الأمطار تُعيد الآبار المنزليّة والبرك إلى “مجاريها”

كتب داني الأمين في “الأخبار”:

عاد الطقس الحارّ إلى لبنان، إلا أنّ الأمطار التي تساقطت قبل أسابيع عوّضت حاجة الأهالي مؤقتاً إلى المياه، بعدما أدّت إلى امتلاء آبار تجميع المياه الخاصة بالمنازل، كما برك تجميع المياه الزراعية. عملياً يمكن سدّ حاجة الأهالي للمياه خلال الأشهر القليلة المقبلة. إلا أنّ برك تجميع المياه قد لا تكفي لريّ الأراضي الزراعية، إذ تبلغ المساحة التي تغطيها هذه البرك في منطقة مرجعيون وبنت جبيل نحو 96 كلم، غير أنّ ما تستوعبه من مياه لا يكفي لريّ كلّ الأراضي، حتى لو كان معدل تساقط الأمطار جيداً. وتشير دراسة استكشافية وضعتها دار الهندسة للتصميم والاستشارات الفنية، إلى أنّه «نظرياً يمكن لهذه البرك ريّ 7 آلاف دونم، لكن واقعياً، ونظراً إلى تفاوت معدل هطول الأمطار، لا يمكن ريّ أكثر من 5400 دونم».

على الرغم من ذلك، يستمرّ اهتمام البلديات ببناء هذه البرك، بعدما رُدم الكثير منها خلال فترة الاحتلال الإسرائيلي ثم مع انصراف الناس عن الزراعة، ليكتشفوا اليوم نتيجة الأزمة الاقتصادية وعودتهم إلى الأرض أن ما استغنوا عنه سابقاً عاد ليصبح حاجة أساسية لهم.
فبنت بلديتا عيترون ومجدل سلم بركتين زراعيتين جديدتين، كما عمدت بعض البلديات إلى ترميم البرك القديمة وتجميلها وتوسعتها كما فعلت بلدية بنت جبيل. ونظراً إلى زيادة عدد المزارعين في المنطقة، قامت جمعية «شيلد»، بدعم من برنامج الأغذية العالمي وبتمويل الوزارة الاتحادية الألمانية، بإنشاء برك زراعية عدّة في المنطقة الحدودية وتأهيلها، من بينها «بركة صغيرة في بلدة الهبّارية لتأمين الريّ لحرج صنوبر، وبركة في بلدة عيترون، وتأهيل بركة في بلدة الطيري، وإنشاء برك في بلدات بليدا، حداثا، عيتا الشعب وعدشيت القصير» كما يقول المنسّق العام للجمعية غسان أبو حيدر.

يؤكد المزارع أحمد حسن أنّ «البركة الزراعية التي أنشأتها جمعية شيلد في بليدا ساهمت في زيادة عدد المزارعين وتحسين نوعية الزراعة في البلدة»، لافتاً إلى أن «المنطقة تحتاج إلى برك زراعية أخرى، إضافة إلى تأمين وصول مياه الليطاني إلى المنطقة». وفيما يذكر المزارع حسن عطوي أن «بركة كونين هي من أقدم برك جبل عامل، حُفرت منذ مئات السنين وكان مزارعو المنطقة يعتمدون عليها نظراً إلى وجودها في منخفض بين بلدات بنت جبيل وعيناثا والطيري وبيت ياحون»، يؤكد على «ضرورة تأمين مياه الريّ إلى الأهالي عبر نقل مياه اللّيطاني إلى البرك الموجودة بعد جفافها، وإنشاء برك جديدة».

وعلى الرغم من نهوض المنطقة العمراني، ما زالت هذه البرك من المعالم الأساسية للقرى والبلدات، ففي بلدة شقرا أصبحت بركتها محاطة بالمحال التجارية الكبيرة، وهي مكان تجمّع شبان البلدة الرئيسي. لكن يبدو أن البرك الحديثة تحتاج إلى وقت طويل كي تصبح قابلة لحفظ المياه لفترات طويلة، أما استخدام النايلون العازل فقد أثبت فشله لأنه لا يصمد طويلاً ويتعرّض لمشكلات مختلفة تؤدي إلى تسرّب المياه ونفاذها من البرك، كما حصل في برك صفد البطيخ وحولا. وفي بلدة رميش، لا تزال بركتا البلدة المصدر الأساسي الذي يعتمد عليه الأهالي في زراعة التبغ. يقول المزارع طوني الحاج (45 عاماً): «بركتا المياه هما سرّ صمود المزارعين هنا» مشيراً إلى أنّهما «قديمتان جداً ولا نعرف تاريخ بنائهما، وهما محاطتان بالحجر الصخري فيما أرضهما ترابية».

شاهد أيضاً

“استقلال البلد مهدد”… باسيل: دخلنا في حرب لم يكن يجب أن نقع فيها

أكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أنَّ “الحفاظ على الإستقلال هو أصعب من …