عبد الملك: “النظام” حوّل هيئة الإشراف على الإنتخابات إلى “ديكور”

كتب طوني كرم في “نداء الوطن”:

“العين بصيرة واليد قصيرة”، عبارة تختصر حال ومآل هيئة الإشراف على الإنتخابات التي يقتصر عملها على التنبيه والإنذار والإحالة إلى محكمة المطبوعات التي تجمّد البتّ بما أحيل أمامها منذ 2018. ميزانيتها معلّقة بانتظار إقرار الموازنة. رئيسها يدقّ ناقوس الخطر. لا إشراف من دون «”عدة العمل»” والإمكانات معدومة. فساد النظام شلّ عمل الهيئة وقيّدها لدرجة أن «”سوبرمان”» لا يمكنه إنجاز المطلوب منها. “بدن ياها تبقى ديكور… بس «الهيئة» فرضت شروطها على المراقبين الدوليين كي لا تتعارض والسيادة الوطنية”. بإسهاب يشرح الرئيس نديم عبد الملك التحديات التي تواجهه لـ “نداء الوطن”.

دقّ رئيس هيئة الإشراف على الإنتخابات القاضي نديم عبد الملك ناقوس الخطر عبر «نداء الوطن»، مفنداً التحديات التي تواجهها «الهيئة» والتي تحول دون قيامها بعملها المطلوب، ممهداً الطريق لتكرار القرار النهائي الذي أصدرته «الهيئة» غداة الإنتخابات النيابية العامة في 2018، والذي تضمن إقراراً بـ «عدم تمكن «الهيئة» من مراقبة فعّالة للإعلان الإنتخابي، ودراسة بيانات الحسابات المالية للمرشحين، كما التمويل والإنفاق الإنتخابي»، ناهيك عن المخالفات و»الرشوة» التي لا تملك «الهيئة» القدرة على رصدها ومنعها لغياب الجهاز البشري المطلوب، قائلاً: «مش الحقّ علينا، متل ما بتزرع بتحصد».

«الهيئة» التي تستمر بعملها منذ العام2017 بحكم القانون لحين تعيين بديل، ما زالت تنتظر إنضمام الأعضاء الثلاثة المعينين من قبل الحكومة، والذين يتطلب قيامهم بأداء قسم اليمين أمام رئيس الجمهورية قبل مباشرة عملهم. وتوجه الرئيس عبد الملك إلى وزير الداخلية القاضي بسام مولوي الحريص على تطبيق القوانين سائلاً: لماذا التأخير؟

وإذ شكر الوزير على تأمين مقر جديد للهيئة يقوم «برنامج الأمم المتحدة» بتجهيزه بـ «المفروشات» لاستقبال 30 مراقباً لوسائل الإعلام الأسبوع المقبل، أشار الى أن عمل «الهيئة» الذي بدأ مع دعوة الهيئات الناخبة وفتح الحملة الإنتخابية في 10 كانون الثاني المنصرم، تأخر في المتابعة لعدم توافر المقر، مؤكداً أن الأعضاء «لن يكونوا غافلين عن المخالفات والنشاطات الإنتخابية التي حصلت والتي يمكن متابعتها في المستقبل»، مشدداً على أن «الهيئة» ستقوم بتنبيه الذين يقدمون إستطلاعات الرأي على وسائل الإعلام من دون الحصول على ترخيص منها، وصولاً إلى الطلب من وزارة الداخلية تغريمهم مبالغ كبيرة قد تصل إلى 15 و25 مليون ليرة لبنانية لتضاعف في خلال فترة الصمت الإنتخابي، إلى جانب إحالتهم إلى محكمة المطبوعات».

واذ لفت إلى أن «دور «الهيئة» في المخالفات ينتهي عند توجيه التنبيه، الإنذار، أو الإحالة إلى محكمة المطبوعات، جدد المطالب المزمنة منذ 2009، والتي تضمنتها توصيات «الهيئة» والإتحاد الأوروبي في 2018 أيضاً، بتشكيل جهاز تابع للهيئة لتنفيذ قراراتها على الأرض»، قائلاً: «إذا صدر قرار ولم تتمكن من تنفيذه في حينه.. شو مفعول القرار؟». متابعاً، «المخالفات التي أحيلت على محكمة المطبوعات في 2018 لم تصدر قرارات بشأنها إلى اليوم»، مؤكداً أن «عدم إصدار القرارت في محكمة المطبوعات يعدّ مخالفة لتعطيل نص قانوني بهدف عرقلة عمل الهيئة».

وتوقف عبد الملك جلياً عند التحديات المالية التي تواجهها «الهيئة» مع تخصيص ميزانية متقاربة في أرقامها من تلك التي رُصدت في 2018 عندما كان الدولار بـ 1515 ليرة ما قد يطيح بعملها لعجزها عن تأمين أبسط المقومات المطلوبة بعد أن قارب سعر الدولار اليوم الـ 20 ألفاً، ما دفع به إلى التحذير ودقّ ناقوس الخطر عالياً!

ويأتي هذا التحذير قبل 3 أشهر من الإنتخابات التي خصص لها 3 مليارات و500 مليون ليرة لبنانية، و107 آلاف دولار أميركي من دون الحصول على أي ليرة منها، بانتظار إقرار الموازنة في المجلس النيابي بعد الإنتهاء من دراستها في اللجان والتي قد تستغرق أشهراً وربما لا تأتي قبل الإنتخابات، ما يعني حكماً تعطيل عمل الهيئة وعدم قيامها بعملها.

وإذ أشار إلى أن العمل الآن يقوم بالحد الأدنى من خلال الوسائل المتاحة، توجه إلى المسؤولين الذين يتلقون الدعم المادي من قبل الجهات المانحة وتحديداً بعد أن خصص البيان الصادر عن الأمم المتحدة بنداً لدعم هيئة الإشراف على الإنتخابات مالياً ولوجستياً، في ما إذا كانوا يريدون للهيئة ان تقوم بدورها من عدمه.

وأوضح عبد الملك أنه «لولا UNDP ما كان في شي قطعاً في مقر الهيئة»، فـ»برنامج الأمم المتحدة الإنمائي» يتكفل اليوم بتأمين 3 موظفين إداريين، بينما الحاجة أقله إلى 10، إلى جانب 30 إعلامياً، وقرابة 18 محاسباً»، مشيراً إلى أن الرئيس والأعضاء لم يحصلوا على مستحقاتهم منذ بداية العام 2020، والتي يطالبون بمضاعفتها أربع مرات على غرار ما حصل مع الموظفين الذين سيشرفون على الإنتخابات، لتصبح مخصصات الرئيس 32 مليوناً عوض 8 ملايين، والأعضاء 24 بدل 6 ملايين، قائلاً: «هيدول شو بيعملو اليوم.. ألف دولااااار»!

وشدد عبد الملك على وجوب تأمين «عدة العمل» المالية واللوجستيّة لأي هيئة للقيام بعملها على الشكل المطلوب، والتي ترتكز بشكل أساسي على عصب المال من أجل التحرك، ما دفعه إلى العودة مجدداً والمطالبة «على أحرّ من الجمر بالموازنة»، مثنياً على أنّ الذي يشفع اليوم بـ «الهيئة» غياب الحماوة والحماس لتقديم الترشيحات واطلاق الحملات الإنتخابية والإعلانية للمرشحين.

وإن كان المكان الجديد والمفروشات والمعدات التي تقدمها الجهات المانحة تخوّل «الهيئة» مراقبة وسائل الإعلام، إلا أن عملها يقتصر عند هذا الحدّ، ولا يلحظ رصد المال الإنتخابي والمساعدات التي تعتبر كرشوة إنتخابية أكانت مادية أو عينية ما لم ترصدها وتوثقها الوسائل الإعلامية، عازياً الأمر إلى غياب الإمكانات لمراقبة ما يحصل على الأرض، قائلاً: «لا، ما عنا إمكانيات أبداً».

ولفت عبد الملك إلى أنه ومن مبدأ التنسيق والتعاون مع وزارة الداخلية والبلديات، توجه بكتاب طالباً التعميم على المحافظين والقائمقامين ورؤساء البلديات، إبلاغ «الهيئة» بالإعلانات الإنتخابية التي ترفع والمهرجانات الإنتخابية التي تحصل في القرى والبلديات ليتم التعامل معها، لغياب قدرتهم على متابعة النشاطات التي لا تعرض على وسائل الإعلام.

وتساءل عبد الملك عن كيفية مراقبة الإنفاق الإنتخابي للمرشحين واللوائح، في حين يقيّد القانون عمل الهيئة ويمنعها من الوصول إلى مراقبة كافة الحسابات المصرفية للمرشح من أصوله وفروعه، مطالباً باستعادة نص المادة 62 من قانون 2008 التي تخوّل الهيئة الدخول إلى حسابات الفروع للمرشح من خلال تشكيل لجان ميدانية للتدقيق في المصارف، قائلاً: «كانت صلاحياتنا أوسع في الماضي، اليوم تراسل المصرف يأتيك الجواب هناك السرية المصرفية لا يمكننا إجابتك»، وهذا طبعاً بالنسبة للهيئة «يؤثر على شفافيّة وصحة العملية الإنتخابية ومصداقيتها ونزاهتها». ليضاف إلى ذلك أن «القانون فرض على المرشح تسديد جميع المصاريف التي تتخطى المليون ليرة بموجب شيك مصرفي، من الحساب المخصص للحملة الإنتخابية والخاضع لرفع السرية المصرفية، في حين تمر المصارف بأزمة، وتحول الإقتصاد إلى التداول بالعملة النقدية بسبب المشكلة القائمة التي أفرزتها الحالة الإستثنائية على الأرض، ما يعني حكماً أن مراقبة الإنفاق الإنتخابي ستكون متعذرة، تحديداً بعدما حصر القانون المهلة المعطاة للهيئة من أجل التدقيق في البيانات الحسابية الشاملة لجميع المرشحين واللوائح بـ 30 يوماً على أن تعتبر حكماً نافذة مع إنتهاء المهلة، قائلاً: هذا هو الفساد… يعني هون وكأنهم شلوا يدّ الهيئة». وأضاف، «سوبر مان» ما بيقدر يخلّص دراسة البيانات الحسابية في الفترة المعطاة لذلك»، مشيراً إلى أنه كان على الهيئة دراسة بيانات ما يقارب 77 لائحة و974 مرشحاً في الإنتخابات السابقة في 2018، ما يعتبر عملاً تعجيزياً حتى لو توفر أكثر من 40 مدقق محاسبة، بدوام عمل 24 ساعة لمدة شهر. (علماً أنه قبل تعديل القانون في 2017 كانت مدة التدقيق غير مقيدة بمهلة زمنية).

ومن المفارقة أن الهيئة التي تستمد كافة مقومات وجودها من الجهات الدولية، وتعجز عن النظر في المخالفات غير المرصودة على وسائل الإعلام، فرضت شروطها من خلال التعديلات على المسودة التي تقدم بها الإتحاد الأوروبي لمراقبة الإنتخابات حفاظاً على «سيادة» الدولة الوطنية حسب تعبير عبد الملك، قائلاً «مش كيف ما كان بدن يراقبوا». وأوضح أنه سيوقع إلى جانب وزير الداخلية إتفاقية «MEMORANDUM» التي تخوّل الإتحاد إرسال مراقبين دوليين إلى لبنان، على أن يصل كبير المراقبين ومعه 10 معاونين نهاية الشهر الحالي (آذار)، ليتضاعف العدد تباعاً وصولاً إلى 80 مراقباً من الإتحاد الأوروبي بحلول موعد الإنتخابات في أيار، على أن يتم الإلتزام بالشروط التي تضعها الهيئة على المراقبين المحليين والأجانب والإلتزام بميثاق الشرف «Code of Conduct»، كي لا تجد نفسها مضطرة لسحب التصريح منهم!!!!

وأشار عبد الملك إلى أن المراقبين الدوليين لن يتواجدوا في مكاتب «الهيئة» ولن يراقبوا عملها، إنما «الإتفاقية التي أُبرمت معهم تقوم على مساعدة الهيئة على الأرض لأنها لا تملك الإمكانيات لذلك، فهم يراقبون إدارة الحملة الإنتخابية ومراقبة أقلام الإقتراع والفرز بعد تأمين التصاريح المطلوبة لهم، على أن يكونوا أُذن وعين الهيئة على الأرض» حسب توصيفه، على أن يرفعوا تقريرهم لوزارة الداخلية و»الهيئة» خلال شهرين من إنتهاء العملية الإنتخابية. مع العلم أن البيانات المالية بعد شهرين تصبح ناجزة للمرشحين في حال لم تتمكن الهيئة من دراستها بالكامل.

ولدى نقل مطالب الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الإنتخابات LADE بنشر البيانات المالية للمرشحين واللوائح على العلن تحت بند حق الوصول إلى المعلومات بما يعزز مبدأ الشفافية والنزاهة للعملية الديمقراطية، تذرّع عبد الملك بـ «عدم توافر الوسائل اللازمة لذلك».

ورفض عبد الملك تحميل السياسيين مسؤولية تكبيل عمل «الهيئة»، عازياً الأمر إلى «النظام ككل الذي يقيّد عملها، ويريدها أن تبقى ديكوراً، لإرضاء المجتمع الدولي والقول إننا نطبق الديموقراطية بعيداً عن إعطاء «الهيئة» صلاحيات لإجراء الإنتخابات ومراقبتها بشفافية لتحقيق العدالة والنزاهة والمحاسبة المطلوبة لهذا الإستحقاق».

وأمام هذه التحديات التي تعيق الهيئة الوطنية للإشراف على الإنتخابات وتمنعها من القيام بعملها على الأراضي اللبنانية، فهل هناك جدوى من سؤالها عن آلية وكيفية مراقبتها لإنتخاب ما يقارب الـ 230 ألف ناخب مقسمين على 219 مركزاً في 59 دولة في العالم؟؟؟ وألم يحن الوقت لوضع حدٍ لهذه المهزلة؟

شاهد أيضاً

جميل السيد ينتقد هوكستين…غادر مرتاحاً وترك لبنان تحت القصف

في منشور مثير عبر منصة “إكس”، وجه النائب جميل السيّد انتقادات لاذعة للوسيط الأميركي آموس …