إستقطاب شبّان طرابلس إلى العراق: إستغلال “داعشي”؟

كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:

“ماما أنا بالعراق بدي ارجع كرمال الله عملوا شي..”. بهذه الكلمات المقتضبة، تلقت إحدى الأمهات معلومات عن مصير ولدها المختفي منذ مدة. مجموعة من الشبان من مناطق الفقر في طرابلس (القبة، البداوي، وادي النحلة، التبانة..) غادروا منازلهم من دون سابق إنذار. وتشير المعلومات إلى أن أعداد هؤلاء قد ناهز المئة. فلماذا ترك هؤلاء الشبان مناطقهم وما الذي يدفعهم باتجاه العراق وتحديداً “داعش”؟

بدأت الحكاية قبل أشهر بُعيد اغتيال عنصر سابق في مخابرات الجيش اللبناني (أ.م) في إحدى أمسيات طرابلس الملتهبة على طريق شارع المئتين، برصاص مجهولين على متن دراجة نارية، وبعد شهر أعلن عن اعتقال الجيش اللبناني خلية إرهابية تابعة لـ”داعش” في طرابلس.

ومع الحديث عن أن حملة اعتقالات أمنية ستستهدف الكثير من الشبان، راح هؤلاء يختفون من بيوتهم ومناطقهم بشكل مفاجئ من دون علم أهاليهم. لكن نبأ وجودهم في العراق وصل من خلال محادثات مقتضبة لبعضهم عبر “واتساب” مع أهاليهم، يعلمونهم فيها بأنهم في العراق وبقبضة “داعش”، ومنهم من كان في حالة رعب شديد كما أظهرت المكالمات. كذلك، تشير المعلومات الآتية من العراق إلى مقتل شابين منهما هما (أ.ك) و(ز.ع). وقد نظم الأهالي أكثر من وقفة احتجاج قطعوا خلالها الطرقات لا سيما عند دوار نهر أبو علي، مطالبين الدولة بالعمل على إعادة أبنائهم من العراق.

الإنتقال من لبنان إلى العراق، بحسب المعلومات، يحصل عبر البرّ من خلال الحدود مع سوريا، أما سيناريو خروجهم من طرابلس ووصولهم إلى العراق مروراً بسوريا وعبر وادي خالد كما يرجّح، فحمص ودير الزور حتى البادية العراقية، في مشوار كله حواجز أمنية في 3 دول مختلفة، وكيفية الوصول بأمان، فيطرح العديد من التساؤلات عمن يموّل ويسهّل ويحرّض، وأين دور الأجهزة الأمنية من هذا الأمر، سيما وأن هناك 5 أشخاص منهم عادوا إلى ديارهم فلماذا لا تتم مساءلتهم؟

وأكد مصدر مطلع لـ”نداء الوطن” أن اجتذاب هؤلاء الشبان من مناطق الفقر في طرابلس يتم، إما عبر التخويف من حملة اعتقالات أمنية ستطالهم بملفات جاهزة، أو باستغلال أوضاعهم المعيشية الصعبة، ووعدهم بالسفر إلى العراق للعمل هناك فيجدون أنفسهم في أحضان داعش”.

من جهته، تحدث المحامي محمد صبلوح عن”وجود استغلال وتخويف لهؤلاء الشباب من غرف سوداء، عبر تركيب ملفات أمنية وما شابه، واذا لم تكشف القوى الأمنية تفاصيل هذه القضية فإنها ستعتبر متواطئة”.

أضاف: “واضح ان هؤلاء الشباب لا ميول متطرفة عندهم ولا تبدو عليهم علاماتها، ولكنهم استدرجوا، والدليل أن من راحوا صاروا يتصلون بأهلهم ويريدون العودة بأي شكل”.

وأكد أنها “ليست المرة الأولى التي تحاك فيها المؤامرات ضد طرابلس. فثورة 17 تشرين أبرزت طرابلس على هويتها الحقيقية، وهذا الأمر لم يرق لكثير من السياسيين وغير السياسيين، فحاولوا تشويه صورة طرابلس بأي طريقة لا سيما وصمها بالإرهاب وكانت تفشل تلك المساعي.. اعتقدنا أن شبابنا قد بلغوا درجات من الوعي ولم يعودوا إلى مثل أحداث جبل محسن وباب التبانة.. تفاجأنا الآن بأن من يتم التغرير بهم هم شبان صغار في أعمار 14 و 15 و 16 سنة، يتم ترهيبهم أو إغراؤهم، وهناك علامات استفهام كبيرة عما يحصل، أما عن الجهة أو الجهات المستفيدة فكل الاحتمالات واردة ولذلك نؤكد على دور الأجهزة الأمنية في كشف الملابسات”.

ويؤكد صبلوح بأن “دور دار الفتوى في هذه المسألة كان يجب أن يكون أوسع. فمخابرات الجيش سلمتهم 5 من الشبان ودار الفتوى سلمتهم إلى أهاليهم. كان من المفترض بعد ذلك أن تشرع دار الفتوى بعملية توعية وإرشاد، سواء عبر المساجد والأئمة والخطباء للتحذير من خطورة ما يحصل؛ سيما وأن هناك جيلًا بأكمله يذهب ضحية الفقر والتحريض. كما يجب أن يلعب كل منا دوره وأن نفضح الغرف السوداء التي تعبث بمصير طرابلس”.

وناشد صبلوح قائد الجيش وقال: “هناك 11 ألف وثيقة إتصال غير قانونية وهناك أشخاص أنهوا أحكامهم وخرجوا. لماذا كلما أرادوا سجلاً عدلياً أو أي مستند يُطلبون؟ هذه تصرفات غير مقبولة وتجعل من الشخص منبوذاً، وأناشد قائد الجيش لإبطال هذه الوثائق لا سيما لمن أنهوا محكوميتهم”.

شاهد أيضاً

هكذا يُفشل اللبنانيون محاولات “إسرائيل بالعربية” زرع الفتنة بينهم

سعت إسرائيل مؤخرا، عبر حملات منظمة، إلى إشعال نار الفتنة المذهبية في لبنان وخاصة بين …