أكد رئيس حزب الكتائب اللبنانية سامي الجميّل أن هدف الحزب ليس إرضاء أحد، وإلّا لما دفعنا ثمناً باهظاً في السنوات الأخيرة، مشدداً في المقابل على أن هدفه تقديم بديل موثوق للبنانيين يحمل مشروعاً ويكون مختلفاً عمّا يقدّمه الاخرون، وقال: “لقد برهن حزب الكتائب في السنوات الأخيرة أنه وفيّ لنفسه ولم يساوم أو لم يرضخ لإغراءات السلطة، بل وضع لبنان واللبنانيين في سلّم أولوياته، لافتًا إلى أننا نواجه اليوم تحدياً كبيراً ويجب أن نكون أقوياء أمام تحديات عدة مثل حزب الله والفساد وغيرها من الصعوبات التي نجحت في تدمير البلاد”.
وجدّد الجميّل خلال حديثه لصحيفة “لوريان لوجور” التذكير بالتسوية التي حصلت عام 2016 ونتج عنها التسوية الرئاسية والتصويت على قانون الانتخاب والموازنات إضافة الى المشاركة في الحكومات المتعاقبة، وتابع: “لكن هذه الجهات السياسية سقطت في 17 تشرين في الشارع في وقت كان حزب الكتائب إلى جانب الناس في الشارع وبالتالي لا يمكن التحالف معها”.
وميّز الجميّل بين ما يسمى قوى المعارضة والمجتمع المدني، مشيراً إلى أن الأخيرة لا تقوم بعمل سياسي. أما عن مصطلح القوى التقليدية، فقال: “إذا كنّا حزبًا قديمًا، نكون تقليديين؟ هل الكتلة الوطنية حزب تقليدي؟” وتابع: “الاحزاب التقليدية هي تلك التي تمارس عملها السياسي بطريقة تقليدية، ومن هذه الناحية لسنا حزبًا تقليديًا، بل على العكس نحن حزب يحاول كسر الحواجز والممارسة النمطية في الحياة السياسية وفي هذه الحالة، أعتبر أن الكتائب تقوم بثورة في صلب الحياة السياسية، حيث اننا اتخذنا قرار فك الارتباط مع كل المافيا السياسية والذهاب نحو تغيير جذري في الأداء والممارسة”.
ورداً على سؤال، شدّد الجميّل على أن نهج الكتائب مختلف تماماً عن نهج القوات اللبنانية منذ سنة 2015 – 2016 حتى اليوم، فالقوات شاركت في التسوية الرئاسية على عكس الكتائب، كما شاركت في الحكومات المتعاقبة بينما تمركزت الكتائب في صلب معارضة شرسة، وفيما صوّتت القوات على الموازنات التي أُقرت في السنوات الاخيرة، صوّتت الكتائب ضدها، كما ان كتلة نواب القوات صوّتت على القانون الانتخابي. وتابع: “السبب وراء النهج المتقارب اليوم هو أن القوات اللبنانية حوّلت خطابها السياسي في محاولة منها لتقريبه من نهج الكتائب الذي نعتمده منذ العام 2015، وهذا يظهر أزمة ثقة لديها، فتموضعنا السياسي وموقفنا من حزب الله لا يتقلب وفقًا للظروف او بشكل دوري بل هو مبني على مبادئ راسخة، وبالتالي لا نثق بهذا التقلّب الذي حصل”.
وأردف: “هدفنا اليوم الخروج من هذه الطريقة لممارسة العمل السياسي وتقديم بديل جديد للبنانيين وهذا أمر أخذناه على عاتقنا، ونعمل مع من لديه مقاربة مماثلة، بينما تتحالف القوات اللبنانية اليوم مع رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط في قضاء بعبدا وهذا دليل على استمرارها بتطبيق المنطق نفسه في السياسة، أما الكتائب فقد قطعت علاقتها كليًا بمن دمّر البلد وللأسف يدفع اللبنانيون ثمن ذلك”.
إلى ذلك، أشار الجميّل إلى أن حزب الله وضع يده على المؤسسات سنة 2016 من خلال التسوية الرئاسية، اي على رئاسة الجمهورية والحكومات وصولاً إلى عام 2018 حين وضع يده على المجلس النيابي من خلال الاكثرية النيابية، مشدداً على أن الهدف اليوم هو استعادة الاكثرية النيابية وكف يد حزب الله عن مؤسسات الدولة الشرعية، لكي نتمكن من التفريق بين الدولة الشرعية وحزب الله مثلما كانت الحال منذ عام 2005 حتى عام 2015، فاليوم اذا ادلى حزب الله بأي تصريح، تدفع الدولة الثمن ولم يكن هذا الواقع من قبل”. واضاف: “في الماضي اذا ادلى حزب الله بأي تصريح كان بإمكان المجتمع الدولي والعربي التفريق بين الدولة اللبنانية وحزب الله، وهدفنا اعادة امكانية التفريق عبر استعادة الاكثرية النيابية، هذه هي معركتنا”.
واعتبر الجميّل انه يجب توفير 3 امور اساسية لتغيير الواقع الحالي، اولًا نحن بحاجة الى حضور قويّ في المجلس النيابي، وثانيًا الى اشخاص مستعدين للنزول الى الشارع، وثالثًا الى مجتمع دولي يقف الى جانبك، وعند توفير هذه الأمور الثلاثة يمكننا خلق فرصة لنقول لحزب الله انه آن الاوان لكي يوقف ممارساته ولنصل الى نزع سلاح المكونات اللبنانية كافة وتوحيد القوة الشرعية بيد الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية، وقال “هذا هو هدفنا وعلينا ممارسة الضغط للذهاب بهذا الاتجاه”.
وأكد الجميّل أن النظام اللبناني برهن عن فشله في خلق مواطنة حقيقية وتوحيد اللبنانيين وتأمين الاستقرار حيث ان الهدف الاساس من اي نظام سياسي هو الاستقرار، داعياً إلى ايجاد نظام قادر على تأمين هدفين: اولًا خلق مواطنة لبنانية حقيقية، وثانيًا حماية التعددية في لبنان”. وقال “يجب ان تتم هذه العملية بطريقة عضوية ولا يمكن فرض اي شيء على احد”.
وطالب بعقد مؤتمر لمصالحة اللبنانيين والذي لم يتحقق منذ انتهاء الحرب الاهلية، وتابع “بعد الانتخابات، علينا عقد مؤتمر للمصالحة والمصارحة وأن نجلس سويًا على طاولة واحدة، لكي يعبّر كل فريق عن مخاوفه تجاه بعضنا البعض للتخفيف من حدة التشنج بيننا والتفكير بعدها جديًا حول كيفية بناء وطن جامع، وللقيام بذلك علينا تقديم تطمينات لبعضنا البعض وصيانة التعددية، فالتطمينات ستوفّر لنا فرصة بناء دولة قائمة على المواطنة”.
وأعلن الجميّل أن برنامجه السياسي يتمحور حول انشاء مجلس شيوخ يحافظ على التعددية، تنفيذ قانون اللامركزية الادارية التي بدورها تخفف من ثقل الدولة المركزية وتوزيع المقدرات والقدرات على اقضية تديرها مجالس منتخبة بحيث يكون لديها نوع من الاستقلالية المالية والادارية لتمكينها من ادارة كل قضاء بإستقلالية”. وشدد على أن اللامركزية تخفف العبء على مالية الدولة المركزية مع اقامة مجلس شيوخ وتنفيذ اللامركزية ما يسمح باعتماد قانون انتخابي قائم على الدوائر الفردية خارج القيد الطائفي.
وتابع “لا يمكن تأمين استقلالية القضاء، بناء اقتصاد قوي، ضبط الحدود، وحتى تطبيق الاصلاحات المطلوبة اذا كان هناك ميليشيا مسلحة”.
وقال “ما نطرحه عبارة عن فترة انتقالية، تتسلم فيها حكومة تكنوقراط زمام الامور. أما إمكانية تحقيق هذا الأمر فتعود الى ثقة المواطنين بالانتخابات ونتائجها بحيث يمكنهم انتاج قوة داخل المؤسسات للذهاب بهذا الاتجاه”.
ورأى أننا بحاجة الى نظام اقتصادي جديد منتج وحرّ يكون فيه النظام المصرفي والسوق وقطاعات الزراعة والصناعة والسياحة وكل مكونات الاقتصاد على توازن لكي يشكلوا اقتصاداً قوياً. وقال “انا ضد زيادة الضرائب طالما نظامنا الاقتصادي منقسم، فلدينا اقتصاد موازٍ لاقتصاد الدولة، وطالما لا يمكننا السيطرة على الاقتصاد سيؤدي فرض ضرائب اضافية الى زيادة نقمة المواطن على دولته.