كتب أنطون الفتى في وكالة “أخبار اليوم”:
في الوقت الذي نعاني فيه لبنانياً، بسبب إيران، وبسبب مفاعيل سياساتها، وسلوكياتها، التي تمنع بلادنا من السير في طريق تطبيق الإصلاحات، ومن بناء واقعها المؤسّساتي، وافق “البنك الدولي” على قرض لطهران بقيمة 90 مليون دولار، لمساعدتها في كبح جائحة “كوفيد – 19″، وذلك رغم أنها دولة “غير مُطابِقَة” للشّروط الدولية، وحيث لا إصلاحات، ولا مؤسّسات تسير طبيعياً، وحيث الكثير من الأنشطة غير الشرعية.
هذه الأموال لن تُضخّ في ميزانية الحكومة الإيرانية، بل ستُستخدم حصراً لشراء معدّات طبية أساسية وحيوية، بهدف تعزيز استجابة إيران للجائحة.
كما أن عمليات توزيع المعدّات وتركيبها، ستتمّ في منشآت صحية يوافق عليها “البنك الدولي”، وستخضع لمراقبة. فيما سيُدار صرف الأموال من جانب “منظمة الصحة العالمية” التي ترفع تقاريرها الى “البنك الدولي”، بشأن كل التفاصيل المتعلّقة بتنفيذ تلك العمليات.
صحيح أن تلك المساعدة ستساهم في احتواء “كوفيد – 19” الإيراني، ضمن الحدود الإيرانية، ولكنّها ستخفّف الأزمة الإنسانية هناك أيضاً، لدولة ذات نظام يتمتّع بأنشطة فاسدة، وإرهابية، بموجب المعايير الدولية.
وانطلاقاً ممّا سبق، ألا تستحقّ الأزمة الصحية والإنسانية اللبنانية، التي وصلت الى مراحل متقدّمة في السّوء، تحرّكاً دولياً مختلفاً، وسريعاً، وذلك حتى ولو أن الدولة المخطوفة في لبنان غير قادرة على البَدْء بأي إصلاح، بسبب إيران؟
لا بدّ من تحريك بعض “الطّشطوشين” في بلادنا، وإجراء الكثير من “التحديثات” على أساليب تفاوضهم مع دول وصناديق ومؤسّسات الخارج. فالكذب “مش حلو”، ومن هو قادر على مساعدة إيران بمقدار “قشّة”، رغم أنها مُعادِيَة للمجتمع الدولي، و(مُعادِيَة) للشفافية، والمصداقيّة، لن يغصّ بمساعدة لبنان، بما هو أوسع من الحديث عن قروض، ومن التنسيق حول بعض المبالغ والقروض التي تموت قيمتها عملياً، بسبب الانهيار اللبناني اليومي المتزايد بسرعة.
أوضح مصدر مُطَّلِع على عمل “البنك الدولي” أن “تلك المؤسّسة الدولية، ومنظمة الصحة العالمية، يتعاملان مع دولة في إيران. فهناك، وحتى ولو كانت الدولة مُعادِيَة للغرب، إلا أن حكومتها ومؤسّساتها تعمل، وتأخذ قرارات، وتنفّذ”.
ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “عملياً، لا مؤسّسات في لبنان، ولا يوجد من هو قادر على أن ينفّذ، حتى ولو فاوض، واتُّفِقَ معه. ففي بلادنا، لا إجراءات، ولا قوانين، ولا تعرف المؤسّسات الدولية مع من تتعامل بالفعل، وهو ما يقضي على أي أمل بتعاطٍ دولي مؤسّساتي وجدّي مع الدولة اللبنانية. وهذا ما يتسبّب بمشكلة تنسحب على المساعدات عموماً، أيضاً”.
ودعا المصدر الى “العودة للمؤسّسات، والى أن يجتمع مجلس الوزراء، والى تطبيق القوانين، وتفعيل القضاء والمحاسبة، والى تفعيل عمل الوزراء”.
وأضاف:”كيف سيثق المجتمع الدولي بلبنان، طالما أن العالم كلّه يرى هذا الكمّ الهائل من التجاوزات في البلد، التي تبقى بلا أي مفعول قضائي؟ وفقدان الثّقة الدولية هذا لا يُرمَّم بسهولة، حتى ولو أُجرِيَت الانتخابات النيابية”.
وحذّر المصدر من أن “لبنان يتّجه نزولاً، الى قعر ذات أرضيّة غير واضحة. وطالما أن القعر غير واضح، فهذا يعني أن لا إمكانيّة للبَدْء بالنّهوض، سواء بإجراء انتخابات نيابية، أو من دونها”.
وختم: “السماح الدولي بإمساك حزب عسكري بمفاصل الدولة اللبنانية، حتى الساعة، يعكس ما يجري في مفاوضات فيينا، وفي المنطقة عموماً. فلبنان على طاولة المفاوضات، وإذا اتّفق المجتمع الدولي مع إيران، سينعكس ذلك على البرامج والقروض والمساعدات المُنتَظَرة للبنان. أما إذا فشلوا، فسنجد ترجمة لهذا الفشل أيضاً، على مستوى تلك البرامج والقروض والمساعدات، نفسها”.