كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:
لا تقتصر تعديات «قوى الأمر الواقع» على فرض نفوذها في إطارٍ جغرافيٍّ محدد، لا بل هي في حالة تمدّد مستمرّ. وبعد التمادي الممنهج في تعطيل انتظام عمل المؤسسات الدستوريّة الآيلة إلى التحلل، حمل تمنّع الدولة عن ردع التعديات على الممتلكات الخاصة التي تعود لأبناء بلدة رميش الجنوبية، في محلّة سموخيا، طابعاً مغايراً، ما دفع أبناء البلدة إلى تأكيد رفضهم «إستبدال الإحتلال الإسرائيلي بآخر»، والإنصياع لاستباحة أراضيهم عبر المخطط التوسعي الذي ينفّذه «حزب الله» عبر جمعيّة «أخضر بلا حدود».
وتعود الإشكالات ما بين أبناء رميش وجمعية «أخضر بلا حدود» إلى العام 2016، حيث عمدت «الجمعيّة» إلى استمالة أحد الورثة الذين تعود لهم ملكيّة مزرعة قطمون في خراج البلدة وإبرام عقد إيجار معه لمدة 3 سنوات، ما استدعى اعتراض غالبيّة المالكين الذين وجدوا أنفسهم أمام أمر واقع جرّاء توقيع الأخير عقد الإيجار. ومع انتهاء العقد في العام 2019، تمت مطالبة «الجمعيّة» بإخلاء الأراضي التي تشغلها لكنها رفضت ما حال دون استرجاع تلك المساحات، والإبقاء على إشغالها بحكم الأمر الواقع.
ودفع تكرار «التحديات والتعديات الحاصلة على الأهالي وعلى أراضيهم واملاكهم»، أبناء البلدة إلى مناشدة المسؤولين في الدولة والمراجع الروحيّة «التحرّك ووضع حدّ لكلّ الممارسات والتعديات التي تسيء إلى العيش المشترك وعدم ترك الأمور لمزيد من التفاقم»، وفق ما جاء في بيان لهم، جرّاء «ما تتعرض له أراضي وأملاك وأرزاق أهالي رميش من استباحة وتعديات وتهديد لبعض المالكين من قبل قوى الأمر الواقع في المنطقة، حيث تقوم هذه القوى بجرف مساحات واسعة من الأراضي واقتلاع أشجار وإقامة انشاءات، واستعمال معدات ثقيلة للحفر في أحراش تعود ملكيتها لأهالي رميش». ومع تأكيد الأهالي اعتراضهم الكبير على أعمال الحفر التي تنفذها جهات تابعة لـ»حزب الله» في عقارات سموخيا المملوكة من أهالي رميش، خلافاً لموافقة المالكين والبلدية، توقفوا عند غياب الدولة والجيش اللبناني عن مؤازرتهم في الحفاظ على أملاكهم التي تقع في منطقة خاضعة للقرار 1701 في الجنوب، رغم تواجد الجيش في البلدة.
وتتقاطع مواقف أبناء البلدة على التأكيد لـ»نداء الوطن» أنّ الأعمال التي تقوم بها جمعيّة «أخضر بلا حدود» لا تلقى موافقة الأهالي وأبناء البلدة الذين تعود لهم ملكيّة الأراضي في خراج بلدة رميش التي يعمد «حزب الله» إلى إنشاء مراكز أمنيّة تأخذ طابعاً بيئياً في أراضي قطمون، سموخيا، جبال العرب التابعة لبلدة رميش الحدودية، مع العلم أنّ المعترضين من الأهالي هم متنوعون سياسياً ولا طابع محدداً لحراكهم الرافض لعمل «الجمعية»، ذلك أنّ بعضهم عونيون والبعض الآخر من «القوات» وثمة فئة ثالثة غير محسوبة على الحزبين.
وما يحدث راهناً في محلّة «مزرعة سموخيا»، هو أنّ «الجمعيّة» تعمد إلى شق الطرقات وإقامة برك زراعيّة، وتشييد غرف ووضع بيوت جاهزة، وذلك بالتزامن مع استحداث طريق جديد بطول 1 كيلومتر وعرض 8 أمتار داخل الأملاك الخاصة، كما تعمد إلى تشييد بناء أو مركز لها بموازاة الحدود مع إسرائيل. ما دفع الأهالي إلى التحذير من أن تتحوّل الأعمال التي تقوم بها «الجمعيّة» الى استملاك بحكم الأمر الواقع للأراضي التي تحاول وضعها في خانة المشاعات العامة، فيسقط حق الملكيّة الذي يعود للأهالي بموجب سندات تعود إلى العام 1880.
ومع إبراز الأهالي السندات التي لا تقبل الشك، ينقل أحد أبناء البلدة طلب «الجمعيّة» منهم، استضافتها في تلك العقارات وغض النظر عن الأعمال التي تقوم بها والتي تصّب في خانة «الحماية من العدو الإسرائيلي»، خصوصاً وأنّ نزع الألغام التي كانت مزروعة في تلك المساحات، لم يمرّ عليه أشهر معدودة. ولذا كان أبناء البلدة يخشون دخول تلك العقارات أو تفقدها كونها كانت مزروعة بالألغام.
ويؤكد الأهالي رفضهم «إستبدال إحتلال بآخر»، مع استكمال «قوى الأمر الواقع» مخططاتها الهادفة وفق الاهالي إلى تقييد حركة المالكين ومنعهم من الإقتراب من الأشغال التي تنفذها «الجمعيّة»، والتي تقع على بعد 200 متر من تواجد نقطة ثابتة لقوات «اليونيفيل»، و400 متر من مركز الجيش اللبناني.
وعن الخطوات التي يقوم بها الأهالي لوقف التعديات، شددوا على امتناع الدولة عن القيام بواجبها في حماية ممتلكاتهم، مشيرين إلى أن كلّ محاولاتهم للاستنجاد وطلب المؤازرة من قوى الأمن الداخلي، للوصول إلى ممتلكاتهم، باءت بالفشل نظراً لكون التعديات على الحدود تتطلب مراجعة الجيش اللبناني، الذي أوضح بدوره للبلدية أن الأعمال التي تنفذها «الجمعيّة» تقع في أملاك تمّ استئجارها وفق عقود لإشغالها خلافاً لرواية المالكين الذين عمدوا إلى توقيع عريضة تطالب البلدية برفع التعديات عن أراضيهم، مؤكدين في الوقت ذاته عدم السماح للجمعية باستخدام أراضيهم وممتلكاتهم لأي سبب كان.
ومع تشديد الأهالي على موقف الجيش البناني الرافض للتدخل، تساءل أبناء البلدة عبر «نداء الوطن» عن الجهة التي يتوجّب اللجوء إليها بعد تبيان أن المشكلة الفعليّة التي يواجهونها تعود إلى تمدد «قوى الأمر الواقع» أي «حزب الله» إلى السلطة القضائيّة كما الأجهزة الأمنيّة… ليؤكدوا في الوقت نفسه استعدادهم للجوء إلى كلّ الإجراءات المتاحة لتثبيت ملكيتهم للأراضي لكيّ لا يتحوّل إستصلاحها وإشغالها بعد سنوات إلى استملاك عبر وضع اليدّ عليها.