كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
تحوّلَت أمس جلسةُ لجنة الإدارة والعدل النيابية والتي كانت مقرّرة لمتابعة مناقشة إقتراح قانون إستقلالية القضاء في ما خصّ ملاحظات وزارة العدل وتحديد آلية انتخاب أعضاء مجلس القضاء الأعلى، إلى ما يشبه المواجهة المباشرة بين نواب «حزب الله» وحركة «أمل» من جهة ونواب «تغييريين» من جهة ثانية على خلفية الإتهام بتسييس القضاء والتدخل في عمله، لدرجة تحميل نواب «التغيير» مسؤولية الحرب الأهلية! على حدّ توصيف النائب وضاح الصادق.
أجواء التوتر التي وصلت أصداؤها إلى خارج القاعة العامة لمجلس النواب، بدأت عندما طلب النائب حسين الحاج حسن الكلام بالنظام واسترسل في انتقاد المحقق العدلي القاضي طارق البيطار وما تسرب من معلومات حول الخطوات والإجراءات المتعلقة بالتحقيق في انفجار مرفأ بيروت، ثم توسّع النقاش الذي انضم إليه كل من النائبين غازي زعيتر وعلي حسن خليل الذي قدم مطالعة دامت نحو 40 دقيقة مستعرضاً فيها كل الإجراءات والخطوات القانونية التي قام بها في وزارة المالية ومستذكراً ما وصفه بأنّه تدخل في عمل القضاء وبأنّ القاضي البيطار يُنفذ أجندات سياسية.
ووفق المعلومات فإنّ بعض العبارات كانت حادة ونابية وقد جرى توجيه إتهامات للنواب الذين تضامنوا مع الناشط وليم نون أمام مبنى أمن الدولة عندما تمّ إستدعاؤه للتحقيق معه في التطاول على القضاء، وهو بحدّ ذاته تدخل في عمل القضاء. وتمّ أيضاً التذكير بأحداث الطيونة وكيف أنّ رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع رفض المثول أمام القضاء وغير ذلك من الوقائع والإستشهادات التي زادت من منسوب التوتر في الجلسة.
وبطبيعة الحال كانت مداخلات لنواب «تغييريين» دافعوا عن القاضي البيطار والقضاء ككل ولا سيما منهم النواب ملحم خلف، حليمة قعقور، بولا يعقوبيان ووضاح الصادق الذي رأى أنّ هناك كلاماً وتعابير ما كان يجب أن تُستخدم داخل قاعة مجلس النواب، فالجميع هنا منتخب ويُمثل اللبنانيين، مشيراً إلى أنّه «توافق مع النائب علي حسن خليل على ضرورة أن يتم استدعاء كل من تطاول على القضاء، وكما تمّ إستدعاء وليم نون يجب استدعاء الحاج وفيق صفا إلى التحقيق على قاعدة أنّ المطلوب إحترام القضاء واستقلاليته، لا سيما وأنّ ما قيل داخل القاعة وما قُدم من محاضرات عن هذا الموضوع وكأننا نحن هنا في المجلس كنواب تغيير منذ 30 سنة وليس العكس، فغريب إنتقاد وقوفنا إلى جانب القضاء واتهامنا بالشعبوية في كل خطوة نقوم بها».
بدوره، النائب ملحم خلف فضّل عدم توتير الأجواء في البلاد التي لم تعد تحتمل المزيد من الويلات، بينما تساءل النائب أسامة سعد عن أسباب التوتر التي سادت الجلسة.
وبينما وصف النائب مروان حمادة أجواء النقاش التي سادت في بداية الجلسة بأنها تؤشر الى الإنقسام القائم في البلاد والتحلل الذي أصاب كل المؤسسات، كان ملفتاً عدم تعليق نائب «التيار الوطني الحر» ومقرر اللجنة النائب جورج عطاالله، في حين سجل نائب «القوات» جورج عقيص تحفّظه على بعض ما ذكرعندما تم استعراض مرحلة طلب الإتهام الذي أرسله المحقق العدلي السابق القاضي فادي صوان إلى مجلس النواب السابق وقرار الهيئة المشتركة المؤلفة من هيئة مكتب مجلس النواب ولجنة الإدارة والعدل.
كذلك فشل رئيس اللجنة النائب جورج عدوان الذي تجنّب الحديث لوسائل الإعلام وإصدار بيان بعد إجتماع اللجنة، في إعادة الأمور إلى نصابها لجهة تصويب النقاش الذي كان يُفترض أنّه مخصص لمتابعة قانون إستقلالية القضاء.
وفي المحصلة تمّ الإتفاق على متابعة هذا القانون في جلسة ستُحدد يوم الثلاثاء المقبل للبحث في ملاحظات وزيرالعدل التي كان أرسلها إلى مجلس النواب والتي تقترح وجود ثلاثة أعضاء حكميين وانتخاب أربعة أعضاء ويتولى الأعضاء السبعة إنتخاب الأعضاء الثلاثة المتبقين من أصل العشرة الذين يتألف منهم مجلس القضاء.
تبقى الإشارة إلى أنّ إقرار هذا القانون من شأنه أن يُوفرالكثير من السجالات وتبادل الإتهامات حول التدخل في عمل السلطة القضائية التي يُفترض أن تُصبح مستقلة بعيداً عن السياسة والتسييس وتدخل القوى السياسية في عملها، إلّا إذا كان هناك من لا يُريد لهذا القانون أن يُبصر النور.