كتب داود رمال في “أخبار اليوم”:
في لقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي امس، كانت المقاربة لمسار الوضع الحكومي وتلقائية التئام جلسات مجلس الوزراء كسلطة تنفيذية تتعطل الدول بكل مؤسساتها مع تعطلها، انطلاقا من الاولويات الملحة، ولا اولوية تتقدم على مناقشة واقرار الموازنة العامة، وهذا الامر نصّ عليه الدستور اللبناني بوضوح تام.
وامام هذه الأولوية المقرونة بخطة التعافي والقضايا المعيشية، لم يكن هناك مساحة زمنية للنقاش بين الرئيسين عون وميقاتي “للبحث في جنس ملائكة تحديد جدول اعمال مجلس الوزراء”، لان الدستور اكثر من واضح في هذه المسألة، والاكثر وضوحا هو دورية انعقاد مجلس الوزراء بلا شروط من احد اذ نصّت المادة (65) البند الخامس على الاتي: “يجتمع مجلس الوزراء دوریاً في مقر خاص ویترأس رئیس الجمهوریة جلساته عندما یحضر. ویكون النصاب القانوني لانعقاده أكثریة ثلثي أعضائه، ویتخذ قراراته توافقیاً . فإذا تعذر ذلك فبالتصویت، ویتخذ قراراته بأكثریة الحضور. أما المواضیع الأساسیة فإنها تحتاج إلى موافقة ثلثي عدد أعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكیلها. ویعتبر مواضیع أساسیة ما یأتي: تعدیل الدستور، إعلان حالة الطوارئ وإلغاؤها، الحرب والسلم، التعبئة العامة، الاتفاقات والمعاهدات الدولیة، الموازنة العامة للدولة، الخطط الإنمائیة الشاملة والطویلة المدى، تعیین موظفي الفئة الأولى وما یعادلها، إعادة النظر في التقسیم الإداري، حل مجلس النواب، قانون الانتخابات، قانون الجنسیة، قوانین الأحوال الشخصیة، إقالة الوزراء”.
كما ان الدستور واضح في مسألة اعداد جدول اعمال جلسات مجلس الوزراء والدور المحوري لرئيس الحكومة، اذ نصّت المادة (64) في البند السادس على الاتي: “یدعو مجلس الوزراء إلى الانعقاد ویضع جدول أعماله ویطلع رئیس الجمهوریة مسبقاً على المواضیع التي یتضمنها وعلى المواضیع الطارئة التي ستبحث”، الامر الذي يؤكد ان اي سلوك آخر يمارسه طرف ما او تمارسه جهة معينة هو مناقض لابسط القواعد الدستورية، وادخال العمل المؤسساتي في مسارات بعيد كليا عن منطوق الدستور بما يفقد لبنان ميزته كأول جمهورية وديمقراطية في العالم العربي.
فما الذي دار بين الرئيسين عون وميقاتي بعد ظهر امس؟
يقول مصدر واسع الاطلاع لوكالة “اخبار اليوم” ان “الاجتماع بين رئيسي الجمهورية والحكومة كان جيدا، تركّز البحث في خلاله حول انعقاد جلسات مجلس الوزراء، ومبدئيا ستعقد جلسة يوم الاثنين المقبل، وعلى جدول اعمالها مشروع قانون الموازنة العامة للعام 2022، وخطة التعافي المالي والاقتصادي، والامور المعيشية الطارئة مثل المساعدات الاجتماعية التي كانت مقررة ورفع بدل النقل والانتقال للقطاعين العام والسلك العسكري والامني، واعطاء الموظفين نصف راتب اضافي عن شهري تشرين الثاني وكانون الاول، وتمديد الملاكات للمتعاقدين والاجراء والمستخدمين، وبعض الامور الطارئة التي لها علاقة بأمور حياتية ومعيشية”.
ويوضح المصدر “ان كل الامور المعيشية الطارئة والملحة ستبت في الجلسة الاولى في قصر بعبدا، وسيبدأ النقاش بمشروع الموازنة على ان يليها جلسات متلاحقة في السراي الكبير، وعندما ينجز درس مشروع الموازنة تقرّ بجلسة اخيرة تعقد في القصر الجمهوري وتحال بعدها الى مجلس النواب”.
ويشير المصدر الى “تفاهم عون وميقاتي على ضرورة الاسراع بانجاز مشروع قانون الموازنة حتى يبدأ مجلس النواب بدراستها بأسرع وقت ممكن، على ان تحضر الامور الطارئة في جلسات مجلس الوزراء اذا كان هناك موجبا لذلك”.
ويرى المصدر ان “امكانية العودة الى تجميد او تعطيل جلسات مجلس الوزراء ضعيفة جدا، لان التطورات ستفرض نفسها، وهناك امور لا بد من بتها حكوميا وعبر جلسات لمجلس الوزراء تحضيرا للانتخابات النيابية في الربيع المقبل، كما ان مسار التفاوض مع صندوق النقد الدولي وانجاز خطة التعافي المالي والاقتصادي تلزم مجلس الوزراء بالانعقاد لاتخاذ قرارات اصلاحية من ضمن الالتزامات التي سيتضمنها اي اتفاق مع الصندوق، كما ان حالات الشغور تتمدد في الادارات والمؤسسات العامة والتي لا بد من ملء المهم منها لتسيير المرفق العام وعدم تعطيله، لذلك؛ فان انطلاق عجلة الحكومة سيجعلها تستمر ولا تتوقف، لان اي توقف سيكون له انعكاسات اكثر خطورة على الوضعين المالي والاقتصادي المتدهورين اصلا، كما سيكون له انعكاسات على صدقية الدولة اللبنانية امام المجتمع الدولي، وهي في الاساس تحتاج الى جهد استثنائي لاعادة ترميم الثقة بها”.
فهل يعقل المعطلون عبر اقلاعهم عن التعطيل؟، وهل يتوكلون ليكونوا شركاء في اعادة البناء والنهوض؟، لان التعطيل ارتد على اصحابه بسلبيات كثيرة. مع الاشارة ان الانتخابات على الابواب وكل شيء يحسب بدقة الا اذا كانت النية تطييرها؟!