زيارة الرئيس ميشال عون أمس للرئيس بشار الاسد بدت متأخرة في التوقيت، بعدما أصبح الزائر رئيساً سابقاً وأمضى فترة ولايته من غير زيارة دمشق. لكن حصولها والمواقف التي أعلنها الاسد خلال استقبال ضيفه، حملت مضموناً سياسياً يتصل بأوضاع البلدين على المستويين الداخلي والاقليمي.
بالنسبة لعون، وبحسب معلومات “نداء الوطن”، فقد حاول ان يستبق زيارته لدمشق بلقاء مع الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله لوصل ما انقطع على خلفية الاستحقاق الرئاسي. لكن الوسطاء بين الرابية وحارة حريك، لم يوفقوا بترتيب موعد بسبب عدم الحصول على جواب من الامين العام لـ”الحزب”. عندئذ، قرر الجنرال ان يسعى الى لقاء الاسد فتجاوب الاخير، وتحدد موعد الزيارة منذ الاسبوع الماضي.
وبحسب المتابعين، كان الهم الطاغي عند زعيم “التيار الوطني الحر” تحصين وريثه في رئاسة “التيار” النائب جبران باسيل في مواجهة ما وصفته اوساط الضاحية بـ”التكويعة الخطرة” التي قام بها باسيل، برفض الامتثال لقرار “الحزب” ترشيح سليمان فرنجية، والذهاب الى خيار المعارضة بترشيح الوزير السابق جهاد أزعور. ومن هنا، وفي إطار الابقاء على “شعرة معاوية” بين “التيار” و”الحزب” حمل عون الى الاسد “الخيار الرئاسي الثالث” ألا وهو الوزير السابق زياد بارود لعل وعسى يعيد هذا الخيار جسور التفاهم بين شريكي “تفاهم مار مخايل” الذي جرى سابقاً وضعه جانباً. وهنا على الاسد ان يكون وسيطاً بين هذين الشريكين السابقين، فهل سيفعل؟
بالنسبة للاسد، فقد استقبل عون على رغم ادراكه تدهور علاقات حليفيه، علماً ان الاسد كان يحرص دوماً عندما يكون هناك أمر يتصل بالملف الرئاسي ان يطلب من سائله ان “يراجع” نصرالله. فهل طرأ تعديل على سياسة الاسد لبنانياً؟ وفي المعلومات ان الاسد ابلغ عون انه لا يتدخل في الموضوع الرئاسي وانه على حياد ولم يبحث الموضوع مع احد وهذا ما تبلغه فرنجية .
بعيداً عن اطلاق الاحكام النهائية، تشير معلومات “نداء الوطن” الى ان دمشق وبعدما رفع الحظر العربي الرسمي عن التعامل مع النظام السوري، بدت وكأنها “أكثر حرية” مما كانت على مدى اعوام خلت. وعزز هذه “الحرية” ما حكي عن ان الزيارة الاخيرة للرئيس الايراني ابراهيم رئيسي لسوريا لم تكن ناجحة نتيجة التباين بين الجانبين، لدى إثارة رئيسي فاتورة مالية تطالب الاسد بدفعها وتعود الى مشتريات ابرزها المشتقات النفطية، مع تسهيل بالدفع من خلال اعطاء طهران مرافق في سوريا. لكن الاسد اجاب نظيره قائلا: “لا”. وسأل الاسد رئيسي: “ماذا لو ان هذه المرافق التي تطلبونها اصبحت هدفا عسكرياً لإسرائيل، ماذا نستطيع ان نفعله؟” وهكذا انتهت زيارة الرئيس الايراني الى نتيجة سلبية.