خطوة إيجابيّة وسط الاضطراب السياسي المُخيف

كتب ناصر زيدان في “الأنباء” الكويتية: 

خطوة عودة وزراء الثنائي الشيعي إلى حضور اجتماعات الحكومة شكّلت اختراقا محدودا لحائط الانسداد السميك الذي يحيط بالوضع اللبناني. والخطوة ترافقت مع الإعلان الرسمي الأميركي عن إعفاء تصدير الغاز المصري إلى لبنان عبر سوريا من عقوبات قانون قيصر.

لكن الأوضاع ما زالت مقلقة للغاية، والاضطراب السياسي الحاصل مخيف، لأن التواصل الداخلي بين القوى الأساسية شبه معدوم، والاهتمام الخارجي المساعد تراجع بسبب الخيبة من الوعود اللبنانية التي لم تنفذ، وكل ذلك يجري وسط مأساة معيشية في غاية القساوة.

تبين من سياق الأحداث التي رافقت خطابات “قوى الخط” الأخيرة، ومنها دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون للحوار، أن إشارة خارجية وصلت، وهناك اتفاق واضح على توزيع الأدوار حصل بين هذه القوى لتعويم الرئيس وصهره النائب جبران باسيل رئيس التيار الوطني الحر، لأن كل الاستطلاعات تؤكد أن التيار سيمنى بهزيمة في الانتخابات المقبلة إذا حصلت بموعدها. ويشمل توزيع الأدوار تحميل جزء من المسؤولية عن انهيار البلاد الى أطراف لم تكن شريكة في إنتاج هذا الانهيار.

فوجئ الرأي العام كيف أعيد تنظيم اللقاء التشاوري المؤلف من نواب سنة موالين لخط الممانعة، وقد شارك هؤلاء مجتمعين في اللقاءات التي أجراها الرئيس عون في بعبدا، بينما كانوا تمنعوا عن الحضور معا في الاستشارات التي أجريت لتكليف رئيس حكومة العام الماضي. كذلك فإن حشد نواب وكتل “الخط” للحضور إلى بعبدا رغم خلاف بعضهم مع التيار الوطني الحر ومع رئيس الجمهورية، أكد أن إيعازا خارجيا قد تلقاه هؤلاء للمشاركة في المناورة التعويمية، لكن المحاولة فشلت فشلا ذريعا، والبيان الصادر عن رئاسة الجمهورية بعد المشاورات وضح المقاصد التي حملتها الدعوة الغريبة الى الحوار قبل 3 أشهر من الانتخابات، لأن البيان أراد تحميل الأطراف السيادية التي اعترضت على توقيت الحوار – وخصوصا تيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب التقدمي الاشتراكي – المسؤولية عن التعطيل الذي يسبب الانهيار، كما ذكر البيان، بينما العهد وحلفاؤه مارسوا هذا الدور التعطيلي على مدى 7 سنوات مضت، وكانت البلاد بأمس الحاجة للعمل.

يقول مصدر معارض إن حزب الله وحلفاءه لديهم قرار واضح بوضع اليد على البلد بالكامل، ولا يراعون الحد الأدنى من اللياقات التي تفرضها الشراكة الوطنية، بينما القوى السيادية ضاقت ذرعا من الصبر على التهميش الذي تعرضت له، ولم يسمع رأيها خلال السنوات الماضية عندما حذرت من خطورة السياسة التي اعتمدها العهد وحلفاؤه في الداخل ومع الخارج. وهذه القوى قررت الشروع في مواجهة ديموقراطية سلمية من خلال الاستحقاق الانتخابي المقبل، برغم الشوائب الكثيرة التي تعتري قانون الانتخابات. كما أنها لن تجامل بعد اليوم عندما يتعلق الأمر بالقضايا المصيرية، وهي ستعطي الأولوية لمعالجة الملفات الحياتية الخانقة.

وما يؤكد السياسة الانقلابية التي يمارسها العهد وحلفاؤه، محاولاتهم استخدام القضاء كأداة لتطويع المعارضين لهم، وبعض هذا القضاء تحرك بموجب دعوى وهمية قدمها موالون للتيار ضد حاكم مصرف لبنان، بينما لم يتحرك لملاحقة الذين أشعلوا النار داخل مكاتب مصرف لبنان وأمام عدسات المصورين، وهو ما لم يحصل من قبل، حتى أيام الحرب الأهلية. وهذه الهجمة على مصرف لبنان في هذا التوقيت، فيها مغامرة بالغة الخطورة كأنما المطلوب زيادة الانفلات والفوضى لتبرير تأجيل الانتخابات النيابية، أو للتأسيس لواقع يفرض صياغة نظام جديد يلغي الدستور المنبثق عن اتفاق الطائف.

من الواضح أن معادلات مخيفة يحاول العهد وحلفاؤه فرضها خلال هذه الضائقة. فهل تحمل عودة الثنائي الشيعي إلى مجلس الوزراء رسالة تؤشر إلى التخلي عن الخطط الانقلابية لصالح إعطاء دور توفيقي جديد للرئيس نبيه بري؟ أم أن العودة هي مجرد رسالة مواكبة لما يحصل في فيينا؟

شاهد أيضاً

هكذا يُفشل اللبنانيون محاولات “إسرائيل بالعربية” زرع الفتنة بينهم

سعت إسرائيل مؤخرا، عبر حملات منظمة، إلى إشعال نار الفتنة المذهبية في لبنان وخاصة بين …