كتب منير الربيع في “المدن”:
يواصل لبنان انتظار الحصول على جواب إسرائيلي حول العرض الذي جرى تسليمه لمبعوث الرئيس الأميركي لشؤون أمن الطاقة العالمي، آموس هوكشتاين. تحاول تل أبيب التنصل، بذريعة وجود أزمة سياسية وحكومية، وبالتالي لا قدرة على إعطاء الجواب.
لبنان يستعجل الحلّ
الأمر لا يمرّ لبنانيًا، إذ تتكاثر الاعتراضات اللبنانية عبر القنوات الديبلوماسية للوصول إلى صيغة، تتعلق بوقف عمل باخرة شركة إنرجين باور اليونانية. الرسائل اللبنانية التي بعثت، لا سيما إلى جهات أميركية وأوروبية، هدفها الحث على التسريع بالجواب أو السعي للوصول إلى حلّ، مع تأكيدات لبنانية بأن لبنان هو الذي يريد الحلّ، وأن رئيس الجمهورية ميشال عون يصر على إنجاز الملف سريعًا، والبدء بالتنقيب عن النفط قبل انتهاء ولايته.
وفي حال لم يتم التوافق، فلا بد لإسرائيل من وقف عمل الباخرة وإبعادها عن حقل كاريش، في وقت حاول لبنان التلويح بأنه في حال لم يتم وقف العمل، فسيعمل على مراسلة الأمم المتحدة للاعتراض. وجرى تمرير رسالة بأن هذه الخطوة ستؤدي إلى مزيد من الضغوط أو فرض عقوبات جديدة.
تدخل الأمم المتحدة
كل هذه التطورات التي شهدتها الكواليس، دفعت بهوكشتاين إلى عقد لقاء آخر مع مسؤولين إسرائيليين، في محاولة لتحريك المفاوضات مجددًا، مع إبلاغ لبنان بأن المساعي مستمرة. تزامنًا كانت الممثلة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة في بيروت تجري لقاءات متعددة مع المسؤولين الرسميين، ومع قوى سياسية بارزة وأساسية من بينها من هو مواكب لهذا الملف. والغاية هي دخول الأمم المتحدة على الخط، في مواكبة لهذا الملف بالتحديد، ولتكريس الاستقرار على الحدود ومنع حصول أي تصعيد، والبحث عن إمكانية إيجاد حلّ.
ولم تخل اللقاءات من البحث في مجالات عمل قوات الطوارئ الدولية في الجنوب، على مسافة شهر من التجديد لمهامها من دون تعديلات. وفي هذا السياق، برزت زيارة وزير الخارجية عبد الله بو حبيب إلى الناقورة قبل أيام.
المسار الذي سلكته الأمم المتحدة في لبنان، يواكبه مسار آخر على الجانب الإسرائيلي، إذ تكشف مصادر ديبلوماسية عن زيارة سيقوم بها وفد من الأمم المتحدة إلى تل أبيب للقاء المسؤولين الإسرائيليين والبحث معهم في ملف الترسيم، وإمكانية إنجازه سريعًا والوصول إلى تسوية، إضافة إلى البحث عن إمكانية الاضطلاع بدور يدفع إسرائيل إلى عدم استفزاز لبنان، من خلال مواصلة العمل في حقل كاريش. والأهم منع حصول أي تصعيد، لأن أي خطأ أمني أو عسكري قد يؤدي إلى حصول مواجهة أو معركة لا يريدها أحد.
عودة إلى المرفوض
يفترض بالوفد الأممي أن يبلغ الجانب اللبناني بأجواء ونتائج لقاءاته الأسرائيلية. في هذا الوقت، وفيما يصرّ الجانب الإسرائيلي على الاستثمار بالوقت وإضاعته للوصول إلى فرض أمر واقع بالبدء باستخراج النفط من حقل كاريش، تتواصل محاولات إعادة عرض ما قدمه هوكشتاين في زيارته ما قبل الأخيرة الى لبنان: اعتماد مبدأ التنقيب من خلال شركات عالمية، تعمل على الحفر للوصول إلى الاستخراج من الحقول، قبل الوصول إلى حلّ لترسيم الحدود.
هذا العرض رفضه لبنان بالمطلق، لأنه يندرج في سياق التطبيع النفطي أو الاقتصادي، علمًا أن شركة إنرجين باور اليونانية يملكها شخص إسرائيلي- يوناني، وحاولت تقديم مثل هذا العرض الذي اعتبره لبنان فخًا.
انتظار التفاهم
هي صيغة يرفضها لبنان قطعيًا، فيما تستمر المحاولات الداخلية في ممارسة الضغط للإتيان بشركات لا تخضع للضغوط الأميركية، للبدء بعمليات الحفر في مناطق لا تعتبر متنازع عليها. لكن لبنان الرسمي لا يزال يعارض هذه الفكرة نتيجة تداعياتها السلبية.
فلا يمكن الإتيان بشركات إيرانية أو روسية بسبب العقوبات. ولا يبدو أن هناك حماسة صينية لمثل هذه الخطوة. ولا للدخول في مجال من مجالات الصراع أو التوتر. لذا لا يزال لبنان يواصل الانتظار، ولا يبدو قادرًا على سلوك أي طريق غير الوصول إلى تفاهم. وقد يذهب إلى مراسلة الشركات التي فازت بالمناقصات لمطالبتها بالعمل مجددًا، علمًا أنه تم تمديد فترة عملها. وهناك من يعتبر أن هذه الشركات لن تكون قادرة على الاستمرار في العمل لاحقًا. فلا رغبة أميركية باعطاء دور لشركة توتال الفرنسية، لأنها على شراكة مع نوفاتيك الروسية والتي تعرضت للعقوبات. وهناك تعزيز للعلاقة الأميركية الإيطالية في البحر المتوسط، وقد بدأت تجلياتها في الاتفاقيات الإيطالية- المصرية. وهذا ما سيصب في صالح شركة إيني الإيطالية، إضافة إلى سعي شركات أميركية أخرى، كشيفرون وإيكسون موبيل، للدخول إلى المناقصات والعمل في المياه اللبنانية.