كتب عمّار نعمة في “اللواء”:
هل ورّط النواب التغييريون أنفسهم في اعتصامهم النيابي منذ أيام وسط شعار كبير كان الجميع يعلم شبه استحالة تحقيقه؟
سؤال يُطرح في أوساط معارضي السلطة من قوى سياسية وشعبية وحتى داخل أروقة النواب التغييريين، لكن من دون تظهيره إلى العلن. فالاعتصام، الذي لا يريد النواب تسميته بذلك أصلاً، يهدف في المحصلة إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية عبر تفعيل جلسات الانتخاب واستمرارها وهو هدف لا يقتصر على هؤلاء النواب بل يشمل معارضي المنظومة.
لكن الدعوة إلى الاعتصام، كما يقول متابعون للحراك النيابي الحالي، جاءت بعد نقاش طويل اتخذ أسابيع ولم يؤد الى نتيجة.
هذه النتيجة بعدم الاتفاق على شكل الاحتجاج خرقها قرار فردي من قبل النائب ملحم خلف تضامنت معه فيه النائبة نجاة صليبا. وبغض النظر عن صواب هذا الخيار أو لا، فإنه يشكل تحريكاً للمياه الراكدة وخرقا رمزياً للجلسات النيابية غير المثمرة.
أما وضع هدف وحيد وهو انتخاب رئيس للجمهورية فهو ما يشكل نقطة الضعف في التحرك وأسئلة حول مآلاته.
ثمة من يقول داخل أجواء شارع التغييريين، إن الاتيان برئيس للجمهورية من التركيبة القائمة ليس الحل حتى لو كان معارضا للمنظومة. فالمعركة ليست رئاسة الجمهورية، بل المعركة هي مع هذه المنظومة التي تسببت بهذا الفراغ في الرئاسة وفي الحكومة وفي الإدارة ونحن مقبلون على فراغات أخرى.
لذا فالمسألة ليست في الدعوة إلى جلسات الانتخاب، بل هي في الذهنية عند النواب المعطلين التي يحاربها المعارضون كونها ترغب بالمحاصصة حتى في الرئاسة. وفي ظل الفراغ الحالي فإن المدخل يتمثل في انتظام عمل المؤسسات الدستورية وأساسه انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة والنقاش حول النهوض الاقتصادي، وقد دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى جلسات لكن النواب لم ينتخبوا الرئيس، فماذا نستطيع فعله اذا فُتحت الجلسات والنواب نفسهم لم يحضروا؟ سؤال يطرحه بعض التغييريين.
من جهتهم، يعتبر المعتصمون بأن دورهم معطل في الانتخاب والتشريع والرقابة، لكن نقص الإعداد تجلى في ضعف المساندة الشعبية لتلك الخطوة الجيدة، حسب وجهة نظر تغييريين منتقدين لخطوة الاعتصام، ورفع السقف يتطلب تحضيرا أفضل وعدم التفرد ومن ثم دعوة الآخرين إلى اللحاق بالركب.
على أن هذا الحراك أنجز في إحراج أكثر من طرف، وهناك من أُحرج من بين النواب أنفسهم قبل استدراك الموقف بتوحيده وراء تلك الخطوة التي نجح خلف في تفعيلها.
إلا أن الغموض يبقى في المخرج وفي عدم القدرة على التراجع ما بات يمثل تحدياً ويتعلق بسمعة القائمين على الحراك النيابي نفسه، علما أن التجربة التغييرية تتعرض منذ اللحظات الأولى لها لهجمات تتحيّن كل فرصة لتشويهها.
ولذلك يحرص جميع مؤيدي التغيير على حفظ ماء وجه المعتصمين في سبيل حماية الإنجاز على طريق المزيد من الاستحقاقات وإنجاح التجربة التي ستتعرض لامتحان جديد في الانتخابات البلدية المقبلة إذا جرت.
على هذا الطريق أُقيم حوار بين المعتصمين ونواب معارضين وتم بحث في أسماء لمعركة الرئاسة ليقترب المرشح المفترض إلى 60 صوتاً في المجلس، لم يثمر أي اتفاق حولها حتى اللحظة.
سيُفعّل هذا الحوار وسط تصاعد التضامن النيابي مع الحراك، لكن مع طول المدة الزمنية له سيكون على المعتصمين إبتكار وسائل جديدة والخيارت لديهم عديدة، منها ما يتردد عن اللجوء الى الإضراب عن الطعام وهي فكرة ما زالت في مهدها قيل إن خلف يبحثها لكنها لم تنل حتى اللحظة التأييد. علما أن ثمة من يقول إن ذلك سيشكل مخرجاً لائقاً للاعتصام في حال تراجُع الظروف الصحية لأي مُضرب عن الطعام ودخوله المستشفى.