كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:
فرض تسارع الأحداث الداخليّة والإقليميّة إيقاعه على وتيرة الحراك الرئاسي المستجد، مخلفاً ثابتتين أساسيتين في سياق هذا الإستحقاق بعد مضي ما يقارب 6 أشهر على شغور الموقع الدستوري الأول في الجمهورية اللبنانية «المتهالكة»؛
الأولى: تتمثل في إشهار تمسّك الثنائي «أمل» – «حزب الله» بفرض رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجيّة رئيساً «توافقياً» للجمهورية.
الثانية: سقوط المقاربات العددية والمبادرات الهادفة إلى توحيد أطياف معارضي الخيار الأول، على الساحة الوطنيّة وضمن البيئة المسيحيّة تحديداً («التيار الوطني الحر» – «القوات اللبنانية»)، حول سلّة من المرشحين القادرين على إخراج هذا الإستحقاق من حتميّة التسليم بخيار الممانعة. وذلك بعد حصر الموزاييك النيابي الرافض لهذا الخيار إعتراضه بالقول «لا» لشخص سليمان فرنجية، وتعذر تمكنهم من تقديم بدائل تحظى بتأييد الأغلبيّة من بينهم.
في موازاة ذلك، ورغم تكاثر «الثرثرة» عن اقتراب «الموزاييك المعارض» الذي يضم «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» وآخرين، من تبني مرشحٍ قادرٍ على خوض المواجهة ديمقراطياً في ساحة النجمة بوجه خيار «حزب الله»، توضح أوساط «التيار» لـ»نداء الوطن»، رفض العونيين الذهاب إلى اختيار أي مرشحٍ من الدائرة أو الشخصيات المرفوضة مسبقاً من الطرف الآخر (الثنائي الشيعي)، وذلك وسط التأكيد أن مفهوم «التيار» لرئاسة الجمهورية يرتكز على 3 ثوابت:
1 – الإتيان برئيس إصلاحي يحظى بالقدرة على تنفيذ برنامج عمله مع الحكومة ومجلس النواب.
2 – يتمتع بدعم وشرعيّة البيئة المسيحيّة، الأمر الذي ينطبق على شخص كلّ من رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، أو أن يكون مدعوماً من قبلهما.
3 – أن يكون مقبولاً من المسلمين.
وترى أوساط «التيار» أن رفضهم للسير بمرشح الممانعة سليمان فرنجية، كما مرشح المواجهة أو التحدي الذي تسمية «القوات»، يعود إلى تلك الثوابت الأساسيّة لمقاربتهم لهذا الإستحقاق، وسط التشديد على دعوة باسيل المسيحيين ورئيس «القوات اللبنانية» الى وجوب التفاهم على شخصيّة إصلاحية لا يمكن للمسلمين رفضها، وتحظى بغطاء المسيحيين ودعم مباشر من قبل «التيار» و»القوات»، وأن تكون قادرة على التعاطي مع مشروع بناء الدولة.
وتوقفت مصادر «التيار» عند غياب «الحراك المسيحي» عن هذا الإستحقاق، بعد فشل مساعي توحيد الموقف بين النواب المسيحيين، والتي بدأت برفض رئيس «القوات» مناقشة ورقة الأولويات الرئاسيّة، واستكملها برفضه الحوار المسيحي في بكركي قبل أن يسدل الستار على المساعي التي سعى إليها «التيار» مع البطريرك بشارة الراعي خلال يوم صلاة في بيت عنيا. وذلك تفادياً للسير بالطرح «الهمايوني» للقوات القائم على إجراء إنتخابات بين القوى المسيحيّة في بكركي، تكرّس التنافس بين المسيحيين، وتقطع طريق النقاش مع «المسلمين» حول هوية الرئيس، الأمر الذي سيدفع الشركاء في الوطن (المسلمين) إلى رفضه حكماً.
ومع تأكيد «التيار» رفضه السير في خيارات تشكل تحدياً للآخرين، شددت مصادره على أنّ الإختلاف بين القوى المسيحيّة سيرتد سلباً على مسار هذا الإستحقاق ودورهم، ويدفع الآخرين إلى القفز فوق إرادتهم إنطلاقاً من حاجة البلد إلى إعادة إنتظام سلطاته الدستورية، والتي لا يمكن الإستمرار في تجميدها باسم المسيحيين وحضورهم او إنقسامهم.
وإعتبرت أوساط «التيار» أنّ العناد والتمسّك برفض الخيار السلبي الذي لا يناسب الأكثرية الساحقة من المسيحيين، لا يمكن أن ينتج رئيساً للجمهورية، ويفتح الباب أمام القوى الأخرى إلى تخطي إرادتهم وإنتخاب المرشح الآخر في ظل المعترضين على القول «نعم» لهذا المرشح وليس لذاك!.
وتلافياً لتكرار تجربة الـ 1990 – 2005، والدخول في مرحلة جديدة من الإحباط والرفض المسيحي للسلطة القائمة، دعا «التيار» المعترضين ورئيس «القوات» إلى عدم تضييع الوقت والجلوس مع «التيار» لتقديم مرشحٍ بديلٍ يكون مقبولاً من الآخرين، ويحظى بإحترامهم بعيداً عن طروحات التحدي والمواجهة. ومع تقليل أوساط «التيار» من «الثرثرات» الجانبية بين النواب (الذين على تواصل يومي في جميع اللجان النيابية والتي تشمل نواب «أمل» و»حزب الله» و»الآخرين») كما المبادرات التي تطرح في شتّى الإتجاهات، شددت على أنّ التمسّك بمرشح الممانعة ومرشح المواجهة يقطع طريق الخروج من الركود الرئاسي الداخلي والإرتقاء بهذا الإستحقاق إلى مستوى التحديات التي يمر بها لبنان بعيداً عن الرهانات الخاطئة التي يروّج لها البعض عن اقتراب «المعارضة» و»التيار» من التوافق رئاسياً. وإعتبرت أوساط «التيار» أن تبني «القوات» و»التيار» سلة مرشحين لا تشكل تحدياً لـ»حزب الله» وتضعه في موقف صعب توجب على الحزب تبرير وتعليل رفضه الذي لا يمكن أن يكون مطلقاً لأي خيار يحظى بتأييد غالبيّة المسيحيين!.