كشفت أوساط معارضة لـ”الجمهورية” أنّ التطورات القضائية في ملف انفجار المرفأ أزالت إلى حد كبير التباينات بين مكونات المعارضة التي وصلت إلى اقتناع بأنّ خصمها السياسي هو المستفيد من شرذمتها من جهة، وانّ خلافاتها تُبقيها في موقعَي ردّ الفعل والعاجزة عن الدفع نحو الحلول المطلوبة من جهة أخرى، وكشفت عن مراجعة أجراها بعض مكونات المعارضة وانتهت إلى 5 خلاصات أساسية:
– الخلاصة الأولى، انّ تجربة الأشهر الثمانية منذ الانتخابات النيابية غير مشجعة، وفي حال استمرت الأمور على المنوال نفسه فإنّ الخاسر الأكبر سيكون لبنان والشعب اللبناني، ويتحوّل دور المعارضة هامشياً وثانوياً وغير مؤثِّر في مسار الأحداث المحلية.
– الخلاصة الثانية، انّ الناس اقترعت للمعارضة على اختلاف وجوهها وصفوفها، حيث فضّلت هذا الفريق المعارض على ذاك، وهذا حقها، ولكنها اقترعت في العمق مع المعارضة وضد السلطة ومكوناتها. ومن هنا، فإنّ من مسؤولية المعارضة، لا الناس، أن توحِّد صفوفها تَرجمةً لرغبة الشريحة الواسعة من الناخبين التي وضعت آمالها في الانتخابات كمدخل إلى التغيير، وما يجدر التوقّف عنده انّ الناس مُحبطة بفِعل الشرذمة وخائفة من ان يستعيد فريق السلطة المبادرة السياسية وينجح في انتخاب رئيس للجمهورية من صفوفه.
– الخلاصة الثالثة، انّ من يعتقد انه من خلال تَمايزه عن جميع الكتل النيابية المعارضة والموالية يكسب شعبياً فهو مخطئ، وفي استطاعته استمزاج رأي الناس ولا يستطيع التلطّي خلفها بحجّة انّ هذا ما تريده التزاماً بشعار “كلن يعن كلن”، لأن الناس تريد الخروج من الانهيار والأزمة، وهذا الخروج غير ممكن سوى من خلال وحدة صفوف المعارضة واتفاقها على القضايا الأساسية. وبالتالي إذا كان هناك مَن يريد التمايز للتمايز تسليطاً للضوء على صورته ودوره، فليبق لوحده معزولاً كون المصلحة الوطنية العليا تتجاوز كل الاعتبارات الشخصية.
– الخلاصة الرابعة، انّ التمييز ضروري بين المواقف السياسية وبين الفعالية السياسية، وما يُزعج الموالاة ويُربكها ليس المواقف السياسية إنما الفعالية السياسية القادرة على الفعل والتأثير والتغيير، والفعالية تتطلّب وحدة صَفّ وموقف ومن دونها ستبقى المعارضة تُحصي الخسائر بدلاً من ان تُسجِّل الأهداف في مرمى أخصامها.
– الخلاصة الخامسة، انّ المشهد الوحدوي الذي قدّمته المعارضة في المواجهة القضائية يجب ان ينسحب على المواجهة الرئاسية التي تبقى الاستحقاق الوطني الأبرز لثلاثة أسباب أساسية:
ـ السبب الأول، كَون وحدة صف المعارضة ستؤدي إلى توليد دينامية رئاسية تقود إلى إنهاء الشغور الرئاسي، وأحد أسبابه انّ الفريق المعطِّل لهذا الاستحقاق يستفيد من شرذمة المعارضة وغياب الضغوط الجدية التي تدفعه الى حسم موقفه الرئاسي.
ـ السبب الثاني، كَون الانتخابات الرئاسية ستحكم لبنان لـ6 سنوات مقبلة، وانتخاب رئيس الجمهورية المناسب يشكل ضابط إيقاع المرحلة من خلال توقيعه ودوره كساهر على الدستور.
ـ السبب الثالث، كَون التغيير الحقيقي في الممارسة يبدأ من أعلى الهرم، ومجرّد تشكيل سلطات دستورية لا أولوية لها سوى الالتزام بالدستور ومصلحة لبنان والشعب اللبناني يعني انتقال هذا النهج إلى كل مؤسسات الدولة او معظمها، ما يؤدي إلى نقل لبنان إلى مرحلة وطنية جديدة.