كتبت كارول سلوم في “أخبار اليوم”:
مع انطلاق العد العكسي لإستحقاق الأحد المقبل الإنتخابي، تستعد الأحزاب والقوى السياسية والمعارضة أو ما يعرف بـ”قوى التغيير” إلى منازلة كبيرة حشدت لها الأسلحة واللوازم المعنية.
وكلما اقترب الموعد، كلما علت الأصوات المطالبة بالأقتراع الكثيف، فهذه المرة يدرس قسم من الشعب اللبناني خياراته بدقة، سواء اقتراعا أو مقاطعة. ولأن التردد يسود لدى كثيرين لأسباب متعددة من ابرزها الاعتقاد السائد بقاء “القديم على قدمه” أو لأن قرارا بعدم المشاركة في الانتخابات اتخذ والمقصود بذلك قرار تيار المستقبل، فأن أكثر من خطاب وجه ويوجه الى المواطنين لحثهم على الاقتراع، هذا هو الحال عليه بالنسبة إلى الخطب الدينية يوم الجمعة في الجوامع أو العظات الدينية في الكنائس.
فالقرار الأساسي من كبار المرجعيات الروحية صدر… ومن هنا فإن المشايخ والكهنة يركزون على ممارسة اللبنانيين لحقهم الديمقراطي. يكررون الأمر في المناسبات، حتى ان المواطنين يقصدونهم للإستفسار عن هذا الإستحقاق. وهناك اتصالات من قوى وأحزاب ترد إلى هذه المرجعيات لجس النبض ومحاولة معرفة توجهات الناخبين.
ولأن رجل الدين يملك ما يملكه من قوة تأثير، فأن كثيرين يتقيدون بنداءاته، في حين أن البعض الأخر يحترم كلامه ويقوم في نهاية الأمر بما يراه مناسبا.
فهل أن رجال الدين قادرون على تغيير المعادلة وحض الناس على الإقتراع؟
وتوضح أوساط مراقبة لوكالة “أخبار اليوم” أن رجال الدين وفي قرارة أنفسهم داعمون لتوجه سياسي أو حزبي معين، وهذا ما ينعكس في مواقفهم إلا أن البعض منهم يفضل أن يحتفظ بقناعته لنفسه، على ان مسألة المشاركة تبقى هي الهاجس، ولذلك تكاد لا تخلو خطبة أو عظة من هذا الأمر . البعض قد يعلن صراحة عن خياراته ساعيا إلى التأثير الفعلي على رأي شريحة واسعة من الناس وقد ينجح في ذلك، في حين ان بعض رجال الدين يخشى من انكفاء طائفي أو غياب طائفة عن المشهد الإنتخابي، ومن هنا لا يترك وسيلة إلا ويحض فيها على الإقتراع دون التدخل في الخيارات، حتى وإن برز في كلامه اللوم على الطاقم السياسي الحالي ورغبته في قيام تغيير.
وتقول الأوساط نفسها أن هناك كلاما يتردد عن تدخل بعض رجال الدين لمصلحة لوائح معينة ودعمها ، إلا أن المسألة لا يمكن أن تعمم فالمونة من شيخ أو كاهن لا يعني حكما فرض القرار النهائي، مشيرة إلى أن كثيرين يعرفون جيدا أن هذه الانتخابات لا تشبه غيرها ووفق هذا الأساس يتصرف بعض الناخبين على ان الفرصة سانحة لأجراء تقييم حقيقي لما سُجل في لبنان في السنوات الماضية والانصراف إلى انتخاب مرشحين لا يمتون الى المنظومة الحالية أي صلة.
اما الدور السليم للمرجعيات الروحية فيكمن وفق ما ترى الأوساط نفسها، في اعتماد لغة العقل وإرشاد الناس ومساعدتهم على التعبير بحرية ضمن حق كفلته القوانين لهم ، مشيرة إلى أن هناك ترقبا لما قد يقال في خطب بعد غد الجمعة وعظات هذا الأحد قبل توجه الناخبين إلى صناديق الاقتراع، وقد تكون بمثابة النداء الأخير لمن اختار البقاء في منزله والا يقترع لعله يبدل رأيه ويشارك.
وتفيد الاوساط أنه في نهاية الأمر يجد الناخب اللبناني نفسه حرا في عملية الإختيار حيث أن صوته ملكه وحده وملك اللائحة التي انتخبها وراء العازل.
بعض المواقف
وكان برز أمس الإعلان عن توجيه مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، عبر المديرية العامة للأوقاف الاسلامية، أئمة وخطباء المساجد نحو تخصيص خطب صلاة بعد غد الجمعة في مختلف أنحاء المناطق اللبنانية لاستنهاض أبناء الطائفة السنية وحثهم على المشاركة في “ممارسة واجبهم الوطني بانتخاب ممثليهم في المجلس النيابي واختيار الأصلح والأكفأ ومن هو جدير بتولي هذه الأمانة، وحثّ المواطنين على النزول الى صناديق الاقتراع للانتخاب وعدم التهاون في ممارسة هذا الاستحقاق الذي هو فرصة للتغيير بالتصويت لمن يرونه يحافظ على لبنان ومستقبل أبنائه وعروبته ومؤسساته الشرعية”.
ويأتي ذلك، بعدما توجه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في خطبة عيد الافطر المبارك إلى الناخبين الشيعة بالقول إن «الاستحقاق الانتخابي عبادة كبرى وفريضة دينية»، محرماً في الوقت نفسه مقاطعة الاستحقاق أو الاقتراع بورقة بيضاء. وبينما وصف المعركة الانتخابية بـ«أكبر فرائض الله»، دعا للتصويت لـ«الثنائي الشيعي» («حزب الله» و«حركة أمل») وحلفائهما.
كذلك كان البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي قد جدد في عظة الاحد الفائت دعوته اللبنانيين إلى المشاركة بكثافة في الانتخابات البرلمانية، “في لحظة التغيير”. وأوضح “الانتخابات النزيهة تبدأ الديمقراطية الصحيحة، ومن كثافة الاقتراع الواعي والحر تستمد الانتخابات شرعيتها الشعبية مع شرعيتها الدستورية”. وشدد على “أن ينتخب المواطنات والمواطنون هو أن يوكلوا وطنهم ودولتهم ومصيرهم إلى من يختارون من بين النساء والرجال المرشحين. إنها لمسؤولية جسيمة تستدعي التأني والمقارنة والتقييم ثم الاختيار”.
وفي السياق عينه، قال متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عوده، في عظة الاحد في 8 ايار، “المطلوب من الشعب ألا يستسلم لليأس ويتقاعس، بل أن يكتب مصيره بيديه، ويقرر بشجاعة ما يريد وما لا يريد”. ورأى في الانتخابات النيابية فرصة للخروج من قعر الجحيم الذي وصل إليه البلد والشعب. واضاف: إن “الأحد المقبل يشكل فرصة لكلّ من يؤمن بالديموقراطية لكي يعبر عن رأيه بحرية ومسؤولية، وينتخب من يرى فيهم إمكانية الخلاص لبلدنا الحبيب”.
وبمناسبة الاستحقاق الانتخابي، أصدر متروبوليت جبل لبنان للروم الأرثوذكس المطران سلوان موسي رسالة رعائية، قال فيها: نحن مدعوون الى المشاركة فيه في نهاية الاسبوع الحالي، انه امتحان لالتصاقنا بتراب هذا الوطن، قائلا: علينا الا نستقيل من واجب حسن اختيار المرشجين او من واجب الاقبال على صناديق الاقتراع بفهم وحرص وتمحيص، من اجل خير الوطن وابنائه، اي خير كل واحد منا.