جاء في جريدة “الأنباء” الإلكترونية:
شكّل منتدى الطائف الذي أقيم في قصر الأونيسكو في بيروت بدعوة من السفير السعودي وليد البخاري في الذكرى الثالثة والثلاثين لإقرار اتفاق الطائف، محطة مهمة في توقيتها السياسي، أعادت معها تصويب البوصلة باتجاه المسار الذي ينبغي سلوكه نحو الخروج من الواقع المأزوم عبر تطبيق الدستور وتأكيد الثوابت التي بني عليها.
وفي المناسبة المطالعة التاريخية – السياسية لرئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط نقطة ارتكاز في النقاش الدائر حول تفسير الطائف بما يشكله من عقد إجتماعي ضامن لاستقرار لبنان. وقد كان تذكير جنبلاط بالمحطات التي فتحت الطريق إلى الطائف بمثابة صياغة حقيقية للتاريخ الذي يتناساه البعض او يجهّل صانعيه، وأتى سرد جنبلاط ليعيد وضع الحقائق في نصابها من جهة، ودعوة صادقة لتطبيق بنود الطائف كاملة من جهة ثانية، بما نصت عليه من تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية، واللامركزية الإدارية، وإنشاء مجلس للشيوخ. وقد استعاد جنبلاط في مطالعته المذكرة التي وضعتها عام ١٩٨٣ الهيئة العليا للطائفة الدرزية، موضحا أن مطلب مجلس الشيوخ برئاسة درزي الذي ورد في المذكرة كان في في إطار إعادة توزيع الصلاحيّات بين الرئاسات، حيث “يحق لنا كشريحة عربية إسلامية ومؤسسة في لبنان أن يكون لنا هذا الدور وهذا الموقع”.
وفي جانب آخر، أضاء المنتدى على دور المملكة العربية السعودية تاريخياً، وتجدده في هذه المرحلة، وقد أكد السفير وليد البخاري حرص قيادة المملكة على الحفاظ على أمن واستقرار ووحدة لبنان، والأهم في هذا التوقيت هو أن نحافظ على الوفاق الوطني الذي هو تجسيد لمرحلة مر بها لبنان وشعبه الشقيق، مشددا على الحاجة إلى أن نجسد صيغة العيش المشترك في ركائزه الأساسية التي عالجها اتفاق الطائف وخاصة في تحديد محورية الكيان اللبناني والحفاظ على هوية لبنان وعروبته، وأن البديل لن يكون إلا مزيدا من الذهاب الى المجهول.
مصادر مواكبة لحقبة ولادة الطائف توقفت عند الأهمية التي شكلتها مداخلة جنبلاط، وتذكيره حديثي النعمة في السياسة الذين دفنوا رؤوسهم في الرمال، بالجهود التي بُذلت لإنجاز هذا الاتفاق والمراحل التي قطعها في أدق الظروف حراجة، يوم كان الجنرال ميشال عون يقود حربي الإلغاء والتحرير ويدمر المؤسسات لتحقيق أهدافه التي لم تخفى على أحد.
وفي هذا السياق اعتبر عضو اللقاء الديمقراطي النائب بلال عبدالله أن اللقاء بحد ذاته أتى في التوقيت المناسب بعد سلسلة محاولات لإلغاء الطائف او تخطيه بالممارسة أو بخلق أعراف جديدة.
عبدالله وفي حديث مع “الأنباء” الإلكترونية رأى أن أهمية اللقاء تتجلى في إعادة تكريس هذا الاتفاق وضرورة تطبيقه بكل مندرجاته للانطلاق إلى تطويره، مذكّراً أن الاتفاق أوقف الحرب الأهلية وتثبيت هوية لبنان العربية وتفعيل المؤسسات ومشاركة الجميع في السلطة والمضي قدما باتجاه تطبيق اللامركزية الإدارية، لافتا إلى أن بند إنشاء مجلس الشيوخ كبند أساسي من بنود الطائف أخذ نقاشا مستفيضا حتى جرى إقراره بإطار مخرج من مخارج الشروع بإلغاء الطائفية السياسية.
وشدد عبدالله على أنها “ليست صدفة ممانعة النظام السوري بإنشاء هذا المجلس وأن تكون رئاسته لطائفة مكونة أساسية في هذا البلد ولها امتدادات داخل سوريا، وذلك لعدم إعطاء كل مكونات الشعب السوري حقوقه المتداولة”.
واذا كان جنبلاط ختم مداخلته بأن لا قيمة للنقاش في اصلاحات الطائف اذا لم ننتخب رئيسا للجمهورية، فقد أوضح النائب عبدالله أنه للأسف لا جديدا ولا تبدلا في المواقف بالنسبة لجلسة المجلس النيابي الخميس، مستبعدًا ما يحكى عن امكانية تسمية فريق ٨ آذار لرئيس تيار المردة سليمان فرنجية لأن هذا الفريق لم يتخطى بعد عقدة النائب جبران باسيل، وبالتالي فإن الأمور تراوح مكانها.
وبانتظار أن يقرر جميع الأفرقاء الخروج من مربع تضييع الوقت وتكبيد لبنان واللبنانيين الأزمات، وبالتالي ملاقاة دعوة جنبلاط إلى انتخاب رئيس قادر على الإنقاذ والشروع في تطبيق الطائف والإصلاحات المالية والاقتصادية، فإن البلاد ستبقى في دوامة ليس فقط الشغور الرئاسي، بل في مستنقع الأزمات الثقيلة.