كتبت جيانا موسى في “نداء الوطن”:
لم تكُن يومًا الأعياد مصدرًا للشقاء والبؤس، فلطالما كانت محطّةَ فرحٍ ورجاء… وخُصوصًا في زمن القيامة.
ولكن، عن أيّ عيدٍ نتحدّث، والمواطن اللبنانيّ الّذي ما زالَ رهينة “الدولار”، يقف مُتفرّجًا أمامَ واجهات المحالّ الكبرى؟ يلاحق الرّفوف والبرادات ليسرقَ نظرةً على أسعار حلويات العيد قبل أن يدخُل ويُسارعَ صاحبُ المحلّ إليه ويسأله: “كيف منساعدك”؟
فكيفَ لهُ أن يساعد مواطنًا لبنانيًا ما زال يتقاضى أجره الشهريّ على أساس الـ1500 ليرة لبنانيّة للدولار، والعالم الخارجيّ يسابقه ويسرقه ويستولي على جيبه؟
فكما يمشي لبنان دائمًا عكس التيار، يحلّ كذلك عيد الفصح المجيد للعام 2022 على اللبنانيين مع سعر دولارٍ يلامس الـ25000 ليرة، وغلاءٍ في بدل النقل والموصلات وارتفاع فاحشٍ في أسعار الغاز.
يأتي ذلكَ مُترافقًا مع “إقحام” لبنان وكالعادة، في الأزمات الدولية.
فهو لم ينجُ أيضًا من شظايا الحرب الروسيّة – الأوكرانيّة، وما تُشكّله من تداعياتٍ خطرةٍ على أمنه الغذائيّ، فالنقصُ الحادّ بالموادّ الغذائيّة كالطحين والزيت والسكّر في الأسواق، يُنذر بالأسوأ.
المشهدُ القاتم هذا، انسحب بطبيعةِ الحال على أسعار الحلويات الخاصّة بالفصح، والتي يشتريها المواطنونَ احتفالًا بالعيد المجيد.
وبهدف تعقُّب حركة الأسواق وتلمُّس القدرة الشرائية لدى المواطنين اللبنانيين والاطّلاع على مُختلف الأسعار الّتي ستُثقل كاهلَ اللبنانيّ، جال موقع “نداء الوطن” على بعض محالّ الحلويات والسوبرماركت.
والمؤسف، أنّ أسعار المعمول لهذا العام تأتي على شاكلة نصف راتبٍ لموظّف عاديّ. فالكيلو “المشكّل” تجاوز الـ350000 ليرة، ناهيكَ عن سعر كيلو “الفستق” الذي فاق سعره الـ400000 ليرة لبنانية، والّذي صار “حكرًا” على الطبقة الغنيّة.
اللافت أنّ بعض السوبرماركت عمدت إلى عرض “صينيّة” صغيرة من المعمول وصل سعرها إلى الـ160000 من دون احتوائها على المعمول المحشو بالفستق، وهذا يعودُ إلى سعره المرتفع، بعدما سجلت “الوقية والنصف” منه ما يعادل الـ170000.
وهنا يُطرح السّؤال “الأشهر” خلال هذه الفترة: ليه ما منعمل المعمول بالبيت؟ مش أوفرلنا؟
فإذا احتسبنا سعر الطحين والزّبدة والسّمن والزّيت النباتيّ والسّكر والحليب مع التّمر والمُكسّرات من جوز وفستق، تصل التكلفة إلى 600000 ليرة، إنّما تكون الكمية وافرة، وبعض المكوّنات تبقى لاستعمالاتٍ أُخرى في أوقاتٍ لاحقة.
أسعارُ بيض الشوكولا الّذي يحبّه الكبير والصغير، ليست بحالٍ أفضل.
فسعر الكيلو سجّل 650000 ليرة لبنانيّة في محلّ حلوياتٍ معروف.
أمّا مَن يُفضّل أن يوفّر بعضَ الأموال، فيُمكنه أن يلجأ إلى السوبرماركت، حيثُ سيجد سعر “وقية” الشوكولا بما يقارب الـ100000 ليرة.
“الملبّس” الذي يُعتبر من تقاليد العيد، سجّل سعر “الوقية” الواحدة منه 130000 ليرة لبنانيّة.
عادةُ “تفقيس البيض”، قد يتخلّى عنها أيضًا عددٌ من اللبنانيين، بعدما وصل سعر كرتونة البيض، إلى 77000 ليرة لبنانيّة.
تكلفة العيد الباهظة، أدّت إذًا إلى تراجعٍ كبيرٍ في الإقبال على شراء حلويات العيد، بحسب ما أكّده صاحبُ محلّ حلوياتٍ في مدينة جونيه.
وأضاف: “نجدُ شريحتَين من الناس: مَنْ يتفاجأ بالأسعار ويُغادر من دون شراءِ أيّ شيء، ومن يشتري من دون أن يشكوَ من الأسعار، وهذا يعود إلى مردود المواطن الشهريّ”.
وعن الأسعار المرتفعة والتي تُلهب جيوب المواطنين، لفت الأخير إلى أنّ “الكلفة التشغيليّة للمحلّ إضافةً إلى تشغيل البرادات بشكلٍ مُستمرّ وأسعار الموادّ الغذائيّة الأوليّة المُرتفعة وزيادة بدل المواصلات والنقل بشكلٍ جنونيّ، عواملُ أساسيّةٌ أدّت إلى هذه الزّيادة التي يلحظها المواطن في أسعار حلويات العيد” .
وهنا يصحُّ قول “عيدٌ بِأَيَّةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ؟…” فالوجوه حزينةٌ والعيون دامعةٌ والقلوب مكسورة والجيوب فارغة. عن أيّ عيد نتحدّثُ؟ واللبنانيّ لا عيدَ له ولا رجاء… إلّا برجاء القيامة.
فليكُن هذا الزمن قيامةً حقيقيّةً لشعبٍ لا يستحقّ إلّا الفرح، ولبلدٍ لا يستأهل إلّا الحياة!