إطلاق الحملة الانتخابية للائحة المعارضة في دائرة الجنوب الثالثة…

اثبتت أغلبيّة القوى “الاعتراضية” جنوباً، لا سيّما حزبي “الشيوعي” و”الطليعة” و”منظّمة العمل اليساري”، بالتعاون مع عدد من المجموعات “التشرينيّة”، قدرتها على التوحّد في بيان انتخابيّ واضح وصولاً إلى تشكيل لائحة “معاً نحو التغيير” المؤلّفة من 11 مرشحاً في الدائرة الثالثة جنوباً في مواجهة لائحة “الأمل والوفاء” المكتملة أيضاً.

أمّا لائحة “صوت الجنوب” المعارضة والمؤلّفة من 5 مرشحين، فقد انسحب منها رياض عيسى (سنيّ) لمصلحة لائحة “معاً نحو التغيير”.

انطلاقاً من هذا المشهد الانتخابيّ، انحصرت “المواجهة الحقيقيّة” في الدائرة بين لائحتين مكتملتين مع أرجحيّة واضحة لمصحلة “الثنائي الشيعي” في دائرة يغلب فيها الصوت الشيعي، ويُشكّل الصوت الدرزيّ والمسيحيّ والسنيّ فيها “قيمة مضافة”، وقد يدفع أيّ منافس باتجاه الحاصل الانتخابي.

لهذا انكبت القوى “التغييرية” مع مرشّحيها على الاستعداد للمعركة “الأصعب” بحثاً عن سبل اختراق “الجدار الفولاذيّ” للائحة “الأمل والوفاء”، لكونه ممسوكاً شيعيّاً بتحالف “أمل – حزب الله”، ومحكوماً درزياً بتوافق “أرسلان – جنبلاط”، ومرتاحاً سنيّاً في ظلّ مقاطعة “المستقبل”، ومطمئناً مسيحياً لانكفاء “إيجابي” سجّله “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”. فكيف شكّلت المعارضة ماكينتها الانتخابية تحضيراً لهذه المعركة “المستعصية” منذ 30 عاماً، علّها تجذب أصوات الناخبين “التغييريين” بعد 17 تشرين 2019؟

تنطلق الماكينة الانتخابية للائحة “معاً نحو التغيير” في إدارة معركتها الانتخابية من غرفة عمليات مشتركة للدائرة الثالثة، سيكون مركزها في مدينة النبطية، لكونها مركز المحافظة السادسة، حيث “ستصبّ فيها كلّ معطيات الماكينات الخاصة بكلّ قضاء، وإن كانت هذه الماكينات تعمل على الأرض بإطار مستقلّ، حسب حيثيّتها الجغرافيّة. لكن كلّ الجهد الإعلامي والإحصائي سيصدر من النبطية، حيث سيكون لدينا فريق عمل يتابع العملية الانتخابية بطريقة ممكننة، كذلك سيكون لدينا فريق مركزيّ يتابع التصويت الاغترابي”، بحسب ما شرحه القيّمون على هذا التحالف لـ”النهار”.

النبطية

42 بلدة في قضاء النبطية يستعدّ ناخبوها البالغ عددهم 153000 مقيم و6448 مغترباً للتوجّه إلى الصناديق من أجل اختيار اللائحة التي سيقترعون لها، ثم تحديد صوتهم التفضيليّ لأحد المرشّحين الثلاثة.

لهذا تسعى الماكينة، بحسب عضو “هيئة تنسيق انتفاضة النبطية ومنطقتها” يوسف سلامة، إلى”جذب الناخبين إلى لائحتنا من خلال الزيارات الفرديّة للمرشّحين أولاً قبل إجراء لقاءات موسّعة في عدد من هذه البلدات، من أجل التشديد على أنّ مواجهتنا هي ضدّ كلّ المنطومة السلطويّة، وليست ضدّ الثنائيّ فقط. نحن ننطلق من تاريخنا الوطنيّ المقاوم لطرح البديل أمام الناخبين”.

ولفت إلى أنه “تمّ تقسيم قضاء النبطية إلى 8 محاور، وسيكون في كلّ محور مكتب انتخابي يُشكّل نقطة ارتكاز للتواصل مع المنسّقين المتواجدين في كلّ بلدة، على أن يكون حضورنا مضاعفاً في البلدات التي يوجد فيها حضور حزبيّ للقوى المنضوية في التحالف. فنحن في الحزب الشيوعي أطلقنا العمل بماكينتنا الانتخابية الحزبية عبر كلّ منظّماتنا الحزبية كي تكون رافداً للماكينة المركزية”.

وشدّد على أنهم في صدد القيام بتأهيل مسبق لكلّ العاملين في اليوم الانتخابي كي يكونو على استعداد لـ”مراقبة نزاهة العملية الانتخابية حيث يكونون”.

وكشف عن أن “اللجنة المالية وضعت خطة للتمويل بالحدّ الأدنى، فنحن نرفض تمويل المنصات ونستند لبعض التبرّعات الشخصيّة والاغترابية الواضحة. فمظاهر البذخ التي تمارسها قوى السلطة خلال الانتخابات لا تنسجم مع قناعتنا بأننا انعكاس للحالة التغييرية التي انطلقت في 17 تشرين من الأوجاع الاقتصادية للشعب اللبناني المنهوبة أمواله”.

بنت جبيل

وفي قضاء بنت جبيل، تتحضر الماكينة الانتخابية بحسب القيّمين عليها للحضور في 36 بلدة يضمّها القضاء، الذي يبلغ عدد ناخبوه 155323 ناخباً مقيماً، و6968 ناخباً مغترباً، مع العلم أنّ عدد المقترعين في العام 2018 بلغ 65271 فرداً. وهنا، يؤكّد عضو الهيئة الحزبيّة لـ”الشيوعي” في بنت جبيل حسن حمدون أن “الماكينة الانتخابية في 16 بلدة من أصل 36 بدأت بالعمل انطلاقاً من وجود 16 منظّمة حزبيّة لنا في القضاء ككلّ، كما تمّ ضمّ ماكينات المرشّحين وحلفائنا إلى غرفة عمليات مشتركة”.

ولفت إلى أنهم “سيعملون مع المرشّحين لتغطية القرى الأخرى عبر متطوّعين انطلاقاً من علاقاتنا وعلاقات المرشّحين مع شخصيّات وأصدقاء في هذه البلدات”.

ومن الواضح أن حركة المرشحين الانتخابية انطلقت بالزيارات الشخصيّة لعائلات وأصدقاء، فضلاً عن وسائل التواصل الاجتماعي، مع إمكانية القيام بلقاء سياسيّ موسّع في عيترون وبنت جبيل لشرح البرنامج الانتخابي.

وشدّد المرشّح علي مراد على أنه “على عكس كلّ ما يُشاع، فماكينتنا إمكاناتها محدودة، ولا تمويل لنا سوى من القدرات الذاتيّة للمرشّحين وتبرّعات الأصدقاء في لبنان والاغتراب. وهذا ظاهر بوضوح لكلّ من يراقب الحملات الانتخابية، وإن كنّا سنكون حاضرين لتغطية كلّ صندوق اقتراع عبر متطوّعين، لأنّ لا ثقة لنا بصدقيّة هذه المنظومة”.

ولوحظ أن المرشّح المحامي حسن بزي كثّف زياراته “الصامتة” إلى العديد من المنازل في القرى والبلدات لشرح برنامجه الانتخابي وأهداف ترشّحه. وأكّد بزي لـ”النهار” أنّه “سيعمل مع زملائه والقوى الداعمة للّائحة إلى تأمين مندوبين متطوّعين لتغطية كلّ القرى والبلدات. نحن لا نملك المال بل نسعى للقيام بواجبنا مستندين إلى رصيدنا القائم على قول الحق ومقارعة الظلم في كلّ ساح”.

أمّا المرشح النقابي خليل ذيب فسجّل له حركة لافتة باتجاه مزارعي التبغ حيث “يعمل على استقطابهم من خلال تبنّي مطالبهم، والسعي لرفع الظلم عنهم في مسألة تسعيرة الريجي”.

حاصبيا – مرجعيون

تضمّ الدائرة 167188 ناخباً مقيماً و8605 ناخبين مغتربين حيث الصوت المسيحي والسني والدرزي هو “نقطة جذب”، بالرغم المقاطعة “الحريرية” و”القواتية” وانكفاء “العونيين” والتوافق الإعلامي بين “أرسلان- جنبلاط” على ترشيح مروان خير الدين.

وتعدّ هذه الدائرة خاصرة رخوة لـ”الثنائي الشيعي”، حسب نتائج انتخابات 2018، التي بلغ عدد المقترعين فيها 81196، مع العلم أنّ النّاخبين في العام 2022 توزّعوا حسب طوائفهم على الشكل الآتي: 102473 ناخباً شيعيّاً، 24196 ناخباً مسيحيّاً، 17651 ناخباً درزيّاً، 30855 ناخباً سنيّاً.

وأكّد عضو “هيئة تنسيق انتفاضة مرجعيون – حاصبيا” إلياس اللقيس لـ”النهار” أن “المعركة الانتخابية ستُخاض بماكينة واحدة. الحزب الشيوعي لديه 35 منظمة حزبية في القرى والبلدات، وستكون بالتضامن والتكافل مع حلفائنا بتصرّف المرشّحين الذين شكّلوا ماكينات فرعيّة خاصّة بهم، كجزء من الماكينة الرئيسية للتواجد في أكثرية القرى والبلدات خلال يوم الانتخابات”.

ولفت إلى أنّهم “لا يملكون أيّ خدمات أو أموال بل يعتمدون على وعي النّاس في هذا القضاء المتنوّع طائفيّاً؛ فحضورنا مع حلفائنا في القرى المسيحية لا يُستهان به تاريخياً، وسيُضاف إليه رصيد الطبيب إلياس جرادي (المرشّح عن المقعد الأرثوذكسي). أمّا حضورنا في حولا والطيّبة وعدد من القرى الشيعيّة فجيّد، كما سيكون حضور المرشّح إبراهيم عبدالله من الخيام جاذباً لرافضي المنظومة المصرفيّة من موقعه كمودع وناشط في جمعية المودعين”.

وكشف اللقيس عن أن “تواجدنا كلائحة في حاصبيا تعزّز بوجود شريك يمتلك حيثيّة خاصّة، سهّلت وجود ماكينة انتخابية شبابيّة لم نألفها في أيّ انتخابات سابقة خضناها في حاصبيا خارج الاصطفاف التقليدي”. وهنا أكد المرشح فراس حمدان لـ”النهار” أنّه “يخاطب الناخبين بعيداً من أيّ اصطفافات سابقة (14 و8 آذار)، لكون المطلوب إيجاد حلّ يُخرج البلد من أزمته وينهي سيطرة المصارف. لقد لمسنا تجاوباً من الشباب الراغبين بالتطوع في الماكينة الانتخابية”، لافتاً إلى أن “جولاته دخلت أغلبية المنازل لشرح أهداف معركتنا غير المعتمدة على دعم من أيّ سفارة أو جهة، بل نخوضها بإمكانات متواضعة لتحقيق مبادىء 17 تشرين”.

وبالنسبة إلى بلدة شبعا وسائر القرى السنيّة، يرى اللقيس أنهم يحاولون كماكينة التواصل معها لكونها “شكّلت ممراً تاريخياً لمقاومينا إبّان “جبهة المقاومة الوطنية”، وتربطنا بهم علاقات تاريخيّة غير ظرفيّة، وبالتالي نعوّل على استقطابهم لصالح لائحتنا المنحازة لهموم الناس ومشكلاتهم بالرّغم من دعوات المقاطعة”.

الأكيد أن المعركة الانتخابية في #دائرة الجنوب الثالثة بحسب استعدادات ماكينة قوى المعارضة لا تزال تدور باتجاه تحقيق رقم “وازن” في مواجهة لائحة الثنائي وحلفائه، وصولاً إلى إمكانيّة تحقيق خرق “يتيم” في “الخاصرة الرخوة”، فهل تحصل المفاجأة؟

المصدر: النهار

شاهد أيضاً

“استقلال البلد مهدد”… باسيل: دخلنا في حرب لم يكن يجب أن نقع فيها

أكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أنَّ “الحفاظ على الإستقلال هو أصعب من …