كتب محمد دهشة في “نداء الوطن”:
«الخلاف لا يفسد في الودّ قضية»، مثل شعبي تجسده صيدا في هذه الايام التي تعيش بين مشهدين: تنافس ديمقراطي في الانتخابات النيابية وتكافل اجتماعي في شهر رمضان المبارك، ترجمة لقناعة ابنائها وقواها السياسية، حيث تشكل عائلة صيداوية واحدة في التراحم والتلاقي مع محيطها في الوحدة الوطنية وعيشها المشترك، خاصة في الذكرى السنوية للحرب الاهلية في 13 نيسان 1975 «تنذكر وما تنعاد». وشهر رمضان الذي له نكهة خاصة في صيدا لجهة العبادات والعادات، جاء هذه المرة في ايام فاصلة قبل موعد اجراء الانتخابات النيابية ليخفف من وهج حملات المرشحين، حيث يتفرغ الناس نهاراً لتأمين قوت اليوم وليلاً للعبادة والطاعة، ما جعل الحراك الانتخابي يقتصر على اعلان اللوائح او زيارات بروتوكولية او لقاءات ضيقة عائلية ومع الاصدقاء والمقربين والمفاتيح الانتخابية.
ومن المقرر ان تعلن لائحة «ننتخب للتغيير» وتضم النائب الدكتور أسامة سعد والدكتور عبد الرحمن البزري والدكتور شربل مسعد وكميل سرحال والعميد المتقاعد جميل داغر، في لقاء شعبي في ساحة باب السراي في صيدا القديمة وتذيع برنامجها الانتخابي. ويقول الناشط في «التنظيم الشعبي الناصري» سهيل زنتوت لـ»نداء الوطن»: «اختيار صيدا القديمة مكاناً لاطلاق اللائحة وبرنامجها بخلاف المرات السابقة، يحمل رسالة واضحة في الالتصاق الحقيقي بقضايا الناس ومطالبهم المحقة في العيش بحرية وكرامة، في اطار برنامج التغيير الذي رفعت اللائحة شعاره بعد انتفاضة تشرين الاول، واللائحة تمثل صوت الناس وآمالهم وتطلعاتهم لبناء دولة المؤسسات والعدالة الاجتماعية، والمساواة ومستقبل الشباب في التعليم والعمل بعيداً من اليأس والإحباط والهجرة».
بالمقابل، تستعد لائحة «قادرين» وتضم ناشطين من مجموعة «صيدا تنتفض» وحركة «مواطنون ومواطنات في دولة» وهم: اسماعيل حفوضة وأحمد العاصي وايلي ابو طاس واميليو مطر لاطلاق اللائحة عند الساعة الثانية من بعد ظهر السبت من ساحة ايليا، التي شكلت منبراً للانتفاضة الشعبية وملتقى للثوار لتنظيم التحركات الاحتجاجية.
ويشرح حفوضة لـ»نداء الوطن» ان اختيار ساحة ايليا له دلالة رمزية، «اذ منها انطلقت انتفاضة تشرين وفيها خضنا النضال التغييري بأشكاله المختلفة، واعلان اللائحة منها يأتي في اطار الاصرار على تثبيت أهدافنا بإستمرار النضال الشعبي والمطلبي والسياسي، سواء حالفنا الحظ بالفوز بالانتخابات أم لا، الساحة باتت رمزاً للنضال ونحن متمسكون بشعاراتها».
توازياً، نشطت زيارات المرشحين لمراجع روحية اسلامية ومسيحية، وأبرزها زيارة النائب سعد الى مفتي صور وأقضيتها الشيخ مدرار الحبال، المرشح المستقل على لائحة «وحدتنا في صيدا وجزين» يوسف النقيب الى مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، المرشحان على لائحة «معاً لصيدا وجزين» الدكتور علي الشيخ عمار ومحمد القواس الى راعي ابرشية صيدا ودير القمر لطائفة الروم الكاثوليك المطران ايلي الحداد، المرشح المستقل على لائحة «الاعتدال قوتنا» نبيل الزعتري الى المسؤول السياسي لـ»الجماعة الاسلامية» في الجنوب الدكتور بسام حمود.
وفي المشهد الآخر، فان التكافل الاجتماعي في هذا العام يزداد التصاقاً بالعائلات الفقيرة والمتعففة، ويشكل المغتربون الصيداويون عماده في الدعم على المستوى الفردي والجماعي المباشر وعبر المؤسسات، وتلعب الجمعيات الاهلية والخيرية والاجتماعية دوراً مهماً في تنظيم حملات «افطار الصائم»، بمبادرات تطوعية كثيرة تغيب عنها الجماعية كما كان الحال قبل «كورونا»، ولكنها تحضر عبر وجبات ساخنة تصل الى منازلهم، وتميزها المطابخ الشعبية والخيرية و»التكية الرمضانية» من خلال «كارافان» صغير يتخذ من ناصية مستديرة الشرحبيل مستقراً، ويقوم بها شبان وشابات متطوعون من جمعية «بقسطا للتنمية الاجتماعية» باعداد الافطارات للعائلات المتعففة ولعابري السبيل والفقراء.
ويقول أمين سر «تجمع المؤسسات الاهلية» في منطقة صيدا ماجد حمتو لـ»نداء الوطن» ان «التنافس والتكافل يميزان صيدا دوماً وهما ليسا بجديدين على قواها ومختلف اطيافها، ويشكلان نموذجاً فريداً في التضامن اثناء المحن والازمات. ويشكل تجمع المؤسسات الاهلية احد اركان هذا التضامن في التلاقي والتعاون في العمل المشترك، في قالب متنوع ومنصهر دوماً لمصلحة المدينة العامة من دون النظر الى التفاصيل الاخرى.