كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
يفترض أن يستكمل مجلس النواب الساعة الثالثة من عصر اليوم، تكوين مطبخه التشريعي من خلال انتخاب أعضاء لجنتي التربية والصحة ومن ثم انتخاب رؤساء ومقرري لجان المجلس بكاملها، بعدما كان النواب انتخبوا يوم الثلاثاء أعضاء 14 لجنة من أصل 16 ولو أن عملية التوافق والتزكية كانت هي الطاغية، حيث اقتصرت عملية الإقتراع والإنتخابات على خمس لجان هي: «الإدارة والعدل»، «المال والموازنة»، «الداخلية والدفاع «، «الأشغال والطاقة» و»الإقتصاد والتجارة».
وبمعزل عن السيناريوات التي يمكن أن تجري خلال جلسة اليوم، فإن هناك جملة من الوقائع والخلفيات لجلسة يوم الثلاثاء الماضي لا بد من التوقف عندها وشرحها للرأي العام، خصوصا لجهة آلية الإنتخاب وما تم بالفعل ولماذا حصل بعض الجدل أو التوتر في النقاش حول هذا الأمر، إضافة إلى النتائج التي حصل عليها كل نائب خلال عملية الإقتراع التي جرت لعضوية خمس لجان؟
بداية، لا بد من التأكيد أن آلية وطريقة الإنتخاب داخل مجلس النواب، واردة ومحددة في النظام الداخلي للمجلس وهي تتحدث بشكل واضح عن الإقتراع السري، وهذا الأمر منصوص عليه أيضاً في بعض مواد الدستور وبالتالي فإن أي تعديل أو تغيير في هذه الآلية يحتاج إلى تعديلات دستورية وفي مواد النظام الداخلي لمجلس النواب، وما عدا ذلك يبقى من باب المواقف والتصريحات وتسجيل النقاط التي لا تقدم ولا تؤخر في عملية تطويرعمل المؤسسة الدستورية الأم، أي مجلس النواب.
وعطفاً على ما سبق، فإن جلسة إنتخاب أعضاء اللجان يوم الثلاثاء الماضي، قد شهدت عملية إقتراع حسب ما هو وارد في النظام الداخلي خلال عملية الإنتخاب، وتم توزيع المغلفات الموقعة والممهورة بختم مجلس النواب، حسب الأصول، وكذلك تم توزيع لوائح بأسماء المرشحين وفقاً لرغبة كل نائب كان أبلغ الأمانة العامة لمجلس النواب قبيل إنعقاد الجلسة، على عضوية أي لجنة يود الترشح، كما أن بعض النواب أعلن ترشحه خلال إنعقاد الجلسة وهذا حق لكل نائب داخل القاعة.
لكن ما فات البعض أو حتى الرأي العام، هو أن الإشكالية التي أثارها بعض نواب قوى»التغيير» كانت على خلفية طباعة الأوراق بأسماء المرشحين وتوزيعها داخل القاعة، إذ إن هذا الأمر كان من باب تجهيز الأوراق للعملية الإنتخابية مع ترك باب الحق مفتوحاً لكل نائب بالترشح وإضافة أي اسم بخط اليد على ما هو موجود ومطبوع.
وقد وصل عدد المرشحين إلى 27 مرشحاً بينما عدد أعضاء اللجنة هو 17 وهو ما جرى خلال عملية إنتخاب أعضاء لجنة الأشغال والطاقة، كما وصل عدد المرشحين لعضوية لجنة الإقتصاد والتجارة إلى 20 بينما عدد أعضاء اللجنة هو 12، وهذا الأمر وخلافاً لما صُور وروج له، بأن نواب قوى التغيير هم من فرض العملية الإنتخابية، فالأعداد وتوزع وتنوع الأسماء تقول عكس ذلك، حتى أن الحلفاء كانوا يتنافسون ويختلف الأمر بين لجنة وأخرى وفقاً للتفاهمات المرسومة بين القوى السياسية.
ففي لجنة المال مثلاً بلغ عدد المرشحين 22، ونجح النائب إبراهيم منيمنة بنتيجة 66 صوتاً بينما لم يوفق كل من زملائه مارك ضو (55 صوتاً)، ياسين ياسين (40 صوتاً) وفراس حمدان (27 صوتاً)، وقد ترشح ايضاً النائب عدنان طرابلسي ولم يوفق وقد نال 49 صوتاً، ووجدت أيضاً 8 أصوات للنائب هاني قبيسي الذي لم يكن مرشحاً جدياً لعضوية اللجنة، مع الإشارة إلى أن منيمنة حل الرقم 17 في اللجنة التي تتألف من 17 عضواً وتراوحت الأصوات التي نالها الفائزون بين الـ66 والـ105، وكان عدد الحضور في القاعة 121 نائباً.
أما في لجنة الإدارة والعدل، فكانت الرسالة واضحة لنواب «التغيير» حيث بلغ عدد المرشحين 20، ثلاثة منهم لم يحالفهم النجاح، وللمصادفة أن هؤلاء الثلاثة هم: ملحم خلف (55 صوتاً)، حليمة قعقور (39 صوتاً) وفراس حمدان (18 صوتاً).
وبلغ معدل النجاح ما بين 59 صوتاً و102 من أصل 120 نائباً، ما يعني أن فوز النائب ونقيب المحامين السابق ملحم خلف كان يحتاج إلى خمسة أصوات فقط ليكون في عضوية لجنة الإدارة والعدل.
وفي نتائج إنتخابات لجنة الأشغال والطاقة، مفارقات غريبة نوعاً ما حيث بلغ عدد النواب الذين لم يحالفهم النجاح في عضوية اللجنة 10، وهم: أسامة سعد (39 صوتاً)، جيمي جبور (18 صوتاً)، إلياس حنكش (35 صوتاً)، نزيه متى (43 صوتاً)، غسان حاصباني (18 صوتاً)، شربل مسعد (27 صوتاً)، أديب عبد المسيح (39 صوتاً)، جميل عبود (33 صوتاً)، إيهاب مطر (39 صوتاً) وسيزار أبي خليل (46 صوتاً)، وهنا المفارقة أن الذي حل في المرتبة 17 هو أيضاً النائب إبراهيم منيمنة بنتيجة 48 صوتاً، وكان المعدل بين 48 و75 صوتاً.
وفي لجنة الداخلية والدفاع البالغ عدد أعضائها 17 ترشح 20 نائباً ولم يحالف النجاح كلاً من النواب: زياد حواط (27 صوتاً)، ميشال الدويهي (33 صوتاً) وعدنان طرابلسي (38 صوتاً)، وكان معدل النجاح بين 40 و99 صوتاً بينما كان عدد النواب داخل القاعة وصل إلى 111.
أما في لجنة الإقتصاد والتجارة البالغ عدد أعضائها 12 فقد ترشح 20 نائباً، ثمانية منهم لم يوفقوا وهم: ياسين ياسين (26 صوتاً)، إلياس الخوري (15 صوتاً)، كميل شمعون (27 صوتاً)، وضاح الصادق (34 صوتاً)، جميل عبود (33 صوتاً)، وائل ابو فاعور (31 صوتاً)، مارك ضو (38 صوتاً) وراجي السعد (43 صوتاً). وكان معدل النجاح بين 51 و89 صوتاً وعدد النواب داخل القاعة تراجع إلى ما دون المئة.
هذه قراءة سريعة للأرقام بإنتظار نتائج إنتخابات الرؤساء والمقررين لتتضح الصورة أكثر، وإن كان هناك من يتخوف من عدم ترجمة التفاهمات السياسية وذهاب البعض لتكريس أكثرية معينة على قاعدة نتائج إنتخابات رئيس المجلس ونائبه وتطبيق ذلك على اللجان