كتاب موجه من المنتدى الاقتصادي الاجتماعي الى عون وميقاتي وفياض

كتاب مفتوح من المنتدى الاقتصادي الاجتماعي
إلى فخامة الرئيس العماد ميشال عون ودولة الرئيس الأستاذ نجيب ميقاتي
ومعالي وزير الطاقة المهندس وليد فياض المحترمين.

تحية طيبة وبعد

فيما الضائقة المعيشية، بنت فساد المنظومة الحاكمة، تشد الخناق أكثر فأكثر حول رقاب اللبنانيين، يزداد التخوف المشروع من ارتفاع أسعار المحروقات، مثلها مثل سواها من السلع المستوردة هذا، إذا ما أتيح استيرادها إلى درجات غير مسبوقة، بفعل انعكاسات الأزمة الأوكرانية. كما يترسخ القلق من بقاء مشكلة الحرمان من الكهرباء غير محلولة، لا بل على تفاقم، لعدم إيفاء الولايات المتحدة بوعدها الذي قطعته للبنان قبل أشهر، بالسماح له باستجرار الغاز المصري والكهرباء الأردنية عبر الأراضي السورية بمنأى عن ”عقوبات“ قانون قيصر .

ووسط هذا كله، طالعنا سماحة السيد حسن نصرالله، عصر أمس، في خطاب احتفالي له، بخبر صادم. ومفاده أن الدولة اللبنانية تلقّت، قبل سنة ونصف، من شركة روسية مستوفية لجميع الشروط التقنية، ومعها الضمانات ذات الصلة، عرضاً بموجبه تقوم الشركة، بدون مقابل مالي مسبق وبدون ضمانات من قبل الدولة (أي عملاً بما يُعرَف بصيغة الـ BOT)، بتزويد لبنان بمصفاة للنفط تبنى في غضون سنة ونصف السنة من تاريخ إبرام الاتفاق، ومع المصفاة بما تتناسب كميته من نفط خام، مع طاقتها الإنتاجية، ليصار بواسطتها إلى تكريره، ومن ثم إلى تصدير فائض المحروقات المشتقّة منه (من بنزين ومازوت وما إليهما)، بعد تأمين كل حاجة البلد منها ، بأثمان يتم دفعها لا بالدولار، كما هو سائد اليوم في أسواق النفط، بل بالليرة اللبنانية. ولكن العرض الروسي هذا، كما يضيف سماحته، بقي حتى الساعة بلا جواب من دولتنا، على رغم كل ما بات مفروضاً على شعبنا من وجوه المعاناة والإذلال في هذا المجال، كما في سائر المجالات المعيشية ــــ بل بالأحرى أيضاً على رغم كل ما كان ليدرّه على البلد من عائدات مالية واقتصادية واجتماعية هو في أمسّ الحاجة إليها. وهذا بالتحديد ما جاء، وللبداهة، صادماً في الخبر؛ لا بل إنه يكون قد جاء كاشفاً لسلوك فضائحي من قبل السلطة، إذا ما تأكدت مطابقته بدقّة للوقائع التي سردها.

فلأن المنتدى الاقتصادي الاجتماعي هو مكوّن غير محايد من مكونات هذا الشعب المقهور، فضلاً عن أنه غير عاجز عن وضع الحقائق في نصابها، ولأن من حق شعبه الاطلاع على حقيقة ما يُحاك في الكواليس من سيناريوهات تمسه في صميم وجوده حاضراً ومستقبلاً، لذلك، شاء التوجه، عبر هذا الكتاب، إلى السلطة التنفيذية بالسؤال المباشر التالي :

هل هذا الخبر دقيق؟

وهو يطالبكم من ثم بما يلي:

إن كان الخبر غير دقيق، عليكم المبادرة فوراً إلى تصويبه، كي يبنى على الشيء مقتضاه.
أما إذا كان دقيقاً وهذا ما نرجحه، بالنظر إلى ما يتميز به صاحبه، في أعين الأعداء كما الأصدقاء، من صدقية فمن واجبكم القانوني والأخلاقي المبادرة فوراً إلى الاعتراف بذلك، وشرح الأسباب الحقيقية الكامنة وراء ما يكون قد فضح أمره من سلوك تكونون من هنا قد سلكتموه، على رغم كل ما ينطوي عليه من ظلم للوطن ولشعبه في آن.

أصحاب الفخامة، والدولة، والمعالي

لقد سئم الشعب اللبناني التعايش، مكرهاً، مع الأساليب المعتمدة من قبل السلطة في التعاطي مع كل ما يعنيه من الأمور ـــــ أساليب التمويه والتعمية على الحقائق والدجل واللفلفة وتجهيل الفاعل وإعاقة الوصول بأي تحقيق من أي نوع كان إلى نتيجة توضح له (عنينا الشعب) ولو خيطاً رفيعاً واحداً من الخيوط الكثيرة المجدولة حول رقبته لخنقه، والأمثلة كثيرة على ذلك: من وقائع التحقيق الجنائي المالي العالق، إلى التحقيق في التفجير شبه النووي لمرفأ بيروت، إلى التحقيق في حادثة الطيونة، إلى إعاقة النيابة العامة التمييزية لمطاردات الأجهزة الأمنية بأمر من بعض القضاء النزيه بحق رياض سلامة وشقيقه رجا، إلى تقاعس النيابة العامة المالية عن النظر في أطنان من المستندات الرسمية المودعة لديها منذ سنوات لفضح بعض الفساد المرتكب، إلخ. وإن من حق هذا الشعب المستباح في حقوقه ومصالحه الحصول منكم أقله على معرفة الحقيقة في هذه القضية الجلل.

والمنتدى، على أي حال، إذ استل قلمه اليوم لمخاطبتكم بوحي من معاناته، بمثل هذا الوضوح في طرح الأمور، إنما يتعهد امام الشعب بأن مبادرته هذه سوف لن تكون على الإطلاق مبادرة يتيمة، بل تأسيساً لنهج سيثبت عليه في قول الحق وفضح الباطل، وصولاً إلى الحض على مقاومة الظلم والظالمين مهما كان الثمن.

بيروت في 9 آذار 2022

شاهد أيضاً

“استقلال البلد مهدد”… باسيل: دخلنا في حرب لم يكن يجب أن نقع فيها

أكد رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل أنَّ “الحفاظ على الإستقلال هو أصعب من …