النواب يفوّتون فرصة تسجيل سابقة برلمانية

كتب أكرم حمدان في “نداء الوطن”:

كما كان متوقعاً، وبعد انتظار حوالى أكثر من نصف ساعة من الموعد الرسمي للجلسة النيابية العامة، أعلن الأمين العام للمجلس النيابي عدنان ضاهر في بيان، أن «عدد النواب الحاضرين بلغ 53 نائباً، وبسبب عدم اكتمال النصاب ألغى الرئيس نبيه بري عند الثانية والنصف الجلسة العامة للنظر في طرح الثقة بوزير الخارجية والمغتربين عبد الله بو حبيب المقدم من بعض النواب».

ومع إلغاء الجلسة وفق تعبير الأمين العام، فإن نواب الأمة قد فوّتوا عليهم فرصة تسجيل سابقة في ممارسة الرقابة البرلمانية من هذا النوع، حيث لم يسبق أن حصل انعقاد هكذا نوع من الجلسات منذ ما قبل وما بعد الطائف، وفق محاضر مجلس النواب.

وكان يفترض لو عقدت الجلسة أن يتم خلالها تلاوة المادتين 37 و68 من الدستور إضافة إلى المادة 85 من النظام الداخلي ويكون سجّل هذا المجلس سابقة يمكن الركون إليها في ما بعد.

وقبيل الدخول في المطالعات التي ألقيت بعيد الجلسة خارج القاعة، لا بدّ من التذكير والتوقف أمام نصوص المواد المذكورة أعلاه وأهميتها وخصوصاً المادة 37 والدور الذي تمنحه للنائب في ممارسة الرقابة البرلمانية، فهي تقول: «حق طلب الثقة مطلق لكل نائب في العقود العادية وفي العقود الإستثنائية ولا تجري المناقشة في هذا الطلب ولا يقترع عليه إلا بعد انقضاء خمسة أيام على الأقل من تاريخ إيداعه أمام عمدة المجلس وإبلاغه الوزير والوزراء المقصودين بذلك».

أما المادة 68 فتقول: «عندما يقرر المجلس عدم الثقة بأحد الوزراء وفاقاً للمادة السابعة والثلاثين وجب على هذا الوزير أن يستقيل».

وقد حدّدت المادة 85 من النظام الداخلي لمجلس النواب آلية التصويت على الثقة حيث نصّت على: «يجري التصويت على الثقة بطريقة المناداة بالأسماء وذلك بالجواب بإحدى الكلمات الآتية: ثقة، لا ثقة، ممتنع. لا يدخل عدد الممتنعين في حساب الأغلبية».

ويتبيّن ممّا تقدم أن الحق المطلق الذي تمنحه المادة 37 من الدستور للنائب ربما يكون بمثابة ورقة مهمة جداً لم يسبق أن اكتشفها النواب أو أنهم أو بعضهم لا يريدون القيام بهذا الدور الرقابي المهم.

وهذا يعني أن النصوص الدستورية والقانونية متوفرة ومتطوّرة ومتقدمة إنما هي تحتاج إلى من يطبّقها ويتعامل معها حسب الأصول.

وفي قراءة وقائع الجلسة وخلاصاتها، فإن النواب الـ53 الذين حضروا إلى قصر الأونيسكو يتوزعون على مختلف الكتل الممثلة في المجلس ما خلا كتلتي»المردة» و»القومي» اللتين لم يحضر منهما أحد، وعليه لا يمكن لأي طرف أن يتهم الآخر بتعطيل النصاب وإن كانت غلبة الغياب من كتلة «المستقبل» التي لم يحضر منها سوى النائب سمير الجسر.

وكالعادة تحول منبر الأونيسكو بعيد الجلسة إلى منصة لإطلاق المواقف وتبادل الإتهامات وهذه المرة من العيار الثقيل خصوصاً بين النائبين جورج عدوان وجبران باسيل الذي كان متوتراً وافتتح الكلام بالحديث عن «الغباء الذي أضيف إلى أسلوبهم الميليشياوي ويريدون تحميل التيار مسؤولية خطأ من ماكينة حزبية سجّلت الناخبين في سيدني بطريقة خاطئة».

وتساءل باسيل «لماذا طرح الثقة بوزير الخارجية طالما أن قرار توزيع المراكز أصبح بعد تعديل القانون عام 2022 من قبل وزير الداخلية وبالتنسيق مع وزير الخارجية؟» مؤكداً أن «ذلك لأن الطعن سياسي، وهم لا يستهدفون باقي الوزراء».

وأشار إلى أنه «في 2022 لسنا من طرحنا التعديل في قانون الانتخابات، ولم نحاول التلاعب في المهل، ومن تلاعب بالقانون والمهل فيه، هو المسؤول عن أي خطأ ممكن أن يكون حصل».

من جهته، رأى النائب جورج عدوان، أن «رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، هو وزير الخارجية الفعلي، وهو عضو فاعل في المنظومة التي أوصلت لبنان إلى هنا، ويترك ودائعه في الوزارات وخصوصاً مستشارته باسكال دحروج التي تتولى تنظيم الإنتخابات بدلاً من الوزير عبدالله بو حبيب».

وأكد «أننا لسنا الوحيدين الذين اعترضنا فالإشتراكي وحركة أمل وحزب الله إعترضوا على ألمانيا وتمّت تلبية طلبهم»، ولفت إلى أن «مطران أبرشية سيدة لبنان – لوس أنجليس، المطران الياس عبدالله زيدان، ليس من القوات، وهو وجه كتاباً عبر وزير الخارجية مكتوباً فيه أن ذلك يجعلنا نعتقد أن هذا الأمر غير بريء».

ورأى عدوان، أن «الثقة بوزير الخارجية لم تطرح لأن جزءاً كبيراً يعرف أن كلامنا هو الحقيقة»، لافتاً إلى أنه «ليس المهم التصويت على الثقة في المجلس بل في الإنتخابات».

وختم بأن «هناك سلسلة واحدة ومجموعة من المستشارين يتعاقبون على الوزارات فيما يبقى المحرك واحداً وهو العضو الفاعل في المنظومة التي أوصلت البلاد إلى هنا والتي تبرع ما بين الكذب وقعر الهاوية».

بدوره، تحدث النائب هادي أبو الحسن عن «المخالفات التي بدأت بتسريب داتا المغتربين لفريق سياسي معين وأن هناك إشكالية بدبي في مركز الإقتراع كون المكان ضيقاً ومن غير المقبول أن ترفض الحكومة نقل المركز إلى المكان الذي وفرته السلطات وهو قاعة المعارض خصوصاً أن المقترعين هناك من الخط السيادي، وهذه ليست المرة الأولى التي يجري فيها التلاعب بملفات الإغتراب من قبل فريق سياسي معين».

وفي الختام تلا الوزير بو حبيب نص الكلمة التي كانت معدّة ليلقيها داخل الجلسة في ما لو انعقدت وردّ على ما ورد على لسان النائب عدوان لجهة أنه الوكيل وليس الأصيل.

ومما جاء في كلمة وزير الخارجية الشكر خصوصاً من السادة نواب تكتل الجمهورية القوية الموقعين على عريضة المساءلة وطرح الثقة، ومن مجلسكم الكريم عموماً لأن هذه الجلسة تعكس جوهر نظامنا الديمقراطي البرلماني بامتياز القائم على التفاعل والحوار والمحاسبة.

وأكد أن «السياسة المطبقة في الوزارة تهدف إلى إبعادها والعاملين فيها، قدر الممكن، وبكل صدق وإخلاص عن التجاذبات السياسية الإنتخابية، وحصر دورها بعمل تنظيمي تقني».

واستعرض التفاصيل المتعلقة بملف الناخبين في سيدني، مشدداً على أن «إيداع المعلومات الصحيحة لدى التسجيل تقع على مسؤولية الناخب، وبالتالي، إن وزارة الخارجية والمغتربين لا تتحمل مسؤولية أخطاء الأفراد والماكينات الإنتخابية، كما أنه لا يمكن أن تقوم الوزارة بتعديل مراكز اقتراع الناخبين من مكان إلى آخر، بناء لطلب أي جهة كانت».

كذلك فإن تحديد أقلام الإقتراع يصدر بموجب قرار عن وزارة الداخلية والبلديات بالتنسيق مع وزارة الخارجية والمغتربين.

وختم بالتأكيد على «حرص الوزارة تأمين حق كل ناخب بالإقتراع وشفافية العملية الإنتخابية»، آملاً أن «يساهم هذا التوضيح في الحفاظ على سمعة الوزارة ومهنيتها والعاملين فيها، ومنهم نخبة من الدبلوماسيين والإداريين، يعملون لرب عمل واحد هو لبنان».

النواب الذين حضروا

الرئيس نبيه بري، علي بزي، جورج عطاالله، إيلي الفرزلي، سليم عون، جورج عقيص، إبراهيم كنعان، ماريو عون، بلال عبدالله، أيوب حميد، محمد خواجة، الرئيس نجيب ميقاتي، جميل السيد، علي درويش، روجيه عازار، محمد نصرالله، إدي أبي اللمع، جبران باسيل، عدنان طرابلسي، فادي سعد، محمد رعد، شامل روكز، جوزف إسحاق، أمين شري، شوقي الدكاش، الوليد سكرية، علي حسن خليل، ألان عون، علي المقداد، حسن فضل الله، فريد البستاني، سيزار أبي خليل، إبراهيم الموسوي، علي فياض، سمير الجسر، عماد واكيم، جورج عدوان، وهبي قاطيشا، علي عمار، هادي أبو الحسن، جان طالوزيان، فادي علامة، أنطوان حبشي، أنور جمعة، نقولا نحاس، أنيس نصار، حسين جشي، إدغار طرابلسي، نقولا صحناوي، سيمون أبي رميا، حسين الحاج حسن، إدغار معلوف، غازي زعيتر، وأغوب ترزيان.

شاهد أيضاً

“استقلال البلد مهدد”… باسيل: دخلنا في حرب لم يكن يجب أن نقع فيها

أكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أنَّ “الحفاظ على الإستقلال هو أصعب من …