كتبت باتريسيا جلاد في “نداء الوطن”:
كيف ستتمّ إدارة عائدات الثروة النفطية المحتملة والتي ستتحوّل إلى ثروة مالية في المستقبل؟ سؤال يشغل بال الأوساط المحليّة مع اقتراب ساعة التوقيع النهائي على “اتفاقية” ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل.
فعائدات النفط المحتملة ولو كانت ستتحقق بعد سنوات عدة يقدّرها البعض بين 8 و10 سنوات، إنما تعتبر مرفداً للبنان الغارق في ديونه وأزماته المالية والنقدية، من هنا ضرورة توظيفها في استثمارات مجدية بعيداً عن عادة الهدر والفساد المعمول بها من خلال توفير الأرضية القانونية المطلوبة لها، علماً أن التوافق على تلك المسألة يتطلّب أيضاً الوقت.
ويقول نائب رئيس مجلس الوزراء السابق غسان حاصباني لـ”نداء الوطن” إن “التوافق على ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل أمر مجد أيضاً في الموضوع الحدودي المتنازع عليه وله تداعيات ايجابية”. لافتاً، حول السعي اليوم إلى إعداد الأرضية القانونية المطلوبة لإدارة هذه العائدات من خلال صندوق سيادي، إلى أنه “أمر ملحّ وكان يجب أن يحصل سابقاً من دون انتظار توقيع الإتفاقية لإعداد القوانين المطلوبة لإنشائه وإدارته، والذي يمكن الإرتكاز عليه في المياه اللبنانية غير المرتبطة بالنزاع الحدودي”، من هنا يرى أنه “لا بدّ من الأخذ في الإعتبار التدابير التالية في إدارة العائدات:
– وجود صندوق سيادي بإدارة سليمة وشفافة إستناداً الى قانون خاص يعدّ لهذا الغرض، بات أمراً مطلوباً قبل البدء باستخراج النفط. ويهدف إنشاء الصندوق الى الحفاظ على كامل قيمة الغاز المستخرج للأجيال المقبلة، واستثمار الأموال المتأتية منه لأنها ليست ملك جيل واحد.
– تدير الصندوق مجموعة خبراء على المستوى الدولي في الشؤون الاستثمارية والقانونية ويتم وضع مواصفاتهم وآلية تعيينهم للتأكد من قدراتهم واستقلاليتهم. على أن تستخدم إيرادات الصندوق حصراً في استثمارات تأتي بأرباح سنوية تفوق مستوى التضخم بعد احتساب التكاليف الإدارية للصندوق.
– لا يجوز أن تستخدم الايرادات المباشرة من حصة الدولة في نفقات الخزينة أو خدمة الدين، بل على الصندوق السيادي استثمارها خارج إطار الدولة اللبنانية. فيصدر قانون خاص يحدد مواصفات الجهة الإدارية المستقلة، والأطر الإستثمارية للصندوق، ويمنع استعمال الأموال ضمن مصاريف الخزينة.
– إن الايرادات المتأتية من ضريبة الأرباح والرسوم، يجب أن تخضع لقانون خاص يتم إقراره لتستند الشركات المستثمرة إليه عند اتخاذ قراراتها الاستثمارية في لبنان، على أن تذهب هذه الايرادات الى الخزينة لسدّ العجز. لذلك يجب الفصل بين حصة الدولة والايرادات الضريبية من القطاع النفطي.
أما بالنسبة إلى الضمانات لعدم هدر الايرادات النفطية والغازية المحتملة كما جرت العادة، فاعتبر حاصباني أنه “يجب أن يمنع القانون استخدام أموال الصندوق السيادي في مصاريف واستثمارات الدولة أو خدمة الدين ويحصرها بالاستثمارات التي تحافظ على قيمتها في المدى البعيد، وتكون بغالبيتها موزعة حول العالم لتوزيع المخاطر وتأمين عائدات على الاستثمار”.