كتب مهدي كريّم في ليبانون ديبايت
شكّلت الإنتخابات في الدائرتين الجنوب الثانية (صور – الزهراني) والثالثة (النبطية، بنت جبيل، حاصبيا ومرجعيون) محطةً مفصلية بالنسبة إلى القوى المنافسة للثنائي الشيعي، حيث تمكنت هذه القوى من الفوز بمقعدين ثمينين، يمكن التعويل عليهما في بناء معارضة جنوبية جدية قادرة على المواجهة في الإستحقاقات القادمة.
بدايةً مع دائرة الجنوب الثالثة التي أحدثت المفاجأة الأكبر، ليس على صعيد الجنوب وإنما لبنان، ففي هذه الدائرة تواجهت لائحتان، إحداهما للثنائي الشيعي وأخرى للقوى الإعتراضية، بالإضافة إلى لائحة ثالثة هي لائحة “صوت الجنوب” التي عاد بعض أعضائها وأعلن انسحابه من المعركة الإنتخابية. ويمكن القول أن العديد من العناصر ساهمت بتحقيق هذا الفوز لقوى الإعتراض، أوّلها هو تقديم لائحة موحدة بعدما تنافست 6 لوائح في الإنتخابات الماضية، وقد تشكّلت هذه اللائحة من الحزب الشيوعي ومجموعات مدنية متنوعة ومتعددة الإتجاهات ممّا أعطاها دفعاً قوياً، أضف إلى ذلك أن تنوع خلفيات المرشّحين ساهم بتقديم صورة إيجابية للائحة.
كما أن ترشيحات الثنائي الشيعي لشخصيات مُستفزّة للرأي العام من المُدعى عليه علي حسن خليل إلى المصرفي مروان خيرالدين، وصولاً لأسعد حردان سهّل من مهمة اللائحة المنافسة، فضلاً عن عدم استبدال النواب سوى لناحية استبدال ياسين جابر برجل الأعمال ناصر جابر وعلي بزي بالنائب أشرف بيضون.
وفي قراءة للنتائج يتبيّن أن التنوع الطائفي الكبير في هذه الدائرة أدى الى وجود كتلة أصوات مقبولة نسبياً إنطلقت منها لائحة “معاً نحو التغيير”، فقد تمكّن مرشحو الطوائف الثالثة، السنّي والدرزي والمسيحي من نيل 15,136 صوتاً، أي ما يوازي نصف الأصوات التي نالتها اللائحة والتي بلغت 30384 صوتاً، كما أن الصوت الشيعي المُعارض برز في هذه الدائرة، وتحديداً في قضاء النبطية حيث نال مرشّحو النبطية الثالثة نحو 7 آلاف صوت، مع الإشارة إلى أن هذه المنطقة شكّلت عبر التاريخ مركزاً حاضناً للقوى اليسارية وما زالت هذه القوى تتمتع بشعبية في بعض القرى والبلديات في المنطقة ولاسيّما كفرّمان وأنصار.
هذا في ما يتعلّق بالدائرة الثالثة، أمّا في دائرة صور – الزهراني فالمعركة الإنتخابية كانت أكثر برودة حيث شهدت معركة تثبيت وجود الصوت الإعتراضي إنطلاقاً من معرفة مُسبقة بعدم القدرة على تحقيق أي خرق لعدّة أسباب، وفي مقدمتها شكل الدائرة الإنتخابية التي فُصّلت وفق مصلحة الرئيس نبيه بري الذي فرض فصل قرى صيدا عن دائرة صيدا – جزين وضمّها إلى صور – الزهراني بغية زيادة أعداد الناخبين الشيعة.
وتنافست في هذه الدائرة 4 لوائح، إحداها للثنائي الشيعي وتمكّنت من الفوز في المقاعد الـ 7 المخصّصة لها، وأخرى مدعومة من “القوات اللبنانية”، وثالثة تُمثل شخصيات قريبة من “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” وأخيرة تُمثل قوى 17 تشرين وحراك صور والحزب الشيوعي اللبناني. وقد حصدت هذه اللوائح مجتمعةً نحو 22 ألف صوت، وهو رقم تعدّى الحاصل الإنتخابي، وهذا ما يعني أن توحّدها ضمن لائحة واحدة كان سيمكّنها من تحقيق خرق بأحد المقاعد في دائرة الزهراني. إلاّ أن عدم الإتفاق على التوجهات السياسية والإختلافات الجوهرية حالت دون خوضها المعركة الإنتخابية سوياً.