جاء في “نداء الوطن”:
انتبه المعنيّون متأخّرين الى مضمون كلام الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله امس الاول، وظنّوا بداية انه أهمل الملفات الداخلية، مُكتفياً بتطمين الحلفاء الى التحالفات والتفاهمات، وركّز فقط على الملفات المرتبطة بالمناسبة وهي سنوية الجنرال قاسم سليماني وابو مهدي المهندس.
في حقيقة الامر، ان نصرالله في خطابه بسقفه المرتفع جداً، تحدث من الفه الى يائه في الشأن الداخلي اللبناني، لا بل سطّر مضبطة اتهام غير مسبوقة بحق ثلاثة مسؤولين ممّن تجرّأوا على قول الحقيقة في ما خص علاقات لبنان مع الدول العربية، وتحديداً الخليجية، وعلى وجه التحديد مع المملكة العربية السعودية وهم: رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل. اما القوى الاخرى والتي في موقع اشتباك دائم مع سياسات الحزب وممارساته، فالكلام موجه اليها كتحصيل حاصل، وخلاصة خطابه افهام الحلفاء قبل الخصوم ان “الامر لي”.
ويؤكد مصدر متابع لـ”نداء الوطن” ان كلام نصرالله “هو اعلان صريح ونهائي بأن الدولة من رأسها حتى آخر موقع فيها مصادرة منه وخاضعة لمشيئته، وكل من يعارض توجهاته سيكون نصيبه الزجر والتطويق وكتم الانفاس، بدليل انه لن يتحمّل جملة اعتراضية لرئيس الجمهورية ومثلها لصهره وشبيهة لها لرئيس حكومة هدفها الاساسي حماية مصالح اللبنانيين ولقمة عيشهم في دول الخليج وفي دول العالم اجمع، والكلام الذي توجه به الى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز هو موجه اولاً الى السلطات الدستورية في البلاد، وهو بمثابة تأنيب لها كونها لم تنتفض لتدافع عن الحزب عندما وصف في كلمة الملك سلمان وفي بيان قمة مجلس التعاون الخليجي بـ”الارهابي”، وبالتالي تعاطى نصرالله مع الامر على قاعدة “ومن بعدي الطوفان”، غير آبه بتداعيات مواقفه المتلاحقة التي حوّلت لبنان غزة ثانية”.
ويتابع المصدر: “ان حق الرد السياسي وتحديداً لرئيس الحكومة كان ممنوعاً، اذ أوكل الحزب الى “نائب مستندات الفساد المكتومة القيد”، حسن فضل الله ان يقرّع الرئيس نجيب ميقاتي أبشع تقريع عندما وصفه بالذليل، متناسياً كيف وقفوا على اعتابه وقدّموا له الضمانات ليقبل التكليف ومن ثم التأليف، اما الرئيس ميشال عون فيبدو ان المحيطين به انتبهوا لما وقع على ميقاتي، فأخرجوا بياناً عاماً لا طعم له ولا رائحة يتحدث عن الموقف الرسمي اللبناني المتمسك بأفضل العلاقات مع دول الخليج وتحديداً السعودية والحرص عليها، وحتى هذا الموقف الباهت تم استدراكه بعبارة مضحكة ومبكية في آن، عندما اشار البيان الى ان الحرص يجب ان يكون متبادلاً. اما باسيل فإن الرسائل المشفرة التي يفهمها لوحده تصل تباعاً، واقساها وقعاً عليه تمسّك “حزب الله” بالتحالف النهائي مع حركة “أمل” واعتبار ان الهجمة على الطائفة الشيعية برمّتها وان الرئيس نبيه بري هو رجل دولة ولا يمكن التعامل معه الا وفق هذا التوصيف والموقع”.
ويوضح المصدر انه “بعد هذا الهيجان المفتوح على شتى الاحتمالات، قد يكون التصعيد غير المسبوق من نصرالله ضد المملكة، من اهدافه اطاحة الحوار الذي دعا اليه رئيس الجمهورية، لذلك من المفترض ان يحسم عون قراره هذا الاسبوع بوضع الصياغة النهائية للدعوة التي ستوجه الى القيادات المعنية والمتضمنة جدول اعمال من ثلاثة بنود اعلنها في كلمته الى اللبنانيين وهي: اللامركزية الادارية والمالية الموسعة، الاستراتيجية الوطنية للدفاع وخطة التعافي الاقتصادي والمالي، مع امكانية طرح امور اخرى في خلال المناقشات، اذ ان اي تأخير في توجيه الدعوة يعني تطيير الحوار، كون القوى السياسية ستكون بدءاً من شباط المقبل منشغلة كلياً بالتحضير للانتخابات النيابية، ترشيحاً وتحالفات”.