أعلن وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن أنه “البنك الدولي خصص 200 مليون دولار، لمشروع التحول الزراعي- الغذائي الأخضر لأجل التعافي الاقتصادي في لبنان، وللمساهمة في توفير الأمن الغذائي”.
جاء ذلك خلال ورشة عمل مع البنك الدولي شارك فيها الوزير الحاج حسن ووزير الصناعة في حكومة تصريف الأعمال جورج بوشكيان إلى جانب وفد من البنك الدولي ضم: مدير قطاع التنمية المستدامة سليم روحانا، الأخصائي البيئي محمد قنديل، وأخصائية القطاع الخاص زينة الخوري، فريق عمل صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، رئيس اتحاد بلديات بعلبك شفيق شحادة، رئيس بلدية بعلبك بالتكليف مصطفى الشل، مدير مديرية العمل البلدي ل”حزب الله” في البقاع الشيخ مهدي مصطفى، مسؤول مكتب الشؤون البلدية لحركة “أمل” في إقليم البقاع صبحي العريبي، رئيس تجمع الصناعيين في البقاع نقولا أبو فيصل، وفاعليات نقابية وزراعية واقتصادية وبيئية.
وتحدث الوزير الحاج حسن، فقال: “أهلا بكم جميعا في مدينة الشمس بعلبك، مدينة التاريخ، مدينة التعايش والعيش الواحد، مدينة المفكرين والعلماء، وهي أيضاً مدينة الحرمان، ومدينة الشهداء الذين سقطوا في طريق الإنسانية، وأعتقد أن أعظم ما يمكن أن يقدمه الإنسان هو روحه في سبيل وطنه. وفي هذا الإطار نحن نعمل وإياكم في سبيل خدمة الإنسان والوطن الذي هو بأمس الحاجة اليوم إلى هذه الشراكة، التي تبنى من الأسس الأساسية الأولية في المجتمعات، عنيت بذلك الجمعيات، التعاونيات، الأحزاب، البلديات، وصولا إلى العمل النقابي والمؤسسات التي تُعنى بالعمل الزراعي، والمنظمات الدولية والحكومة. وأنا أؤمن أن عصب هذا المجتمع هو كل الناس، نحن جميعا عصب هذا الوطن”.
وتابع:”البنك الدولي خصص لهذا المشروع 200 مليون دولار، نحن نؤسس لخمس سنوات وللحظة اقتصادية من بوابة واسعة جدا، هي بوابة الزراعة والأمن الغذائي وسلامة الغذاء، وقد وصلنا إلى المرحلة التي تتحدث فيها بعض المنظمات الدولية بنفس اللغة التي نتحدث فيها، فعندما التقيت وفدا رفيع المستوى من البنك الدولي كنت واضحا وصريحا، قلت لهم أتمنى من كل قلبي ان تستمر هذه المسيرة بأن يتحدث البنك الدولي بلغة واضحة جدا حول رغبته باستدامة الأمن الغذائي من البوابة الزراعية والاقتصادية والصناعية، نحن لسنا بلدا مأزوما، أي أننا لا نحتاج إلى مساعدات، بل نريد ان نؤسس ونتشارك وإياكم في رؤية واحدة مشتركة، نحن لدينا مفكرين وتقنيين وأصحاب اختصاص ورياديين في العمل الزراعي وغير الزراعي”.
وأشار إلى أن “هذا المشروع يستهدف أبرز القطاعات المنتجة: سلاسل الإنتاج، المياه وندرتها، تأمين الطاقة البديلة، الإرشاد الزراعي، والعمل التعاوني بكل تفرعاته وتفاصيله. والقرض الذي سنحصل عليه من البنك الدولي البعض منه هبة، والبعض الآخر عبارة عن قروض ستكون مخصصة للمؤسسات الصغيرة والهيئات التي لها وجهة قانونية. وبما أن القطاع المصرفي شبه منهار بالكامل هذا الأمر يحتم علينا أن نجد السبيل والفرصة لعملية الربط بين القرض وتفعيله على الأرض وفق آلية واضحة من خلال كفالات التي ستتولى هذا الأمر بكل تفاصيله، ولن يكون هناك أي ثغرة، عندما نعتمد مبدأ المحاسبة. كلنا يمكن أن نخطئ ولكن الخطيئة أن لا نحاسب كمجتمع من يتصدر ويتولى المسؤولية”.
وأضاف: “نحن كوزارة زراعة وضعنا خطة استراتيجية ممتازة جدا، بالشراكة مع منظمة الفاو مشكورة، ولكن بعد الحرب الأوكرانية الروسية وجائحة كورونا، انقلبت كل المقاييس، بتنا بحاجة إلى أن يكون هناك أولويات قد تسبق الخطة الاستراتيجية، وهذا ما وضعناه قبل حوالي عام ونصف، حيث وضعنا استراتيجية طوارئ تعتمد على تأمين الأساسيات في القطاع الإنتاجي الغذائي اللبناني، لتأمين ما يعرف بالأمن الغذائي. بدأنا الحديث عن القمح وعن الطاقة البديلة، وعن تخفيف الأكلاف، وعن ندرة للمياه في بلدنا في الوقت الذي نحن في لبنان نطفو على بحيرة من المياه الجوفية ولدينا 14 نهرا ساحليا لا نستفيد من مياهها إلا بحوالي 10 % فقط، لذا كان التوجه إلى إنشاء بحيرات تجميع المياه، ولدينا ما بين 7 و 8 بحيرات لتجميع المياه مهمة جدا سنعمل على توسيعها لتعزيز المساحات المروية، كما يجب الربط بين الإنتاج والإستهلاك“.
وأوضح أنه “من المعيب علينا أن نبقى نستورد شهريا 23 ألف طن قمح لنأكل، سوريا بلد مأزوم ولديها اكتفاء ذاتي بالقمح تقريبا، لذلك كان إصرارنا على تشجيع زراعة القمح الطري، زرعنا 15 ألف دونم هذه السنة، والرغبة كانت ب 200 ألف دونم، بالشراكة مع منظمة الفاو التي أعطتنا هبة 250 ألف دولار، واشترينا القمح الذي يناسب أرضنا ومنطقتنا، وهو أكساد 1133، ونحتاج إلى الاستمرارية”.
وعزا ارتفاع سعر كيلو البصل إلى 70 ألف ليرة إلى أننا “نلتزم بالاتفاقيات مع الدول وهناك روزنامة زراعية، ففتحنا الاستيراد من مصر في مطلع شهر كانون الأول الماضي، فقالت النقابات ما زال لدينا 15 ألف طن من البصل وهذه الكمية كافية لمدة 4 أشهر، وإذا دخل البصل المصري سوف يؤدي الأمر إلى إلحاق الضرر بإنتاجنا، والآن كانت الصرخة، بسبب تصدير كميات كبيرة من البصل إلى العراق وليبيا وبلد ثالث، كما أن البصل ارتفع سعره عالميا، والكيلو في سوريا حوالي 1.8 دولار، لذا سنتخذ بعد ظهر اليوم قرارا بعدم السماح بتصدير البصل من لبنان. ونشدد على أهمية موضوع الأسواق الشعبية لتخفيف هامش الأرباح، حيث تكون هذه الأسواق همزة الوصل بين المزارع والمستهلك”.
وأكد أن “4 موضوعات تم الاتفاق عليها مع البنك الدولي، الطاقة الشمسية لصغار المزارعين، تأمين المياه، سلاسل الإنتاج والإرشاد الزراعي وتحسين وجودة المنتج اللبناني وتخفيف الأكلاف، والعمل التعاوني. والأهم الربط بين القطاع الخاص والقطاع العام، وأنا أؤمن بأن القطاع الخاص رافعة أساسية ومدماكا أساسيا في سبيل نهضة القطاع الزراعي”.
وختم الحاج حسن: “وزارة الزراعة هي وزارة كل واحد منكم، ليست محسوبة على أحد، ولن تكون محسوبة على أحد، أنا أنتمي إلى مدرسة الإمام السيد موسى الصدر الذي هو أكبر بكثير من أي انتماء، الامام الصدر مدرسة إنسانية مطلقة، وهو الذي كان ينادي دائما بهذا الوطن وبنهائية هذا الوطن، واعتقد ان هذه الفلسفة هي التي غيبت الإمام الصدر، لانه كان يُراد لهذا الشرق أن يدخل في حمام دم، ولهذا اللبنان أن يبقى بعيدا عن المسرح الدولي”.
بدوره الوزير بوشكيان تمنى “النجاح لهذا المشروع المموّل من البنك الدولي بهدف دعم الزراعة والتصنيع الغذائي والزراعي وتطوير المؤسسات الانتاجية الصغيرة والمتوسطة ومساعدتها ومواكبتها في التحديث والالتزام بالمواصفات والتسويق والانتاج”.
وأضاف: “هنيئاً للصديق الدكتور عباس الحاج حسن ابن بعلبك المتعلّق بالأرض والمتشبّث بها على نجاحاته وتصميمه على انهاض الزراعة، ومشكورة وزارة الزراعة على المبادرة والحصول على تمويل البنك الدولي لهذا المشروع الرائد الذي يغطي عكار والبقاع والجنوب وهي مناطق زراعية استراتيجية في لبنان، ونحن في وزارة الصناعة أحطناها بدراسات ومشاريع لإقامة مناطق صناعية فيها تواكب نمو التصنيع الغذائي والزراعي والتعافي الاقتصادي فيها”.
وتابع: “نحن مدعوون الى تثبيت هوية لبنان الصناعية والزراعية والإنتاجية، ولقد آن الآوان أن يعود المواطن اللبناني إلى جذوره وتقاليد أجداده وآبائه، والاعتناء بالأرض، وإحياء تراث لبنان الأخضر والمياه العذبة والينابيع والأنهر”.
واعتبر أنه “عندما تتطور الزراعة، تكبر المساحات الخضراء، تتمدد المزروعات، ويوجه المزارع نحو زراعات ذات قيمة مضافة، ويشكل الانتاج مواد أولية للتصنيع الزراعي، فلا يعود المزارع محتاراً في أمره، رامياً إلى التخلي عن أرضه وبيعها أو البناء فيها لتفادي مواسم الكساد وعدم التصريف”.
ورأى بوشكيان أن “التكامل ضروري بين الزراعي والصناعي الذي يأتي دوره المباشر في التدخل، وتأسيس المصانع الصغيرة والمتوسطة القريبة من المناطق الزراعية ومن المياه. وتقام التعاونيات الضرورية أيضاً للتجميع والتبريد والحفظ والتسويق”.
واعتبر أن “الصناعي كون خبرات متراكمة وشهرة واسعة وعلامات تجارية ذات طلب عالمي في صناعات متعددة، أبرزها قطاع التصنيع الغذائي والزراعي. ونحن في الوزارة، ندعم ونساعد ونحمي القطاع من المنافسة غير الشرعية، ومن اغراق الأسواق اللبنانية بسلع لا تتمتع بالجودة المطلوبة”.
وختم: “تتوج العملية بالتعاون الثلاثي الثابت والمستمر بين وزارات الصناعة والزراعة والاقتصاد والتجارة لتأتي النتائج مترافقة مع الأهداف التنمويّة المرسومة. وفي النهاية، أجدد تمنياتي بالنجاح لهذا المشروع الذي يُختصر بكلمة Gate بالانكليزية التي ترجمتها الى العربية بوابة. وآمل أن يكون الانتاج هو البوابة الحقيقية لعبور لبنان من الركود والجمود الى النمو والنهضة والازدهار”.
واعتبرت ديما صادر باسم فريق عمل “صندوق التنمية الاقتصادية والاجتماعية أن “الأزمات التي نعيشها متعددة ومترابطة وغير مسبوقة بقساوتها وانعكاساتها علينا كلبنانيين، في ظل تقلص الناتج المحلي الاجمالي، وارتفاع نسبة البطالة، والوضع المأزوم الذي نعيشه في بلدنا”.
وأشارت إلى أن “القطاع الزراعي الغذائي أظهر بعض المرونة والصمود، فهو يؤمن الدخل لحوالي 20 % من اللبنانيين، وشكل خلال الأزمة حوالي 17% من الصادرات”.
وأضافت: “انطلاقا من الفرص المتاحة، تعمل الحكومة مع البنك الدولي لإعداد برنامج يحدث للاستثمارات لخلق فرص عمل في كل من الشمال وعكار والجنوب والنبطيه والبقاع وبعلبك الهرمل، وهذا البرنامج قيد الإعداد والتحضير، وهو يستند على الاستراتيجية الوطنية المعدة من قبل وزارة الزراعة ويهدف إلى ترشيد استخدام الموارد الطبيعية والبيئية في لبنان”.
وعرضت صادر “أهداف ومحاور مشروع التحول الزراعي الغذائي”.
وناقشت الجلسات المواضيع التالية: “الإطار والاثار والمخاطر البيئية والاجتماعية للتدخلات المتوقعة والإجراءات التخفيفية، الاستثمار الزراعي الأمثل الملائم مناخيا والقادر على المنافسة، بناء وتطوير المهارات والقدرات الانتاجية والتنافسية، المنح المشروطة، القروض الميسرة، توفير البنى التحتية والخدمات الملائمة بيئيا للتطوير الزراعي، توفير الدعم الفني للمجتمعات الزراعية، والإطار التشاركي في تحديد الأولويا”.
وجرى نقاش وحوار واعداد للمقترحات العملانية.