تزامناً مع دخول طالبان إلى العاصمة الأفغانية كابل، واستيلائها على أغلب المناطق هناك، كُشفت على مواقع التواصل الاجتماعي تفاصيل كثيرة عن مآس عاشها المواطنون من رعب وخوف.
فبعد الفيديوهات المروعة التي أظهرت سقوط 3 شبان أفغان من عجلات طائرة في مطار كابل تعلقوا بها محاولين الفرار من حكم طالبان، شرحت مذيعة أفغانية ما حدث معها في ذلك اليوم المشؤوم.
ونقلت الصحافية الأميركية إليزابيث روبن، رسالة وصلتها من مذيعة أفغانية تدعى شمسي أحساني، أوضحت فيها ما عاشته من ساعات عصيبة بعد دخول عناصر طالبان إلى كابل.
وشرحت أنه عند الساعة السابعة والنصف من صباح الأحد، غادرت منزلها باتجاه مقر عملها، وسط أخبار كثيرة كانت تتداول عن إمكانية دخول طالبان إلى العاصمة، إلا أنه ما من أحد كان يصدق تلك الأخبار.
وأضافت أن اليوم كان وديعاً وآمناً رغم كل ما يتم تداوله من معلومات مخيفة، إلى أن وصلت لمقر عملها وبدأت بفعل ما تقوم به يومياً.
كما شرحت أنها وجدت منشورات على فيسبوك تفيد بأن طالبان قد تدخل كابل هذه الليلة أي ليلة الأحد، إلا أنها تجاهلت تماما المعلومات، وعند الساعة العاشرة أكد لها أحد زملائها أن عليها جمع أشيائها والانصراف فوراً لأن الوضع بات مريعاً، حيث وصلت طالبان إلى كوتال كابل، وهو الممر الجبلي للعاصمة، وقال لها: “اذهبي إلى المنزل بسرعة”.
ثم أضافت أن القلق بدأ ينتاب الجميع إلى أن شدد عليهم المدير بأن مقاتلي طالبان أصبحوا قريبين، وأن عليهم الذهاب وإلا سيقتلون لأنهم موظفون في وسائل إعلام.
فما كان منها إلا أن جمعت متعلقاتها من المكتب، وارتدت حجاباً كي تخفي هويتها، وغادرت القناة مع زميلة لها تعمل مقدمة برامج أيضاً، مضيفة أن جلّ ما كان يأملن به ألا يصادفن مقاتلي الحركة في طريقهن.
وتابعت أنه عند الخروج وجدت الناس جميعاً مسرعين إلى منازلهم، وأضافت أن ما من سيارة أجرة رضيت أن تقلهن لأنهن نساء، فقد كان السائقون في رعب كبير من عناصر طالبان، إلى أن وجدن رجلاً طيباً وافق على مساعدتهن ونقلهن على دراجته.
كما تابعت أنها ذهبت إلى السوق فوجدت الجميع يفرون، كما أغلقت المتاجر أبوابها، وكانت الشوارع تغص بالسيارات والشاحنات، والناس وجميع الفتيات والسيدات كن يركضن للتأكد من الوصول إلى المنزل بأسرع وقت ممكن، خوفاً من وصول مقاتلي طالبان للمنطقة.
كذلك تلقت اتصالاً من عائلتها يطلب منها العودة فوراً، فأخبرت السائق بضرورة سلكه لطريق آخر، قائلة: “لقد شاهدنا مدينة غارقة بالخوف والرعب وجميع من فيها يركضون”.
وبعد ساعة من طريق محفوف بالمخاطر، وصلت السيدة إلى منزلها، وعلمت أن مقاتلي طالبان وصلوا الطريق الشمالي، وباتوا على بعد 3 دقائق من بيتها، وحين ألقت نظرة على مواقع التواصل وجدت صوراً لمقاتلين من الحركة وهم يطلبون من الفتيات الذهاب إلى المنازل بسرعة وعدم مغادرتها.
وختمت قائلة: “عندما شاهدت هذه الصور فقدت روحي وعقلي ونفسي.. قلت لنفسي إن كل الجهود التي بذلت خلال السنوات الماضية ذهبت أدراج الرياح، لقد درسنا بجد، لقد بذلنا أقصى ما نستطيع، والآن ذهب كل شيء، خسرنا كل شيء”.
الجدير ذكره أن آلاف الأفغان، أفراداً وجماعات من كافة الأعمار، ظهروا أمس الأحد في مقاطع فيديو وهم في سيارات ضاقت بها الشوارع، أو مشياً على الأقدام، مسرعين نهاراً وليلاً إلى مطار “حامد كرزاي الدولي” بكابل، للفرار منه إلى أي مكان، قبل أن تسيطر طالبان على كل العاصمة وسكانها الأكثر من 6 ملايين.
ودخلت حركة طالبان كابل، الأحد، وتسلمت رسمياً إدارة العاصمة الأفغانية خلال ساعات، بعد فرار قوات الأمن منها.
وأمرت الحركة مقاتليها بدخول كابل بدعوى “منع عمليات النهب”، مؤكدة تأمين مراكز الشرطة وجامعة كابل ووزارة التعليم، بعد خلو المراكز الأمنية من عناصرها.
فيما غادر الرئيس الأفغاني البلاد برفقة مستشار الأمن الوطني عبر طائرة مروحية ظهر الأحد، وأكد مسؤول كبير في الداخلية الأفغانية صحة الخبر، فيما شددت الرئاسة الأفغانية على أنه لا يمكن الإفصاح عن تحركات غني لأسباب أمنية.