القبول بتشكيلة ميقاتي…او التعايش مع حكومة تصريف الأعمال حتى نهاية العهد

استمرت وتيرة تشكيل الحكومة الجديدة أسيرة الدوران في دوامة المطالب والشروط، التي يحاول رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل تحقيقها، مقابل تسهيل عملية التشكيل، بالرغم من ضيق الوقت المتبقي، قبل حلول موعد الانتخابات الرئاسية مطلع شهر ايلول المقبل،وحاجة البلد لوجود حكومة جديدة، تتولى استكمال العديد من الخطوات والمهمات التي بداتها حكومة تصريف الأعمال ، وفي مقدمتها، انجاز خطة التعافي الاقتصادي، ومواصلة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي،

واجراء الحد الادنى من الاصلاحات المطلوبة في القطاعات والادارات والمؤسسات، وزيادة ساعات التغذية بالتيار الكهربائي، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتخفيف من حدة الازمة المعيشية الضاغطة على اللبنانيين .

ولا تؤشر وقائع الحركة السياسية الرتيبة، إلى وجود نوايا وتوجهات تبشّر، بتحرك سريع لانجاز التشكيلة الوزارية قريبا،بل تظهر بوضوح الى تكرار نفس اسلوب المماطلة، الذي اعتمدته الرئاسة الاولى ،بايعاز مكشوف من باسيل، لابتزاز الرئيس المكلف نجيب ميقاتي، للقبول بتحقيق المطالب والشروط التعجيزية التي طرحها رئيس التيار الوطني الحر مواربة ، برغم ادعاءاته المزيفة، بأنه لن يشارك بالحكومة، ولايريد حصة فيها.

ولكن ظروف تشكيل الحكومة المرتقبة،تختلف عن ظروف تشكيل حكومة تصريف الأعمال، والحكومة التي كان ينوي الرئيس سعد الحريري تشكيلها، وتمت عرقلة تشكيلها سابقا،والأوراق التي كان يلعب بها باسيل،فقد معظمها ، وبذلك ضعفت محاولاته، لتحقيق مايسعى اليه من مطالب وشروط فوق العادة.

واول الاوراق المفقوده، هو ان عهد الرئيس ميشال عون اصبح في آخره، وباتت كل عوامل الاستقواء بموقع الرئاسة ،ومقدرات الدولة، محدودة الفاعلية، وليست كما كانت من قبل.

والورقة الثانية،انكفاء معظم القوى والاطراف السياسية عن الالتفاف حول العهد، اما بسبب سياسة الاستعداء التي امتهنها، رئيس التيار الوطني الحر، طوال السنوات الخمس الماضية ضد الخصوم، وحتى بعض الحلفاء، اوبسبب عدم قدرة رئيس الجمهورية على التعاطي

بانفتاح وايجابية لاستقطاب هذه القوى حوله، وانحيازه الاعمى لجانب صهره،من دون تقدير الانعكاسات السلبية لهذا التصرف مستقبلا.

الورقة الثالثة، وهي ضعضعة تركيبة التيار الوطني الحر، قبل الانتخابات النيابية ،لخلافات بين العديد من الطامحين والمؤهلين للترشح والمستبعدين مع رئيسه، لاسباب متعددة ، الامر ألذي تسبب بخسارة العديد من المرشحين منهم، وتقلص عدد كتلة التيار النيابية، الى الصف الثاني مسيحيا،بعد ان كانت الاولى بالانتخابات النيابية في العام ٢٠١٨.

ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد،بل يلاحظ ان الخلافات التي حصلت بالانتخابات، مازال تاثيرها وتداعياتها،تعصف في جسم التيار، بغياب واضح لبعض النواب الرموز عن حضور اجتماعات التيار والتكتل، معللين غيابهم بحجج واهية،في حين ان الوقائع تظهر

بوضوح استياءهم من ممارسات رئيس التيار على كل المستويات، ومن ضمنها تفرده، بادارة التيار من جهة، والاستئثار بمقدرات الرئاسة ،وبقراراتها وسياساتها،التي اتسمت بالفشل وانعكست سلبا،ليس على الرئاسة فحسب،بل على التيار الوطني الحر وكتلته النيابية ايضا.

الورقة الرابعة، برودة حزب الله، حليف التيار الوطني الحر، بالتعاطي مع ملف تشكيل الحكومة الجديدة، بالرغم من دعوات قياديه ونوابه علانية، لتسريع تشكيلها ،وهو الذي كان يقف باستمرار وراء معظم سلوكيات التعطيل المتعمد، في تشكيل الحكومات، او عرقلة عملها، لمصالح واسباب اقليمية.

ولذلك، بعد ان قدم رئيس الحكومة المكلف تشكيلة الوزارة إلى رئيس الجمهورية، وصدور ردة فعل باسيل الانفعالية عليها، وعدم قدرته

على تغيير منحى التشكيل ومضمونه حتى اليوم، لاجل تحقيق مطالبه من خلالها ،برغم كل الالتفافات واختراع البدع والتفسيرات الملتوية للدستور وصلاحيات رئيس الجمهورية، اصبح رئيس التيار الوطني الحر امام خيارين لاثالث لهما، فإما ان ينتهز فرصة تشكيل الحكومة الجديدة ويقبل ماتضمنته التشكيلة الوزارية ولو مع تعديلات محدودة وغير جذرية،ويقتنع بانه لاجدوى للتمسك بتوزير سياسيين هو من ضمنهم، ووزارة الطاقة لغير التيار هذه المرة، وأما الاستمرار بنهج التعطيل، واستقطاع الوقت المتبقي مع حكومة تصريف الأعمال برئاسة ميقاتي حتى انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون، ويبدو ان هذا الخيار هو المرجح حتى اليوم برغم تداعياته السلبية، على البلد عموما، ومراكمته،لسياسات العهد الفاشلة والمدمر.

أظهر رئيس التيار الوطني الحر ان مشكلته الحقيقية في تشكيل اي حكومة، هي بتحقيق مطالب وشروط فوق العادة من خلال محاولته اختراع البدع والتفسيرات واعطاء رئيس الجمهورية صلاحيات تتجاوز الدستور وتفتئت على صلاحيات رئيس الحكومة المكلف، ما يؤدي إلى تأجيج الخلافات وتعثر التأليف وتسميم الاجواء السياسية،واعادة الامور الى الوراء، الامر الذي افقده القدرة على نسج اي تحالف اوعلاقات جديّة مع اي زعيم سياسي مسلم، في حين ان الامور تتطلب مقاربة مختلفة، تأخذ بعين الاعتبار صلاحيات رئيس الجمهورية استنادا للدستور، كما صلاحيات الرئيس المكلف، من دون تجاوز صلاحيات اي منهما للآخر.

اللواء

شاهد أيضاً

“استقلال البلد مهدد”… باسيل: دخلنا في حرب لم يكن يجب أن نقع فيها

أكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أنَّ “الحفاظ على الإستقلال هو أصعب من …