كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:
لم تأتِ رياح جلسة إنتخاب أعضاء اللجان النيابية خلال اليوم الماراتوني أمس، كما كانت تشتهي سفن النواب أو بعضهم على مختلف المستويات، ما دفع برئيس مجلس النواب نبيه بري إلى تحديد موعد جديد بعد ظهر يوم الجمعة المقبل لإستكمال العملية الإنتخابية لأعضاء اللجان النيابية الـ16، ومن ثم إنتخاب رؤساء ومقرري هذه اللجان التي يبدو أنها قد تخضع لعملية تصويت ما لم يتم التوافق في ما بين النواب الأعضاء حتى من نفس الفريق أو التحالف أو التفاهم.
وكانت جلسة الأمس المخصصة لإنتخاب أعضاء اللجان النيابية قد شهدت وعلى مدى جولتين صباحية ومسائية عملية إنتخاب أعضاء 14 لجنة من أصل 16، وبقيت لجنتا الصحة والتربية بعدما نجحت محاولات التفاهم المتكررة برعاية بري من تسجيل فوز خمس لجان بالتزكية في الفترة الصباحية هي لجان: «الشؤون الخارجية»، «الإعلام والإتصالات»، «الشباب والرياضة»، «حقوق الإنسان» و»المرأة والطفل»، في حين إفتتحت الجلسة بعملية إنتخاب أعضاء لجنتي «الإدارة والعدل» و»المال والموازنة» والتي إستمرت لساعات، نظراً لعملية التنافس وكثرة المرشحين لعضوية هاتين اللجنتين الأساسيتين.
كذلك سجلت الفترة المسائية من الجلسة، التي رُفعت من الثالثة حتى السادسة للإستراحة والغداء، فوزاً بالتزكية لأربع لجان هي: «الزراعة والسياحة»، «البيئة»، «المهجرين» و»تكنولوجيا المعلومات»، وشهدت عملية إنتخاب لثلاث لجان هي: «الداخلية والدفاع والبلديات»، «الأشغال العامة والطاقة والمياه» و»الإقتصاد والتجارة» البالغ عدد أعضائها 12 عضواً بينما ترشح لهذه العضوية 22 نائباً.
وبمعزل عن حسابات الربح والخسارة التي قد تُسجل هنا وهناك، فإنه يمكن تسجيل الملاحظات التالية:
أولاً: العملية الإنتخابية لعضوية اللجان ليست الأولى بتاريخ المجلس النيابي ولن تكون الأخيرة، فقد حصلت عمليات مشابهة عامي 1996 و2005 ولكن لم تستغرق كل هذا الوقت بعدما تبين أن التوافق هوالأيسر والأسهل لإنجاز هذه العملية.
ثانياً: توزع التمثيل والمشاركة النيابية من مختلف الكتل والتوجهات على جميع اللجان ولو بنسب مختلفة، وعدم تحقيق رغبات البعض في دخول عضوية بعض اللجان تمهيداً للوصول إلى الرئاسة أو المقرر.
ثالثاً: أثبتت الجلسة مرة جديدة أن لا أكثريات دائمة في برلمان 2022 وأن بعض النواب وخاصة نواب «قوى التغيير» بحاجة لمزيد من الواقعية في التعامل تحت قبة البرلمان.
رابعاً: تغيب عن الجلسة بعذر أربعة نواب هم: غسان حاصباني، وائل أبوفاعور، جورج عقيص واشرف ريفي، بينما تغيب بدون عذر كل من النواب تيمور جنبلاط، زياد حواط وبيار بو عاصي وبدأ عدد النواب في اول جلسة إقتراع مع 121 نائباً ثم تراجع إلى حدود 111 في جولات الإنتخاب المسائية.
خامساً: لم تخلُ الجلسة من المواقف والسجالات السياسية الحادة على خلفية مطالبة النائبة بولا يعقوبيان بتحويل الجلسة إلى جلسة لمناقشة موضوع التنقيب الإسرائيلي عن النفط داخل الخط 29، والذهاب لإقرار إقتراح القانون المعجل المكررالذي يحدد الحدود البحرية وحماية الثروة الوطنية.
وهذا الأمردفع بالرئيس بري إلى الكشف عن أن الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين سيزور لبنان نهار الأحد أو الإثنين.
ولم ينته الأمر هنا، بل إستكمل بردّ لبري على كلام ليعقوبيان قالت فيه إن بري لم يقبل بعقد جلسة تشريعية لهذه الغاية، وجاء في الرد: «وين كانت بولا يوم كنت من 12 سنة عم خابط في موضوع الثروة النفطية، كانت بعدا ما تزوجت، ما بدنا نحكي مش كرمالها كرمال زوجها، زوجها صاحبنا، ألف باء التشريع تقول لا تشريع خلال جلسة الإنتخاب، يبدو في ناس جايي عالمجلس حتى تتشاوف فقط».
وعقبت بولا على كلام بري بوصفه بالمرفوض والمعيب.
سادساً: سجلت الجلسة أكثرمن محطة سجالية كان نجومها نواب «التغيير» لا سيما فراس حمدان وشربل مسعد على خلفية آلية الترشيح وطرح الأسماء، ما إستدعى تدخلاً وردوداً من قبل نائب رئيس المجلس الياس بو صعب والنائبين سليم عون وعلي حسن خليل الذي خاطب النائب فراس حمدان بـالقول: «يا ابني»، فردّ عليه الأخير قائلاً: «أنا مش ابنك، أنا زميلك».
سابعاً: بدأ التمايز في الأداء والطروحات يتبلور بين النواب الجدد من خلال ما طرحه مثلاً النائب وضاح صادق لجهة إقتراحه تشكيل لجنتين، الأولى تعمل على تشكيل الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية السياسية والثانية من أجل تحديث وتطويرالنظام الداخلي لمجلس النواب.
ثامناً: بينت نتائج الجلسة أن العملية الإنتخابية وآلياتها داخل المجلس تحتاج إلى تعديلات دستورية وتعديلات في النظام الداخلي لحل عدد من الإشكاليات في طريقة التصويت والفرز وغيرها.
تاسعاً واخيراً لا بد من التذكير بأن العملية الإنتخابية التي جرت ولم تنته بعد، ستكون محط مراجعة وتدقيق بعد حوالى خمسة أشهر، أي عند بداية عقد تشرين لمجلس النواب وتجديد إنتخاب لجانه الدائمة وفقاً للأصول الدستورية، وعندها يتبين إذا ما كانت المعارك التي حصلت بهدف العمل والإنتاجية أم لتسجيل المواقف وسيكون النواب، وخصوصاً الجدد منهم، تحت مجهر الرأي العام.
في الختام ورغم بعض الأجواء المتشنجة التي رافقت الجلسة، إلا أن لرئيس المجلس بعض اللمعات التي تلطف الأجواء ومنها أنه غادر القاعة وسلّم رئاسة الجلسة لنائبه الياس بو صعب … ثم عاد الى القاعة واعتلى منصة الرئاسة ووقف خلف الكرسي لبضع دقائق دون أن يتنبه لذلك بو صعب الذي كان منهمكاً بأوراق اللجان، ما أثار جواً من المرح والتعليقات من قبل النواب داخل القاعة