كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:
سريعاً، تبددت آمال «نواب التغيير» في تحقيق الإصلاحات المطلوبة داخل المؤسسات الدستورية فرادى، بعد الإنتكاسات التي منيوا بها خلال إعادة تكوين السلطة التشريعية وتكليف رئيسٍ للحكومة. وأمام تزايد معاناة اللبنانيين واللبنانيات يوماً بعد يوم، إستعادت «قوى التغيير» المبادرة أمس، في الشارع كما داخل المجلس النيابي، متخطيةً الإستفراد في المواقف وتسجيل النقاط الإعلامية الشعبوية، داعيةً في بيان إلى التعاون بين جميع النواب على ورشة تشريعيّة والضغط منذ الآن من أجل إنتخاب رئيس جديد للجمهورية.
وأمام «تعمد المنظومة بكل مكوناتها منذ انفجار الازمات المتعددة عدم المبادرة لايجاد حلول جذرية لحلها، تاركةً اغلب اللبنانيين لمصيرهم دون حد أدنى من سياسة اجتماعية هادفة تحميهم من نتائج هذه الازمات… وأمام انقطاع عدد كبير من الخدمات على ندرتها عن السكان، وارتفاع كلفة الاتصالات والعديد من المواد الأساسية، كأننا في حصار تفرضه هذه المنظومة على الناس»، إستعادت «قوى التغيير» المبادرة في الشارع أمس، بعد دعوة النائبة بولا يعقوبيان إلى المشاركة في مسيرة إحتجاجية للتذكير بوجود شعب يدافع عن حقوقه والضغط من أجل تحقيق مطالبه، إلى جانب العديد من مجموعات «17 تشرين» من بينهم «رابطة المودعين» و»الشعب يقاوم الفساد» و»المرصد الشعبي» كما «بيروت تقاوم»، شارك فيها العديد من المواطنين إلى جانب النواب مارك ضو، وبولا يعقوبيان، وضاح الصادق وإبراهيم منيمنة.
وفي السياق، إعتبرت المحامية والناشطة السياسية فيرينا العميل أنه على الرغم من وجود نواب يحملون مطالب المواطنين التغييرية داخل المجلس النيابي، فإن الشارع يبقى وسيلة الضغط الأساسية في ظل غياب سياسات واضحة للحدّ من تمادي الإنهيار وتحقيق التغيير الفعلي، مؤكدةً أن العودة إلى الشارع لا تأتي بعد انسداد أفق التغيير داخل المؤسسات، إنما عن سابق تصور أن الإستحقاق النيابي محطة من محطات النضال المستمر والضغط لتحقيق التغيير المنشود ضمن كافة الأطر المشروعة.
كما أوضح الناشط السياسي فؤاد دبس أن الدعوة إلى المسيرة أتت في ظل تفاقم التحديات المعيشية، من الإنقطاع المستمر للكهرباء والمياه كما الإستمرار في حجز ودائع المواطنين في المصارف، إلى جانب رفع تسعيرة الإتصالات. وإذ إعتبر أن عودة الزخم إلى ساحات «17 تشرين» سابق لأوانه اليوم، أوضح أن الإحتجاجات ستفرض نفسها مع الوقت في ظل غياب المعالجات المرجوة، مؤكداً قيام المنظمين بالتواصل والتنسيق مع العديد من مجموعات «17 تشرين» المؤيدين لإستئناف الضغط في الشارع.
المسيرة التي إنطلقت من أمام وزارة الطاقة مروراً بشركة كهرباء لبنان وصولاً إلى وزارة الإقتصاد، شددت على أهمية العودة إلى الوضوح، واستمرار النضال ضد فساد الطبقة السياسية واستهتارها بحقوق المواطنين وصولاً إلى تحقيق التغيير الجذري سياسياً، اقتصادياً، واجتماعياً، والتأكيد على أن المياه، والكهرباء ولقمة الخبز كما الودائع المحجوزة والتعليم والطبابة والاتصالات وكافة الخدمات الاخرى حقوق للمواطنين وليست منة أو حسنة من أحد، مؤكدة العمل بكامل القدرات وبشتى الطرق والوسائل المتاحة لاستعادتها.
توازياً، وأمام المحاولات المستمرّة لخرق جدار النهج السياسي السائد، والذي يقوم في عمقه على تحاصص طائفي لا يلتقي الا على نهب ما تبقّى من مقدّرات الوطن، وفي ظل التدهور المستمر في سعر الصرف والإرتفاع الجنوني للاسعار، وإنعدام الخدمات العامة من طبابة وتعليم، كما البطالة المطردة والهجرة، نشر النائب ميشال الدويهي بياناً باسم «نواب التغيير»، مشيراً إلى أن «هذا النهج أودى بـ 80 بالمئة من الشعب اللبناني إلى ما دون خط الفقر»، وسط تجاهل المقترحات الإقتصادية والإجتماعية الجدية، مشدداً على أن هذا التجاهل «يدل على نيّة مباشرة بتحميل الناس كلفة الإنهيار، ورفع المسؤولية عن أصحاب المصارف وحاكمية مصرف لبنان والسياسيين المتورّطين بتقويض مقوّمات الإقتصاد».
وفي خطوة أقرب إلى الواقعية في مقاربة التحديات والإستحقاقات الدستورية المرتقبة، دعا «نواب التغيير» في بيانهم «كل النّواب في المجلس النيابي إلى وقفة تاريخية لصالح النّاس، والعمل سويّةً على ورشةٍ تشريعية، تتضّمن إقرار القوانين الاساسية المساعدة لإعادة اطلاق النمو وعلى سبيل المثال لا الحصر قانون اعادة هيكلة المصارف، الى رفع السرية المصرفية، وقانون استقلالية القضاء، وحماية المودعين وقانون للموازنة بتوجه انمائي اجتماعي استثماري».
وعلى أبواب الإستحقاق الرئاسي، ناشد «نواب التغيير» اللبنانيين»العمل سويّةً للضغط منذ الآن من أجل انتخابِ رئيسٍ جديدٍ للجمهورية يكون مستعدّاً أن يضع مصالح الناس في أولويّة عهده، والضغط من أجل تشكيل حكومة تقرّ خطة حقيقية للتعافي لوقف النزيف واعادة اطلاق عجلة القطاعات الاقتصادية المنتجة، خطة تحدد المسؤوليات وتحاسب من تسبب بالخسائر وتحمي اصول الدولة من سرقتها، خطة وطنية تكون مرتكزاً للمفاوضات مع صندوق النقد ومدخلاً لمسار مالي منتظم. وإلا فإن الإنهيار الإقتصادي لن يتوقّف عن التسارع».