يستكمل وزير العدل هنري خوري اتصالاته مع المسؤولين المعنيين ورؤساء الهيئات القضائية والقضاة آملاً وصول “الأمور الى مسارها الصحيح”، وفق ما ذكره لـ”النهار”، “بعد جولة من الاتصالات نقوم بها”.
أشعل تأخر إحالة المرسوم الصادر بتحويل 35 مليار ليرة الى صندوق تعاضد القضاة الفتيل الذي سرّع في اتخاذ القضاة قرار الاعتكاف شبه الشامل وتحميل تأخير تنفيذه من البعض غير تفسير. منهم من اعتبره استهتاراً من السلطة السياسية بالتجاوب مع مطالب القضاة المحقة، فيما يعزو الوزير خوري تأخر هذه الإحالة على الصندوق الى خطأ تقني في نصّ المرسوم، ما استدعى تصحيحه ليسلك طريقه من جديد. ويلفت الى “أن القضاة على مر الزمن ملوّعون من تحقيق مطالبهم التي لطالما لم يحصلوا عليها بسهولة وذلك منذ كنت قاضياً. وقد ذكرت تكراراً أن وضع القضاء مميز في دول العالم فلماذا نقلل في لبنان من هذه المكانة حيث يجب أن يكون فيه قضاء؟”. ويرى أنه “يجب أن يكون القاضي مرتاح البال ليتمكن من أن يعمل بذهن صافٍ وتأمين حياة كريمة، ولا نقول الاغتناء، لكن تليق به وبعائلته”، مضيفاً أن “المفاهيم المعتمدة دولياً أن يكون القاضي أكثر فئة مرتاحة نفسياً وفكرياً وجسدياً ومن دون أن يكون مظلوماً ليكون ضميره متأهّباً مئة في المئة” .
بصريح الكلام، ثمة تخوف على مصير السلطة القضائية إذا استمر التباطؤ في التعامل مع الأزمة القضائية التي تحتاج الى دعم من الدولة التي توفر ميزانية لأساسيات يهدر جانب منها في أعمال التهريب الذي لا يتوقف الكلام عنه. فكيف إن كانت الحال تتعلق بمصير السلطة القضائية؟ أما كيف يرى الوزير خوري الخروج من النفق فمن “محاولة التوفيق بين مطالب القضاة وبين الوضع المالي الاستثنائي الذي تعيشه البلاد”.
ومحاولة التوفيق التي يسعى إليها وزير العدل تعني في الظرف الإستثنائي الراهن عدم التمسك القضائي بالسقف العالي للمطالب في مقابل أن يسرع المعنيون بالإفراج عن المرسوم المالي وتأمين المستلزمات الأساسية من كهرباء وماء وقرطاسية لقصور العدل، فيما يسود اعتكاف شبه كامل في الأروقة بدخوله أسبوعه الثاني، ما خلا استجوابات قلة في قضاء التحقيق لموقوفين.
واللافت في الاعتكاف إثبات القضاة تماسكهم ووحدتهم مرة جديدة سواء في التضامن المطلبي أو في تعزيز الحضور في الجمعية العمومية التي عُقدت في قصر العدل في بيروت، بدعوة من رئيس مجلس القضاء الأعلى القاضي سهيل عبود، الذي ألقى كلمة ركز فيها، وفق المعلومات، على مبرّر الدعوة الى الجمعية العمومية وضرورة عقدها عندما يعتكف 400 قاضٍ تقريباً لصرخة محقة، وعلى الحق في الاعتكاف والتوقف عن العمل لحين تنفيذ الحلول التي كان قد اتفق عليها بين رئيس الحكومة ووزير العدل ومجلس القضاء الأعلى ومكتب مجلس شورى الدولة وديوان المحاسبة وصندوق تعاضد القضاة.
وبحسب هذه المعلومات ل”النهار” فإن هذه الحلول تتضمن توفير سلفة لصندوق التعاضد بموجب مرسوم بقيمة 35 مليار ليرة. كما جرى التركيز فيها على أن وضع القضاء لناحية ما وصلت إليه حقوق القضاة مادياً يرتبط في شكل أساسي بعدم اعتبار القضاء سلطة مستقلة، لذا ضرورة العمل على إقرار اقتراح قانون السلطة القضائية المستقلة. وقد لحظ البند الأخير في البيان الصادر عن المجلس بنتيجة الاجتماع القضائي الموسع حيث تقرر الاستمرار بالاجتماع القضائي الموسع.