في ظل ارتفاع أسعار مختلف الخدمات والمنتجات في لبنان بسبب تأثرها بسعر صرف الدولار، أصبح من الضروري البحث في تصحيح الحد الأدنى للأجور، والذي بات لا يكفي لسد حاجات أسر تكافح من أجل الصمود في بلد انعدم حس المسؤولية لدى السلطة السياسية.
في هذا السياق، أوضح الباحث في الدولية للمعلومات، محمد شمس الدين ل”الأنباء الالكترونية”، أنّ “كلفة السلة الغذائية كانت قبل الأزمة، أي في نهاية العام 2019، 450,000 ليرة، أما في شهر أيلول من العام الحالي، فقد وصلت إلى 3,500,000 ليرة، أي زيادة بقيمة 677%، ومن الممكن أن تعاود الارتفاع نتيجة ارتفاع أسعار المحروقات التي تلعب دوراً أساسياً في تحديد أسعار السلع، نتيجة تكبّد تكاليف النقل، أو ارتفاع سعر صرف الدولار”.
ولفت شمس الدين في حديثٍ مع جريدة “الأنباء” الإلكترونية إلى أنّه، “بالنسبة للنقل والمحروقات، أنّ ارتفاع أسعار المحروقات سيرفع أسعار المنتجات والمواد الاستهلاكية بنسبة 25%، لانها تُنقل من مكان إلى آخر. وهذه الأسعار قابلة للارتفاع أيضاً في حال تم اللجوء إلى رفع بدل نقل الموظفين، لأنّه حينها ستضطر المؤسّسات لرفع أسعار المنتجات لتغطية تكاليف زيادة بدل النقل”.
وذكر شمس الدين أنّه، “وكي يكون تصحيح الأجور عادلاً، يجب أن يتراوح الحد الادنى بين 4,500,000 و5,000,000 ليرة. ولكن الدولة ليست قادرة على تحمّل هذا التغيير، وكذلك القطاع الخاص، إذ هناك معوقات تحول دون رفع الأجور إلى هذه النسبة”.
كما أشار شمس الدين إلى أنّ، “جدول الحد الأدنى للأجور، والذي يستوجب التعديل وفقه بقيمة 3,500,000 ليرة، يقتصر على المأكل والمشرب. وإن تمت إضافة تكاليف التعليم والاستشفاء عليه، يصبح بمعدل 6,000,000 ليرة، ولكن هذا الموضوع لا يمكن أن يُطبّق حاليا”.
وكشف أن، “لجنة المؤشّر تعقد اجتماعات بوزارة العمل لوضع مؤشر حول تصحيح الأجور، ولكن العملية لا يمكن أن تتم بسرعة، فمن الممكن أن تطبق الاستراتجية وفق زيادة 500,000 ليرة كل عام، لتفادي التضخم الاقتصادي”.
وبدوره، أعلن نائب رئيس الاتحاد العمالي العام، حسن فقيه، أنّ “البحث في لجنة المؤشر يتمركز حالياً حول ضرورة تطبيق عملية تصحيح الأجور”.
وأشار إلى أنّ، “اجتماعات لجنة المؤشر تضم وزارات الاقتصاد، والمالية، والعمل، وممثلين عن الموظفين والعمال، بالإضافة إلى الاتحاد العمالي. ووزير العمل يستعين في اجتماعات لجنة المؤشر بأصحاب الخبرات وهيئة الإحصاء المركزي. ويقوم البحث على متابعة أسعار المنتجات والخدمات في السوق، لتتم مقاربتها مع الأجور”.
وأوضح فقيه في اتصالٍ مع جريدة “الأنباء” أنّ، “بعد نيل حكومة نجيب ميقاتي الثقة، بحثنا معه هذا الموضوع، ومن ثمّ توجّهنا إلى وزير العمل، وكان هذا الموضوع على رأس الأولويات المتعلقة بالمطالب التي يدعمها الاتحاد العمالي العام”.
أضاف فقيه: “من المعيب أن يكون الحد الأدنى للأجور يساوي صفيحتي بنزين، أو اشتراك 5 أمبير كهرباء من المولّد، مع العلم أنّ الأجور يجب أن تحدّد تبعاً لعوامل خمسة، وهي: المأكل والمشرب، السكن، النقل، الاستشفاء، والتعليم”.
وكما ناشد فقيه لضرورة تصحيح الأجور، شدّد أيضاً على وجوب زيادة بدل النقل، واعتبر أنّها، “كانت كأول خطوة في مسار تصحيح الأجور. ولكن تمت زيادة بدل النقل إلى 24,000 ليرة على أساس سعر صفيحة البنزين 70,000 ليرة، إلّا أن زيادة أسعار المحروقات تستوجب زيادة حتمية في بدل النقل، وذلك لأن لبنان لا يتمتع بخدمة النقل المشترك التي تسهل حركة النقل البيئي الرخيص”.
وختم فقية كلامه مطالباً بتصحيح الحد الأدنى للأجور، ووضعه في سياق يتماشى مع التضخم الاقتصادي الحاصل، كي يتمكّن المواطن من العيش بكرامة