يتحدّثون عن محاسبة “الضالعين” في الحوادث، عموما. على سبيل المثال، أكّد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب علي خريس أن مجزرة الطيونة لم تكن بحق طائفة فقط بل بحق وطن بأكمله، قائلاً “لا يمكن السكوت عما حصل وسنلاحق من ارتكب هذه الجريمة عبر مؤسسات الدولة القضائية والأمنية، وبإسم حركة أمل وشعبها نقول بأن هذا الأمر لن يمر مرور الكرام، ونحن أبناء الإمام موسى الصدر الذي تعرّض للكثير من المضايقات لكنه لم يتخلّ عن مشروع الوحدة الوطنية وصيغة العيش المشترك، ونقول لمن ارتكب هذه الجريمة لن تفلت من العقاب وسنبقى دوماً ننادي بالوحدة الوطنية وبإنشاء الدولة المدنية والعيش المشترك”.
على اي حال، هذا التباين قرأته القوات جيدا، فأخذته في الاعتبار في تعاطيها مع القضية هذه. اذ ترد معراب على الضاحية بعنف، وتطالب باستدعاء نصرالله الى التحقيق قبل استدعاء جعجع، فيما تحيّد أمل ورئيس مجلس النواب عن هذا السجال، الامر الذي حاول التيار الوطني الحر استغلاله ضد الفريقين لاعتبارات لن نغوص فيها الآن… وفي عود على بدء، تكشف المصادر ان هناك في الكواليس، تبادل للاتهامات بين الحزب والحركة، حول مَن ورّط الآخر في الاشتباكات، ومَن كان منهما يحمل السلاح ومَن اتخذ القرار بإدخال مجموعة من المتظاهرين الى عين الرمانة؟ وبحسب المصادر، فإن ما يقوله الحزب عن معرفته بأن مجموعات قواتية كانت تعدّ للفتنة، كان يجب ان تتم مواجهته بانضباط تام وكامل من قِبل الطرفين، لإحباط هذا المخطط… فلماذا لم يفعلا؟ او مَن منهما لم يفعل؟! الاسئلة كثيرة وظهور الحقيقة كاملة رهن سماح الحزب بذلك ام عدم سماحه…
المصدر : المركزية