كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
لم تسلم المخيّمات الفلسطينية في لبنان من تداعيات الزلزال المدمّر الذي ضرب تركيا وسوريا منذ أكثر من أسبوع، وقد أدّى بالتزامن مع العاصفة «مريم» إلى تشقّق المزيد من منازلها وتصدّعها، وهي في الأصل متداعية وآيلة للسقوط، لتفاقم معاناة أبنائها، وسط دعوات مدنية وشعبية لاعتبارها منكوبة.
ورغم تقدّم هواجس الخوف من إنهيار بعضها في حال تكرّر الزلزال أو وقعت هزّة قوية، والدعوات إلى اعلانها منكوبة والقيام بمسح ميداني عاجل بعد التقديرات بوجود أكثر من 5500 منزل متصدّع وآيل للسقوط في مختلف المخيمات، إلا أنّ أبناءها حرصوا على التضامن مع منكوبي تركيا وسوريا، على قاعدة من ذاق التشرّد واللجوء وفقد المأوى يدرك جيّداً حجم معاناتهم اليوم وقد هجّر من الوطن.
أولى مشاهد التضامن تجلّت برفع التكبيرات من مآذن المساجد وإقامة صلاة الغائب عن أرواح الضحايا والدعاء للجرحى بالشفاء العاجل وبلسمة أوجاع المنكوبين في الأوقات العصيبة.
ثاني المشاهد، إطلاق سلسلة مبادرات فردية وجماعية للمساهمة في العمليات الاغاثية والانسانية والطبّية رغم الفقر المدقع والبؤس، حيث تبرّع أبناؤها بما تيسّر لهم من أموال نقدية، أدوية، حليب للاطفال، حرامات وفرش وخيم عبر حملات أهلية لبنانية منها وفلسطينية.
وثالث المشاهد، تنظيم وقفات تضامنية بدعوة من هيئة العمل الفلسطيني المشترك في مختلف المخيمات ومنها في منطقة صيدا رفضاً لقانون قيصر الظالم، وقال أمين سرّ اللجان الشعبية الفلسطينية في منطقة صيدا عبد الرحمن أبو صلاح: «المثل العربي الشعبي يقول الميّت ما بشيل ميّت، إلا أنّ شعبنا العظيم ورغم ظروفه القاسية وعلى أكثر من صعيد هبَّ لنجدة أهلنا المتضرّرين إن كان على الصعيد الرسمي أو الشعبي والمؤسساتي وحتى على الصعيد الفردي، فأثبت أوج تفانيه وعظمة أخلاقه ورفعة حسّه ونخوته ومروءته».
وقال مسؤول ملف «الأونروا» في «حركة الجهاد الإسلامي» في لبنان جهاد محمد لـ»نداء الوطن»: «إن الشعب الفلسطيني يدرك أكثر من غيره مرارة التشريد من المنازل وتدميرها، بعدما ذاق ويلاتها على مدى عقود طويلة جرّاء نكبة فلسطين واعتداءات العدو الاسرائيلي ونزوحه القسري عن البيت والأرض. التضامن مع المنكوبين هو التضامن مع الذات أيضاً، إذ بين الضحايا والجرحى فلسطينيون يقطنون في البلدين»، ودعا وكالة «الاونروا» إلى تحمّل مسؤولياتها فوراً وتلبية احتياجات اللاجئين وتوفير المأوى لهم والغذاء والاغاثة.
مع وقوع الزلزال، أطلقت «الأونروا» نداء عاجلاً لتلبية احتياجات اللاجئين في سوريا، إذ هناك نحو 57 ألفاً من اللاجئين الفلسطينيين المتضرّرين من زلزال تركيا وسوريا، من أصل 438 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون في 12 مخيماً، فضلاً عن شمال سوريا التي تعدّ مسكناً لحوالى 62 ألف لاجئ فلسطيني يعيشون في مخيّمات اللاذقية، النيرب، عين التل، وحماة، وحولها، وحوالى 90 في المئة من العائلات في حاجة للمساعدة بسبب الزلزال.
ووفق الإحصائيات الفلسطينية الرسمية، فإنّ عدد الضحايا الفلسطينيين في تركيا وسوريا قد بلغ 64 منهم 46 لاجئاً فلسطينياً في مختلف المناطق السورية في حصيلة غير نهائية، نظراً إلى استمرار أعمال الإنقاذ والانتشال، في وقت لا يزال مصير عدد من العائلات الفلسطينية مجهولاً، بينما اعتبر سفير فلسطين في سوريا سمير الرفاعي أنّ بعض المخيمات قد تعرّضت إلى نكبة جديدة بفعل الزلزال، حيث تقع ثلاثة منها ضمن دائرة الزلزال، وهي: مخيم الرمل في اللاذقية، ومخيم النيرب، ومخيم حندرات في حلب، إضافة إلى تجمّعات فلسطينية متفرّقة في المحافظات الشمالية بسوريا.