استقبل وزير التربية والتعليم العالي وزير الإعلام بالوكالة عباس الحلبي نقيب محرري الصحافة جوزف القصيفي على رأس وفد من مجلس النقابة، في حضور المدير العام لوزارة الإعلام الدكتور حسان فلحة والمستشار الإعلامي ألبير شمعون، وذلك في زيارة عمل تخللها عرض ومناقشة شؤون المهنة وشجونها، وسبل تطوير القطاع ورعايته ليستمر في لعب دوره المحوري في استنهاض البلاد.
وألقى القصيفي كلمة باسم مجلس النقابة قال فيها: “نزوركم ونزف لبنان مستمر، لا تنفع معه المحاولات المبذولة لوقفه، وكأن الصدأ اصاب منه المفاصل والمرتكزات، حتى إذا عالجت ثغرة انفتحت ثغرات، لا الترقيع عاد يجدي، ولا الدعم والتسليك. والحاجة ماسة إلى لبنان جديد يزهر من حوض المأساة، ويطلع من رحم الألم املا ووعدا”.
أضاف: “الاعلام عندنا على شاكلة الوطن والمواطنين يمشي على جمر وشوك، وهو الذي فطر على دم وعرق، لكن الإعلام أمام تحديات لا يجوز المرور بها مر الكرام:
اولا: أن تكون له حاضنة قانونية عصرية تحاكي الحداثة وتواكب الحضارة الرقمية، وذلك يبدأ بإحالة مشروع القانون الجديد للاعلام الموجود على طاولة لجنة الإدارة والعدل إلى المجلس النيابي لتتم مناقشته وإدخال التعديلات التي يطمئن إليها الجسم الاعلامي واقراره. لم يعد جائزا أن نستظل قانون العام 1962، ونحن في الثلث الأول من الألفية الثالثة.
ثانيا: السعي إلى وضع مدونة سلوك مهنية مركوزة في شرعة وطنية للاعلام.
ثالثا: الالتزام بقيم الحرية والمسؤولية الوطنية، وأن يكون مآل اي مراجعة في مخالفة رأي او نشر، قانون المطبوعات فقط. لن نقبل بأن تتم مقاضاة اي صحافي واعلامي الا أمام محكمة المطبوعات. هذا موقف ثابت ومبدئي لا رجوع عنه.
رابعا: الدفع باتجاه صناعة اعلامية وطنية منتجة توفر الفرص للخريجين والعاملين في المهنة، من خلال الدعوة إلى مؤتمر وطني تحت عنوان: اعلام جديد للبنان، يشارك فيه الاختصاصيون والمعنيون والنخب الفكرية والثقافية.
خامسا: العمل على تنفيذ المطالب التي سبق لنقابة المحررين أن طالبت بها لدعم أوضاع الصحافيين الاجتماعية والمهنية، خصوصا في هذه الأحوال الصعبة”.
وتابع: “إذا كان الإعلام يعكس حركة الحياة بمدها وجزرها، وجمالها وقبحها، فإن دوره في عصرنا الحاضر على درجة عالية من الخطورة، هو صانع الاحداث، وصائد اللحظة. وهنا يحضرني كلام جبران خليل جبران عندما كتب لماري هاسكل التي وصفته بالرسام الرائع: “انا يا ماري لست رساما بل خالق اشكال”. فالاعلام بطل أن يكون مجرد وسيلة لنقل الاخبار فحسب، وهو بات يمتلك مفاتيح اللعبة وشراكته في صناعة القرار الكوني، هي شراكة رئيسة ومفصلية”.
وختم: “نشكر لكم استقبالكم، انتم من جعلتم من العلم والحوار والاعتدال والتواضع، ارثا طبع شخصكم، وأصبح ملازما لكم ملازمة الظل. ومن كان مثلكم تستحيل معه الوكالة إلى أصالة، فيا طيب المعادن”.
ورحب الحلبي بوفد النقابة، مهنئا بالإنتخابات النقابية، ومتمنيا النجاح والتوفيق. كما رحب بالمدير العام لوزارة الإعلام، لافتا إلى أنه كان يرغب في استقبالهم في وزارة الإعلام لكن انقطاع التيار الكهربائي حال دون ذلك. وتوجه بكلمة الى مجلس النقابة قال فيها: “إن دوركم كنقابة في البلاد هو دور مهم جدا، وإن دور الإعلام في البلاد مهم إلى درجة الخطورة، خصوصا أن السلبية التي تحيط ببعض وسائل الإعلام تساعد نسبيا في إظهار نقاط الضعف العام وخلق شعور لدى المواطنين بالإحباط، فهذا البلد هو بلدنا، ومهما اشتدت عليه الظروف، يتوجب علينا ونحن ام الصبي أن نحافظ على مقوماته واركانه لكي نؤمن له الإستمرار في هذه الأزمة العصيبة، ولنعطي أيضا الأمل للشباب اللبناني لكي لا يغادر لبنان ويقنط من المعيشة في هذا البلد نتيجة للصعوبات التي تواجهه”.
أضاف: “من المفترض بمن يتحمل مسؤولية الإعلام ان يتحلى بأعلى قدر من المسؤولية للمحافظة على جو إيجابي في البلد، مما يجعل اللبناني يعيش في بلد يحلو فيه العيش والحياة، بينما نرى في عدد من المواقع المتفلتة، ومن عدد من وسائل الإعلام التي لا تظهر إلا السلبية، انزعاجها من العودة إلى التدريس مثلا، لا سيما وان التعليم من بعد لم يحقق النجاح المرجو منه في السنتين المنصرمتين جراء كورونا، ولم تتوافر له مقومات النجاح، ونحن في حاجة ماسة للعودة إلى التعليم الحضوري لأننا إذا لم نلتحق بالمدارس حضوريا فهناك خطر كبير ليس فقط على المدرسة الرسمية بل على النظام التربوي اللبناني، وهكذا يفقد لبنان ميزة تفاضلية تمتع بها على مدى عشرات السنوات بنوعية التعلم التي كانت متاحة”.
وتابع: “إن دوركم كبير في احتضان هذه الأفواج من الإعلاميين الذين يتخرجون من الجامعات، وأدعوكم إلى احتضان الجميع وان تكون الأداة المهنية موحدة، لكي يكون لهذا القطاع محاور واحد، وانتم المحاور القانوني لهذا القطاع أي نقابة المحررين، وأدعو إلى محاولة التوحيد بينكم وبين نقابة الصحافة لأنه لا يجوز أن يكون الجسم المهني منقسما بين صحافة ومحررين. كما ان كل الفئات الإعلامية التي لا ترى نفسها عبر تركيبة النقابة، عليكم كمؤتمنين على المهنة ان تحاولوا الجمع بينها ضمن إطار عملية التنظيم التي تتولونها بحكم القانون”.
وقال الحلبي: “جئت بالوكالة إلى وزارة الإعلام ولا اعرف كم تدوم المرحلة، لذا أدعو نقابة المحررين إلى تحمل مسؤولياتها المهنية تجاه جميع الإعلاميين. كما أدعو إلى أن نعمل أنا وانتم على تطوير القانون بما يشمل أيضا الإعلام الرقمي، لأن الفئات التي تشاهد التلفزيون وتقرأ الصحف هي إلى انحسار، بينما المواقع الإخبارية بات عددها يفوق الألف وهي تنشر كل شيء في اللحظة عينها. لذا فإن تنظيم هذه المواقع وإدخالها ضمن قانون الإعلام المقروء والمرئي والمسموع والرقمي يجب أن يتم، وان يتم تطوير قانون الإعلام، وأن يستمر تجديده بصورة دورية وممنهجة لكي لا يحدث طلاق بين ما هو واقعي وما هو تشريع. وأنا أدعو إلى ان نعمل بزخم وأحمل هذا المشروع إلى اللجان النيابية بهدف إقراره”.
أضاف: “أنا مؤمن بحرية الإعلام واعتبرها حرية مقدسة، وإذا ضربت هذه الحرية يعني اننا نضرب كينونة لبنان. ولكن ما يجري من فوضى وتفلت يستدعي التركيز على الأخلاق، والمطلوب ضبط هذا التفلت دون ان يؤثر على حرية الرأي، فهذه الحرية نص عليها الدستور وكانت إحدى عناصر الميثاق الوطني”.
وتابع: “أما التعرض للصحافيين خلال القيام بمهامهم فإن قانون المطبوعات هو الذي يبت بهذا الأمر، أي ان أي مخالفة يرتكبها الصحافي في معرض ممارسته لمهنته تقع أمام قانون المطبوعات، وأنا مستعد لإجراء المراجعات عند وقوع أي مشكلة مع الصحافيين. وأدعوكم ايضا إلى مواكبة تطوير مناهج كلية الإعلام مع الجامعة اللبنانية مما ينسحب على الجامعات الأخرى، وذلك بما يحاكي الحداثة التي يشهدها قطاع الإعلام، ولكي يكون خريجو الكليات مواكبين للتطور التكنولوجي في الإعلام”.
وشكر نقيب المحررين الحلبي على كلمته، وتحدث أعضاء مجلس النقابة عن مقاربة كل موضوع والخطوات التي تمت في إطاره، ورحبوا بدعوة الحلبي إلى عقد ورشة عمل حول أي إعلام نريد، مع مناقشة كل مشاكل القطاع وهواجسه وهواجس الدولة والقطاعات الأخرى، وفي ضوء الواقع والتطورات يتم إعادة صوغ مشروع قانون موحد يتم رفعه إلى المؤسسات الدستورية.
ثم اجتمع الحلبي مع سفير النروج مارتن إيتروفيك يرافقه نائب رئيس البعثة سفن فرولدسن، في حضور مديرة مكتب الوزير رمزة جابر ومنسقة المشاريع إيمان عاصي والمستشار الإعلامي ألبير شمعون.
ورحب الحلبي بالسفير وصحبه، وشكره على “المساعدات التي توفرها النروج للبنان وخصوصا في مجال دعم تعليم النازحين وترميم وتأهيل المدارس الرسمية”. وعبر عن تقديره “لكل جهد دولي يقف إلى جانب لبنان”، وقال: “مدارسنا تضم نحو مائتي ألف تلميذ نازح، وآمل أن تنظر الجهات المانحة في اوضاع لبنان، وتساعد الدولة اللبنانية لكي يستمر التعليم وترضي الأساتذة ببعض الحوافز وتساعد في توفير المصاريف التشغيلية للمدارس”.
وأشار الى “حاجة لبنان لأي مساعدة للقطاع التربوي في البنى التحتية، والمحروقات والطاقة الشمسية وغيرها”، مؤكدا “العمل على إبعاد التربية عن الصراعات لكي يستمر القطاع في أداء دوره ورسالته”، لافتا إلى الخطة الخمسية للوزارة ومحاورها وتفاصيلها.
من جهته، شرح السفير النروجي مدى الإطلاع على الواقع في لبنان ونشاط المؤسسات الدولية في لبنان وسوريا، وأكد ان قطاع التعليم بالنسبة إلى بلاده هو “أولوية وبالتالي هناك استعداد لمناقشة حاجات التربية، انطلاقا من تفهم النروج لوضع لبنان وحاجاته، والعمل على تحقيق التوازن في العناية باللبنانيين وغير اللبنانيين”.
كما أكد “استمرار التعاون مع فريق عمل الوزارة في الخطة ومكوناتها”.