بيروت تتحضّر للانتخابات… فهل تشهد مواجهة بين “حريريَّين”؟

كتبت صفاء درويش

رغم التصعيد السياسي الأمني العسكري الكبير في الأيّام الماضية، إلّا أنّه يمكن القول إنّ النشاط الإنتخابي قد انطلق بالفعل، لا سيما في العاصمة بيروت، تحضيرًا لاستحقاقٍ لا يزال حتى الساعة مجهول المصير، أكان سيحصل في موعده أم سيؤجّل حتى إشعارٍ آخر. 

تسعة أشهر تفصل بيروت عن الإنتخابات النيابية، هي التي تشخص الأبصار في كلّ مرّة نحوها، كون حراكها الإنتخابي هو المؤشّر الفعلي للحركة الإنتخابية السياسية العامة في مختلف الدوائر على صعيد لبنان كلّه.
ولأنّ الساحة السنّية هي نصف المقاعد وأكثر من نصف الأصوات فيها، يأتي الوقوف على تصاعد حراكها بمثابة رسم صورة واضحة عن العاصمة ودائرتها الثانية، والتي يبدو أنّ عوامل جديدة واضافية ستضاعف من مشهد الـ2018 انقسامًا ومنافسةً في الدرجة الأولى، وضبابيةً في المشهد في الدرجة الثانية.
ويعلم من خبر بيروت منذ التسعينيات وحتى اليوم، أن تصاعد حالات النفور بين أبنائها يدفع بالأغلب الأكثريّة منهم لمقاطعة الإنتخابات، فنسبة الـ35% من تصويت معظم الناخبين لم تأتِ سوى بعد جهدٍ جهيد وحملات اعلامية تخوينية مذهبية مضادة، تمكّنت خلالها القوى السياسية من تجييش أقصى طاقاتها. اليوم، قد يكون الوعي الذي تشكّل في السنتين الأخيرتين لجهة مكافحة الفساد والحاجة لسلطة انقاذ جديدة دافعاً أكثر نحو نسب أعلى من الإقتراع، لعلّ التغيير يأتي.
على صعيد عدد اللوائح، قد تساهم المفاجأة التي أحدثها القانون النسبي في انتخابات 2018 في تقليص عدد اللوائح بشكل كبير، لجهة ابتعاد كل القوى التي لم تتمكن من حصد حاصلٍ واحد على الأقل، من دون اغفال امكانية تقارب لائحتين اقتربتا من تحقيق نصف حاصل لكل منهما على أقل تقدير. هنا يأتي الحديث عن المجتمع المدني في بيروت، وامكانية خرقه للوائح السياسية للمرّة الأولى. يتوقّف هذا على عوامل عدّة أبرزها تمكّن مجموعات المجتمع المدني من الإتحاد في لائحة واحدة، والهروب من امكانية التشتّت التي حصلت في الإنتخابات البلدية الأخيرة، وقد أتى الرقم الكبير الذي حصلت عليه لائحة “بيروت مدينتي” صادمًا بحق للقوى السياسية في المدينة. 
أمّا القوى السياسيّة نفسها، والتي نسّقت لائحتيها في بيروت عام 2018 برعاية وادارة من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فنجحت في رسم المشهد كما أرادت، سنيًا وشيعيًا ودرزيًا ومسيحيًا، مع خرقٍ وحيد شكّله فؤاد المخزومي بنفسه. ولكن ما هو المشهد اليوم؟
تشير الأجواء الى أنّ الإضافة التي قد تتشكّل اليوم على الساحة البيروتية هي قرار النجل الأكبر للرئيس الشهيد رفيق الحريري بهاء الدين الحريري بتشكيل لائحة وترؤسها في الإنتخابات المقبلة، مع بقاء باقي المكوّنات على حالها. فدخول بهاء الحريري اليوم ترجّح مصادر متابعة أن يأتي على حساب شقيقه، على أن يضطر معه الرئيس سعد الحريري إلى التصعيد من لهجته السياسية لا سيما تجاه قوى مارس معها التهدئة في الأشهر الماضية. فدخول بهاء الحريري، إن حصل، وبخطابه القاسي والحاسم تجاه حزب الله، من المرجّح أن يستقطب قسماً ليس بقليل من جمهور المستقبل التوّاق نحو خطاب أقوى من خطابات الشقيق الأصغر الذي يُعتبر مهادنًا مع الثنائي الشيعي، وهذا الأمر قد يودي بالأمور نحو تصعيد متبادل من الرئيس سعد الحريري وكذلك الجانب الشيعي، لمحاولة حماية تأمين كتلة أصوات كافية للحفاظ على المكتسبات وعدم خرقها من قبل الشقيق الأكبر بهاء.
هنا من المفيد الذكر أنّ الساحة السنية في بيروت أعطت الرئيس الحريري نسبتها الأكبر، فيما تلاه كل من نائب جمعية المشاريع ثم الرئيس تمام سلام ومن بعده النائب فؤاد مخزومي. فهل يكسر بهاء الحريري هذا الترتيب في الإنتخابات المقبلة؟

الحراك الإستقطابي بدأ في أحياء بيروت، فهل سيتبدّل المشهد سنيًا في الإنتخابات المقبلة إن أجريت في موعدها؟ سؤال يحتاج لاكتمال عوامل المعركة كي تتمّ الإجابة عليه.

شاهد أيضاً

هكذا يُفشل اللبنانيون محاولات “إسرائيل بالعربية” زرع الفتنة بينهم

سعت إسرائيل مؤخرا، عبر حملات منظمة، إلى إشعال نار الفتنة المذهبية في لبنان وخاصة بين …