تغيير الدستور.. “مايسترو” يمسك بارودة

كتب أنطوان الفتى في “أخبار اليوم”:

يمرّ لبنان بواحدة من إحدى أدقّ المراحل، وسط حاجة متزايدة الى استقرار سياسي، يبدأ بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وبتشكيل حكومة قادرة على الإنتاج.

وبينما يُجمِع أكثر من رأي، على أن لا مجال للنّجاح على أي مستوى داخلي، من دون إحداث تغييرات كبرى، على صعيد مؤتمر جديد مثلاً، يقودنا الى دولة عصرية، نسأل عن المؤتمر الفعّال الذي نحتاجه في هذا الإطار، وبما هو أوسع من كَسْر الاحتكار الطائفي للكراسي.

رئاسات

فمع الأسف، لا همّ لدى بعض الفئات اللبنانية، سوى “تعميم” الكراسي والرئاسات على كل الطوائف، و”ابتداع” مناصب جديدة ربما، توسّع النّفوذ السياسي لبعض الطوائف، على حساب أخرى، بما يجعل من البعض قوّة سياسية مُسيطِرَة على الدولة اللبنانية من داخلها، لا قوّة عسكرية على هامشها فقط.

وبالتالي، ما هي المنفعة من مثل هذا النّوع من المؤتمرات، إذا كنّا نريد فعلاً بناء دولة لبنانية عصرية.

فتلك الأخيرة قد تحتاج الى دستور جديد، يكسر الاحتكار الطائفي للكراسي والمناصب، ولكن بموازاة توفيره السُّبُل القانونية التي تمكّن من الإطاحة برئيس جمهورية، أو برئيس حكومة، أو برئيس مجلس نواب، أو بالحكومة، أو البرلمان… ولو لمجرّد “فضيحة كمّامة”، أو صفقة وهمية، أو التغطية على فساد، أو تلقّي رشوة، أو حفلة باذخة، أو حفلة تخرق بعض القواعد الصحية، أو الاجتماعية.

فهذا هو الإطار الذي يسمح بمكافحة الفساد في أي بلد، وليس فقط “تحرير” الكراسي والمناصب طائفياً.

خيال

أشار الوزير السابق رشيد درباس الى أن “الواقع يُظهِر أن الدّستور الأساسي النّاظم للدولة موجود، ولكنّه مخروق، وغير مُحتَرَم، الى درجة ساهمت باختلال الموازين في البلد الى هذه الدرجة”.

ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “عندما نتحدّث عن إعادة النظر بهذا الدستور، فهذا يعني أننا نرضخ سلفاً لموازين القوى الراهنة في البلد. وصاحب القوّة الرّاجِحَة هو الذي سيترك بصماته على أي قانون تأسيسي جديد. وبالتالي، الحديث عن مؤتمر تأسيسي جديد في وقت قريب، لن يكون أكثر من صيد في مكان قاحل، ومن هروب من الواقع الى عالم الخيال”.

فراغ

وشدّد درباس على أن “العبرة ليست بالكلام المكتوب على صفحات الدّستور، بل بتنفيذه. وهذا الأخير يتمّ بحسب موازين القوى، التي اختلّت اختلالاً كبيراً جدّاً، بحيث صارت النصوص عبارة عن خِرقَة، يلبسها أو يخلعها من يريد، ساعة يشاء، ويغسلها عند الحاجة”.

وأضاف: “عندما نتمعّن بواقع أنه خلال 13 عاماً، أمضينا 7 سنوات منها بالفراغ، فإن هذا يدلّنا على مدى الالتزام بالدّستور، وبالقوانين الأساسية، في البلد”.

خسارة
وأوضح درباس: “يعتقد الناس أن الرئيس الذي ينتمي الى طائفة معيّنة، يمثّل طائفته في السلطة. ولكن هذا هو الخَلَل، لأن القانون الأساسي لا يقول هذا، بل يؤكّد أن رئيس الجمهورية هو رئيس كل اللبنانيين، وأنه القائد الأعلى للقوات المسلّحة،… فعندما يأتي أحدهم ليقول إن رئيس الجمهورية هو رئيس أكبر كتلة مسيحية، فإنه بذلك يخرق الدّستور”.

وتابع: “بعض الطروحات التي تُنادي بوضع لبناني جديد، تتحدّث عن فيديرالية، أو عن كونفيديرالية، أو عن أفكار أخرى. وصحيح أن “حزب الله” قد يكون أكثر من يتوجّس من تلك الطروحات ربما، لأنها ستكشف ظهره إذا ذهب المسيحيّون والسُّنة والدّروز، نحو أُطُر أخرى. ولكن حتى تلك الطروحات نفسها، ستؤسّس لدول غير مسلّحة، تجاور دولة أخرى مدجّجة بالسلاح الى جانبها. وبالتالي، لن تُحَلّ أي مشكلة، في مثل تلك الحالة”.

وختم: “هذه هي طروحات القفز في المجهول. فالأساس هو كيف نتمكّن من إعادة الاعتبار للدستور، الذي يخرقه الجميع، فيما هو القانون الأساسي للأمّة. أما الذهاب باتّجاه وضع دستور جديد، فسيدخلنا في لجان، وفي أخرى تتفرّع منها، وفي جدالات حول تفسير النّصوص، فيما “المايسترو” لن يكون إلا ذاك الذي يُمسِك البارودة في يده، والذي يقول افعلوا هذا، ولا تفعلوا ذاك. وبالتالي، تغيير الدستور الحالي، ضمن هذا الجوّ، هو خسارة لشيء متوفّر بين أيدينا، لصالح ميزان القوى هذا”.

شاهد أيضاً

“استقلال البلد مهدد”… باسيل: دخلنا في حرب لم يكن يجب أن نقع فيها

أكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أنَّ “الحفاظ على الإستقلال هو أصعب من …