كتب عمر البردان في “اللواء”:
لن يتغير شيء في سيناريو جلسات الانتخابات الرئاسية، طالما أن كل فريق ما زال على موقفه الرافض لتقديم تنازلات تفضي إلى تقليص الهوَّة بشأن الاستحقاق الرئاسي. وبالتالي فإن الجلسة الانتخابية السابعة، اليوم، ستكون في نتيجتها صورة مشابهة عن الجلسات السابقة، في وقت لم يسجل الحراك الخارجي على الخط السعودي الفرنسي، تقدماً ملموساً على صعيد إزالة العقد من أمام الانتخابات الرئاسية، باعتبار أن هذا الاستحقاق شأن سيادي لبناني أولاً وأخيراً، يهم اللبنانيين قبل غيرهم بالدرجة الأولى، وسط حديث عن أن القيادات اللبنانية تلقت رسائل خارجية من دوائر عربية ودولية معنية بالملف اللبناني، بأن ليس هناك أي مبادرات تجاه لبنان، وتحديداً ما يتصل بحل أزمته الرئاسية.
وفي ظل هذا الواقع، يمضي حزب الله في مشروعه الرئاسي القاضي بالعمل على إيصال رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى قصر بعبدا، رغم إدراكه صعوبة تحقيق هذا الأمر في ظل المعارضة لهذا الخيار.وقد ظهر بوضوح أنه بعد اتساع الهوة بينهما على خلفية تناقض المواقف حيال الكثير من الملفات، وفي مقدمها ملف المقاومة، فقد علم أن حزب الله بعث برسائل إلى حليفه رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، بصعوبة دعمه لرئاسة الجمهورية، باعتبار أن الحزب سبق ووعد فرنجية، بتبني خياره كمرشح وحيد من جانب الثامن من آذار لرئاسة الجمهورية.وأن الحزب وحلفاءه يعملون على هذا الأساس، إذا سمحت الظروف والمعادلات السياسية الحالية بذلك.
وقد بدا لافتاً، أنه وبعدما تبلّغ باسيل موقف حليفه، فإنه بدأ بحملة مضادة لتشويه سمعة منافسيه، وفي مقدمهم فرنجية وقائد الجيش العماد جوزيف عون الذي بدأت أسهمه بالصعود، في ظل صعوبة انتخاب، أيٍّ من فرنجية، باسيل أو النائب ميشال معوض مرشح المعارضة، توازياً مع ما كشف النقاب عنه من أن حزب الله بدأ بإجراء اتصالات مع العماد عون، لها علاقة بالاستحقاق الرئاسي، ما يمكن اعتباره بمثابة “الخطة باء” التي قد يلجأ إليها الحزب، في حال وجد صعوبة في تسويق رئيس المردة. من خلال اللقاء الذي جمع قائد الجيش برئيس وحدة الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا قبل أيام.
وتترقب الأوساط السياسية حصيلة المشاورات التي أجراها في الخارج سفيرا السعودية وفرنسا من مشاورات تتعلق بالاستحقاق الرئاسي، لناحية حصيلة الجهود التي تبذلها الرياض وباريس من أجل تهيئة المناخات، لإخراج الملف الرئاسي من عنق الزجاجة، وبما يوفر المناخات الملائمة التي تفضي إلى التوافق على رئيس جديد للجمهورية، بإمكانه توحيد اللبنانيين وكسب ثقة المجتمع الدولي الذي لا يرى مخرجاً من هذا الوضع المعقد في لبنان، إلا بانتخاب رئيس جديد، وتشكيل حكومة تلبي تطلعات الدول المانحة التواقة إلى مساعدة لبنان وإنقاذ شعبه.
وإزاء هذا الواقع الذي لا يبشر بالخير، تتزايد المخاوف من إطالة أمد هذا الشغور الذي يحكم قبضته على الرئاسة الأولى، دون أن يلوح في الأفق ما يبشر بإمكانية الخروج من هذا المأزق في وقت قريب، بعدما تحول المشهد الانتخابي الأسبوعي إلى سيناريو ممل، وبات مادة للتندر في الأوساط السياسية والشعبية، جراء استخفاف نيابي واضح في هذا الاستحقاق الوطني المفصلي، بدليل أن الورقة البيضاء هي الناخب الأول في كل دورة انتخابية، الأمر الذي يؤكد أن عمر الشغور الرئاسي سيكون طويلاً، طالما لم يحسم الفرقاء اللبنانيون أمرهم، ويتفقوا على انتخاب رئيس للبلد في وقت قريب. وإن كان هناك من لا يزال يربط مصير الانتخابات الرئاسية، بالملف النووي الإيراني الذي يزداد تعقيداً، مع رفض طهران الاستجابة للشروط الدولية بالعودة إلى طاولة المفاوضات.
وفي وقت يستمر حزب الله في تصعيده، مشدداً على أنه يريد رئيساً يطمئن جمهوره، في مقابل تمسك المعارضة بترشيح النائب معوض، فإن المعطيات المتوافرة تشير إلى أن الحزب مصرٌّ على موقفه في رفض أي مرشح من الفريق الآخر، سواء كان معوض أو سواه، سعياً منه إلى التوصل إلى مرشح توافقي تقبل به المعارضة، بانتظار نتيجة المستجدات الإقليمية التي قد تحمل دعماً خارجياً للرئيس التوافقي الذي يشكل مخرجاً للجميع من هذا المأزق الذي وضع كل الأطراف أمام الحائط المسدود.