كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
كما هو مستبعد أن يخرج المجلس النيابي باتفاق او شبه اتفاق على انتخاب رئيس جديد للجمهورية بالنظر الى تكوينه وانقساماته المتعددة وتباعد خيارات النواب واختلافها، كذلك سيكون صعباً على النواب السنة ان يلتقوا على كلمة سواء في استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية بالنظر الى تباعد الخيارات في ما بينهم. منذ ان وجهت الدعوات لاجتماع دار الفتوى الذي دعا اليه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، تقصّد بعض النواب الاستفسار عن اللقاء واهدافه. اذا كان البعض يريد من اللقاء ان يتحول تكتلاً نيابياً يخرج بموقف او خيار سياسي معين، فإن هناك من النواب من يرفض الانضمام الى تكتلات سياسية او اصطفافات مهما كان نوعها. ما يهم المفتي دريان من لقاء النواب السنة في حضرة مرجعيته الدينية ان يؤكد على مرجعية الدار الجامعة. الصورة هنا بحد ذاتها مهمة وستكون موضع تأويل وتخضع لتحليلات ويتم الباسها أبعاداً قد لا تصيب لكنها تستعيد حضوراً على الساحة باتت الطائفة بأمس الحاجة اليه.
نتحدث هنا عن 27 نائباً لكل منهم تفكيره واهدافه وغايته. كل منهم يريد ان يفصّل لقاء دار الفتوى على مقاسه تماهياً مع طوحاته المستقبلية. المقصود رئاسة الحكومة بعد الانتخابات الرئاسية المقبلة.
الى الصورة الجامعة التي يريدها المفتي فهو سيطرح حكماً ورقة للنقاش بشأنها، لن تكون دار الفتوى طرفاً او تتخذ موقفاً مستفزاً بقدر ما ستؤكد على مرجعيتها الدينية الجامعة لابناء الطائفة وعلى المسلمات الوطنية التي لا يمكن الخلاف بشأنها وأهمها التأكيد على اتفاق الطائف.
وأبعد من ذلك فاللقاء بين النواب او تلاقيهم على موقف موحد من انتخاب رئيس للجمهورية مستبعد اذا لم يكن مستحيلاً في زمن الاصطفافات التي تعصف بالبلد. فما الذي سيجمع بين النائبين أشرف ريفي وحسن مراد؟ أو بين بلال الحشيمي وإبراهيم منيمنة؟ او بين عبد العزيز الصمد وجهاد الصمد او بين فؤاد مخزومي ونبيل بدر؟ يلتقون على العناوين العريضة او المسلمات ربما ولكن ليس على التفاصيل، وحتى هذه المسلمات عرضة للتأويل الى حد الاختلاف كالتأكيد على اتفاق الطائف على سبيل المثال لا الحصر، فحين يؤكد ريفي على مرجعية الطائف لن يقصد حكماً مواد منه متعلقة بالعلاقة مع سوريا والتي يؤكد عليها النواب السنة من حلفاء سوريا. بعد لقاء دار الفتوى سينبري كل نائب ليعمل على تحقيق غايته الى جانب جماعته بعيداً عن النواب الآخرين من طائفته وسيتوزع النواب السنة بين ثلاثة اصطفافات نيابية اي 8 و14 ومستقلين.
غير ان مصادر مطلعة تخوفت من ان يخرج لقاء دار الفتوى النيابي ببيان يتم العمل على اعداده بعناية خلف الكواليس تحت اشراف مرجعية حكومية سابقة بتأكيد على صلاحيات رئيس الحكومة وحكومته للقيام بدور رئيس الجمهورية، ومثل هذا التأكيد في الوقت الحالي معناه دعم ميقاتي وحكومته لممارسة صلاحيات رئيس الجمهورية في ظل الفراغ الرئاسي المتوقع بعد نهاية عهد ميشال عون في الواحد والثلاثين من تشرين الاول المقبل. غير ان اي لغة من هذا النوع من شأنها ان تعمق الاصطفافات الطائفية وتوسع الشرخ بين المسلمين الذين تكاتفوا لاستلام السلطة والمسيحيين المهمشين.
وتستند المصادر في خشيتها الى سابقة رفض المسيحيين منذ عهد الرئيس بشارة الخوري الذي رفض تسليم السلطة الا لماروني خلفاً له وامين الجميل كذلك الامر، بينما يريد السنة اليوم التأكيد على دور رئيس الحكومة وحضوره للقيام بدوره في ظل غياب رئيس الجمهورية ورفض تكرار تجربة الرئيس تمام سلام بتحويل كل وزير الى رئيس جمهورية.
الموضوع معقد. يمكن لاجتماع دار الفتوى ان يمر مرور الكرام ليكون هدفه الخروج بصورة جامعة تحت مظلة المرجعية الدينية لكنه سيكون طرفاً في حال دخوله في سياق الاصطفاف السياسي الذي كرسه توافق رئيسي مجلس النواب والحكومة مع رئيس الاشتراكي فيصبح اصطفافاً بغطاء ديني سني وتقع الواقعة.
ينطلق ما سلف من البيان الجاري الاعداد له والذي سيكون بمثابة تلاوة سيرة الوداع للعهد بموقف يندرج في سياق الحرب الشعواء التي شهدناها على امتداد السنوات الست الماضية. وهنا ستكون بداية الافتراق بين النواب السنة.