كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
يرفض الرئيس المكلف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي الإفصاح للمقربين عن جديده الذي يحمله الى بعبدا اليوم. يستعين على قضاء حوائجه بالصمت لعل ساعات قبل الظهر حيث موعد لقائه مع رئيس الجمهورية ميشال عون تحمل له جديداً فيتسنى له تطعيم حكومته باسمين جديدين خلفاً لكل من وزير الاقتصاد أمين سلام ووزير المهجرين عصام شرف الدين. المفارقة ان علاقة مشوبة بالتوتر تجمع بين ميقاتي وهذين الوزيرين كل لأسبابه.
منذ أعلن سلام عدم ممانعته ليكون اسمه من بين المرشحين لرئاسة الحكومة أثار حساسية لدى ميقاتي. بدأ الامر بمثابة نكتة حيث درج الوزراء في الجلسة على مخاطبة سلام بـ»دولة الرئيس»، الى ان صار مطروحاً في بعض الاروقة بجدية. يعتبر سلام وديعة التيار في الحكومة. سببان كفيلان لان يقع الاختيار عليه ليكون خارج الحكومة، كونه من الاسماء التي تم التداول بها بمعزل عن جديتها، ولكونه من حصة التيار. هناك ايضاً سبب اضافي وهو نتائج الانتخابات النيابية. يعتبر ميقاتي ان اي تغيير حكومي يجب ان يواكب ننائج الانتخابات النيابية فيحقق تمثيلا للسنة المنتخبين سواء في المدينة او خارجها. الافضلية عنده لوزير يمثل عكار وهو ما وعد به النواب. لكن التيار يعتبر ان استبدال اسم سلام منوط به دون غيره على اعتباره محسوباً عليه. وهنا تقع نقطة الخلاف.
نقطة الخلاف الثانية بين التيار وميقاتي مردها الى تسمية خلف لوزير المهجرين عصام شرف الدين. يريد ميقاتي ان يجيّر التسمية للاشتراكي لينال اصوات نوابه متى بلغت الحكومة مجلس النواب طلبا للثقة، بينما يريدها عون من حصته. اما في الاسباب الموجبة لاختيار شرف الدين ليكون خارج الحكومة فقد بدأت بخسارة رئيس حزبه طلال ارسلان الانتخابات النيابية ما ينفي موجبات تمثيله الحكومي، سبب آخر اضافي مرده الخلاف بين وزير المهجرين وميقاتي على خلفية ملف النازحين. يشكو شرف الدين من اضطهاد حكومي داخل وخارج مجلس الوزراء وان الوزراء كما رئيسهم لا يأخذون عمله على محمل الجد.
لكن التعقيدات التي تجعل تعويم الحكومة او تعديلها فعلاً مستحيلاً لا تتصل حصراً بتغيير وزيرين والا لكان قضي الامر بأقل الخسائر الممكنة. اصل الحكاية مرتبط بتفسير دستوري لاي حكومة ستحل حكماً محل رئيس الجمهورية متى وقع الفراغ الرائاسي وهنا صلب الموضوع واساسه حيث يصر التيار الوطني الحر وعون على ان يضاف الى الحكومة مع التعديل المقترح، ستة وزراء دولة لاحداث توازن سياسي حكومياً والا كانت هذه الحكومة تحت وصاية رئيس الحكومة الآمر الناهي في ظل غياب رئيس جمهورية.
منطق الامور يقول من وجهة نظر معينة بضرورة ان تنقل صلاحيات الرئاسة الى حكومة سياسية وليس حكومة مشابهة للحكومة الحالية التي لا هي سياسية ولا تكنوقراط ولا فعالية لغالبية وزرائها.
وبطبيعة الحال لن يقبل ميقاتي مثل هذا الانقلاب داخل حكومته فيما لن يسلم عون رايته بسهول. الرئيس العنيد الذي لم يتراجع طوال سنوات عهده الست وقبلها ومنذ كان رئيساً للحكومة في الثمانينات لن يقبل بالتنازل اليوم وهو يودع عهده.
يتوجه ميقاتي الى بعبدا لاستطلاع اجواء عون واستكمال البحث المتعلق بخصوص تعويم حكومته. لن يحمل اي صيغة جديدة ويزور الرئيس ليستمع منه. المنطق ذاته يتعاطى معه العهد. ينتظر ما سيحمله الرئيس المكلف من جديد حكومي ليبني على الشيء مقتضاه. وبين الزيارة والثانية اليوم لم يشغّل رئيس مجلس النواب رداراته سعياً لرأب الصدع ولم يسعَ «حزب الله» لتقريب المسافات. انعدمت المساعي وغابت الوساطات. رئيس الحكومة نفسه بدا متشائماً ولم يتوقع خرقاً ومثله كانت اجواء بعبدا. العمل على جبهة الحكومة بينما العين تحولت باتجاه الرئاسة الاولى. هنا المقصد واصل الخلاف بين من يستعد لملء الفراغ بحضوره على رأس حكومة يتم تفعيلها بثقة نيابية جديدة، ومن يرهن الرئاسة بالحكومة. لا حكومة يعني لا رئاسة. والتعطيل يجرّ تعطيلاً.
هناك من يصر على عدم التسليم لخصومه على ابواب نهاية عهده و»عليّ وعلى اعدائي»، وفريق آخر وهم كثر يصرون على ان ما لم نمنحه للعهد وهو في عز ايامه لن نمنحه اياه في نهايته وينتظرون 31 تشرين بالثواني. ووسط كل هذه الاجواء المشحونة ينتابهم التفاؤل بخصوص الاتفاق مع اسرائيل على تقاسم الثروة النفطية. بلد لا يتفق قادته على استبدال وزيرين في الحكومة فهل سيتفقون على قضايا اكثر خطورة؟ مستبعد.