أعلن السفير الجزائري عبد الكريم ركايبي الذي يودع لبنان قريبا مع انتهاء مهماته الديبلوماسية، أن رئيس الجمهورية الجزائرية عبد المجيد تبون “يولي لبنان أهمية كبيرة، وقد عين سفيرا جديدا في لبنان يمتلك تاريخا وخبرة طويلة في المجال السياسي”.
كلام السفير ركايبي جاء خلال غداء أقامه على شرفه رئيس مجموعة “أماكو” علي محمود العبد الله، وشاركت فيه مجموعة من الشخصيات تقدمها سفراء: الأردن وليد الحديد، تونس بوراوي الإمام، سلطنة عمان الدكتور أحمد بن محمد السعيدي، ساحل العاج كريستوف كواكو، وسفير نيجيريا فوق العادة غودي مودو زنابورا، ورئيس لجنة الصداقة البرلمانية الجزائرية – اللبنانية النائب قاسم هاشم، في حضور طلال ارقدان ممثلا النائب أسامة سعد ، القضاة: ماهر الزين، هاني البرشا، ونور الدين صادق، الوزير السابق عماد حب الله، مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في صيدا والجنوب محمد صالح، المسؤول التنفيذي لـ”مجموعة الاقتصاد والاعمال” رؤوف ابو زكي، عضو هيئة الرئاسة في حركة “أمل” خليل حمدان، رؤساء البلديات: جورج سعد، بيار صليبا، وابراهيم مزهر، الشيخ زيد ضاهر، الدكتور بسام محمود، الدكتور قيصر حجازي، نادر عزام، سامر عبدالله، وطارق عكاوي، و عدد من رؤساء الهيئات والجمعيات الاقتصادية والصناعية وشخصيات.
والقى النائب هاشم كلمة خلال الغداء قال فيها: “يطيب لي أن أكون بينكم اليوم لنكرّم معا أخا وصديقا من بلد يمثل أحد أبطال هذه الأمة، ونحن نعتز بتاريخه وإنتمائه، وهو الذي عبّر دائما وأبدا عن صدق التزام قضايا الأمة، كل الأمة، بكل أبطالها وفي كل المراحل والأزمات”.
وأضاف: “يُسعدنا أن تكون لنا أطيب العلاقات مع شقيقتنا الجزائر، هذه الدولة التي كانت وما زالت عنوانا ورمزا للتضحية وللهوية والانتماء، فكانت “دولة المليون شهيد”. ولا غرابة أن يُكرّم اليوم هذا السفير في هذه المدينة، بوابة الجنوب وعاصمته، عاصمة المقاومة في هذا الوطن لنؤكد أن ما يجمعنا في لبنان والجزائر هو هذه الهوية وهذا الانتماء، في مواجهة الاستبداد والعدوان، ودائما من أجل الكرامة، من أجل العرب، من أجل العروبة، من أجل الإسلام ومن أجل الانسان دائما وأبدا”.
وتابع: “نعم، أؤكد ما تفضل به أخي علي العبد الله صاحب هذه المبادرة الطيبة، وهو الذي عوّدنا دائما أن يكون طليعيا في كل المحطات وأن يكون صاحب مبادرة. شكرا له على هذا اللقاء الطيب، وعلى هذه المناسبة التي لا بد أن تتكرر مع كل أشقائنا ومع كل سفرائنا العرب، لأننا نطمح دائما إلى أفضل العلاقات مع أشقائنا العرب. وهذا الوطن له ما له من تاريخ، ومن عناوين في تاريخ العروبة وتاريخ هذه الهوية، ولنا بعلاقاتنا مع أشقائنا في الجزائر الكثير الكثير، وهم الذين بادروا دائما إلى مد يد العون إلى هذا الوطن في كل المناسبات. لكن قد يكون التقصير منّا ومن حكوماتنا ومن بعض مؤسساتنا، ولكن نقول لنا كل الخير في هذه الجمهورية وفي كل ما يمكن أن تمدّ وطننا به، سواء في المرحلة الماضية أم في المستقبل القريب والبعيد. شكرا سعادة السفير على كل ما أعطيته لوطنك الثاني لبنان، شكرا أخي علي العبد الله، وشكرا لكم جميعا”.
وقال العبد الله: ” إن ما يجمع لبنان والجزائر هو تقديسنا للحرية، ورؤيتنا لمعنى الكرامة الانسانية ونظرتنا الى الأخلاقيات والأصول التي تحكم حياتنا ومجتمعنا، وتصنع غدا أفضل للأجيال المقبلة. وهي العوامل التي تجمعنا أيضا بأخوتنا في البلدان العربية من المحيط إلى الخليج، وباقي أصدقائنا في دول العالم”.
وأضاف: “الجزائر هي أكبر بلد أفريقي وأكبر بلد عربي وعاشر أكبر بلد في العالم من حيث المساحة، وواحدة من أكبر الأسواق في المنطقة، بوجود سوق ناشطة يستند إلى عدد سكان يتخطى 44 مليون نسمة. فضلا عن ذلك، تعد الجزائر بوابة اقتصادية رئيسية للتبادل التجاري بين أفريقيا والعالم العربي. ولهذا عندما ننظر إلى العلاقات اللبنانية – الجزائرية نتيقن فورا أن ثمة ما تجب معالجته خصوصا على مستوى التبادل التجاري المتواضع بين البلدين. ولعلّنا نحن اللبنانيين مدعوون الى اعادة قراءة العلاقة مع هذا البلد الصديق الذي لم يتردد لحظة بعد انفجار مرفأ بيروت في إرسال الفرق الطبية والأدوية والجراحين والدفاع المدني ومختلف المستلزمات الصيدلانية وباخرة تحمل مواد البناء لدعم الشعب اللبناني. وإنطلاقا من هذه المعطيات، علينا في لبنان أن نعمل بجدية أكبر على تطوير العلاقات الاقتصادية مع الجزائر، خصوصا عبر إعفاء مجموعة من الصادرات اللبنانية والجزائرية من الرسوم الجمركية، وصولا إلى إلغاء الازدواج الضريبي على السلع والبضائع”.
وتابع: “سيكون من الأهمية بمكان دعم رجال الأعمال من البلدين عبر تحسين مناخ الاستثمار والقاء الضوء على المجالات الاستثمارية وفرص تطوير الأعمال. ولا ننسى أن الجزائريين ناشطون على المستوى الاقتصادي في لبنان، تماما كاللبنانيين الذين ينشطون في العديد من القطاعات الاقتصادية الجزائرية ابتداء من المؤسسات المالية والأعمال مرورا بالخدمات الفندقية والسياحية وصناعة النفط والبناء والاستثمار في مجال البنى التحتية والتطوير العقاري والصناعة، إضافة إلى مجالات أخرى كالدراسات الاقتصادية والتجارية والهندسية. لا أريد الإطالة في الجانب الاقتصادي، لكنني أدعو الجميع في لبنان إلى بذل جهود إضافية لتعزيز العلاقات مع الجزائر، التي لطالما فتحت لنا أسواقها ودعمت رجال الأعمال. قد تمر علاقات الدول في مراحل من الصعود والهبوط، لكن من الأهمية تحديد فرص تطوير العلاقات بين البلدين للعمل على تدعيمها وتطويرها”.
وقال: “منذ أن تولّى الصديق والأخ السفير عبد الكريم ركايبي مهماته الدبلوماسية في لبنان، تيقنت أنني أمام رجل ديبلوماسي عربي يمتلك عمقا تاريخيا واجتماعيا وثقافيا مميزا. لقد ترافقنا في العديد من المناسبات، وأقربها إلى قلبي عندما غرس شجرة أرز في محمية الباروك بإسم الجمهورية الجزائرية الديموقراطية الشعبية. ولمست لدى السفير ركايبي مدى وطنيته عندما زرناه للمباركة بالاستفتاء الدستوري، الذي دلّ على رقي الشعب الجزائري، وخصوصا أنه خيار حضاري يرسّخ المفاهيم الديموقراطية ويساهم، تاليا، في النمو والازدهار الاقتصادي والاجتماعي. ولن ننسى مواقف السفير ركايبي تجاه لبنان وخصوصا خلال وباء كورونا وبعد انفجار مرفأ بيروت”.
وختم: “رسالتي بإسم الشعب اللبناني إلى الشعب الجزائري وقيادته عبر صديقنا السفير الذي يغادر لبنان: الشعب اللبناني يكنّ كل المودة والاحترام للجزائر وشعبها، ويتمنى لهما السلام والإزدهار والنمو والرخاء. لقد جمعتنا عبر التاريخ مواقف مشتركة، لكن أهم ما يجمعنا هو تقديسنا للحرية ورؤيتنا لمعنى الكرامة الانسانية. الشعب اللبناني، يا سعادة السفير، سينهض من أزمته وسيكون عند حُسن ظنّكم، وسيبقى دوما صديقا للجزائر، قويا تليق به الحياة. لقد تشرّفنا بكم في لبنان، وأتمنى لكم كل التوفيق والخير في مسيرتكم الديبلوماسية”.
وقال السفير ركايبي: “لقد قال أخي علي العبد الله كل شيء، وبالتالي لن أكرر الكلام على الجزائر والعلاقات اللبنانية – الجزائرية، وإنما ستقتصر كلمتي على الشكر، أولا لأخي علي العبد الله الذي أتاح لنا الفرصة، وهذه المبادرة الطيبة التي سمحت لنا بلقاء أصدقاء وأخوة لم نلتقهم منذ فترة. وأشكر أيضا جميع اللبنانيين، دولة وشعبا، الذين تعاونوا معنا على تمتين العلاقات اللبنانية – الجزائرية وتطويرها، والشكر موصول للحضور الكريم، شكرا لكم جميعا على حضوركم رغم انشغالكم بأعمالكم وبُعد المسافة بين بيروت وصيدا”.
وأضاف: “أود أيضا، وكما وجّه أخي علي العبد الله رسالة من اللبنانيين الى الجزائريين، أن أوجه رسالة من الجزائر إلى اللبنانيين، وأقول إن هناك اهتماما كبيرا للجزائر بلبنان، والدليل على ذلك هو تعيين السفير الجديد، وهو يمتلك تاريخا وخبرة طويلة في المجال السياسي، وهذا ينطوي على الأهمية الكبيرة التي يوليها رئيس الجمهورية الجزائرية للبنان. أطلب من الأخوة اللبنانيين استغلال هذه الفرصة، الجزائر تفتح أبوابها للمستثمرين في كل المجالات. وأغتنم هذه المناسبة لأقول لكم إن مشاركتي اليوم في هذا اللقاء ليست وداعا، بل تأكيد أن لكم في الجزائر أخا، طبعا أن لا أقول أنني سأكون “السفير” اللبناني الثاني في الجزائر بل أخ تربطكم به علاقات. وأدعوكم الى زيارة الجزائر حيث ستجدون لكم أخا يرحب بكم في وطنكم الثاني”.
وأمضى السفير الجزائري نهارا حافلا في صيدا برفقة العبد الله، تخلّلته زيارات للنائب عبد الرحمن البزري ورئيسة “مؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة” النائبة السابقة بهية الحريري، ورئيس غرفة صيدا والجنوب.