كتب أنطون الفتى في “أخبار اليوم”:
مع الاحترام الشّديد للحديث “المُزمِن” عن ضرورة إعادة النّظر، وإجراء مراجعة لورقة التفاهُم بين “التيار الوطني الحرّ” و”حزب الله”، إلا أن أي كلام في هذا الإطار ليس حاجة فعلية للبنان، منذ وقت طويل.
فإذا كانت حاجة “التيار” من “الحزب”، هي السّير معاً في دروب لبنان، إلا أن حاجة “الحزب” هي أبعَد بكثير، ولا قدرة للدّاخل اللبناني على تلبيتها.
فقدرات “حزب الله” الإقليمية، وسطوته “التأثيرية” على الساحة اللبنانية، تطوّرت كثيراً بعد عام 2006. ولا يُمكن لـ “التيار” التأثير فيها، ولا لجم ما يتوجّب لجمه منها. فضلاً عن أن “التيار” هو أكثر طرف لبناني يعلم استحالة التوفيق بين الدولة اللبنانية وما يُسمى “مقاومة”، واستحالة الفوز بكلَيْهما معاً.
بالمباشر، وبوضوح تامّ، كان يتوجّب الحديث عن عَدَم النّجاح في المَزج بين “دولة” و”مقاومة”، منذ صيف عام 2018، أي خلال المدّة القليلة التي أعقبت الانتخابات النيابية في تلك السنة، لا سيّما بعدما بدأ يظهر أن لا مجال للحصول على مليارات مؤتمر “سيدر”، ولا على أي مساعدة دولية، بلا البَدْء بتطبيق الإصلاحات. فهذه الأخيرة مستحيلة، طالما أن الدولة محكومة من خلال ازدواجية سياسية – عسكرية، ذات أبعاد إقليمية – إيديولوجية، يصمت عنها أي فريق حُكم في لبنان.
واليوم أيضاً، وبدلاً من البحث عن ترميم علاقة مع السلاح غير الشرعي، لا بدّ من قول الأمور كما هي، وبصراحة، على مستوى أن لا إمكانية لقيام دولة لبنانية، طالما بقيَ السلاح غير الشرعي في البلد، على حاله. وإلا، سيكون “التيار الوطني الحرّ” أشبه بمريض بالسكري، أُصيب بهبوط حادّ في نسبة السكر بالدم، وهو يحاول بما تبقّى لديه من قدرات قليلة، استجماع قواه، وتناول ولو نصف كوب من العصير. فهو قد ينجح، وقد لا ينجح في مهمّته، لأن “الهبوط” حادّ جدّاً، بما يهدّده بفقدان وعيه، والدّخول في “كوما”.
فكثيرون من أولئك الذين صوّتوا لصالح “التيار الوطني” في انتخابات 2005 و2009 و2018، وهم من خارج الإطار الحزبي لـ “التيار”، لن يفعلوا ذلك في 2022، بسبب عَدَم فكّ الارتباط بين “التيار” وسلاح “حزب الله”. وهذا ليس سرّاً، إذ يُمكن لبعض “البرتقاليّين” سماعه بوضوح، منذ عام 2020، تحديداً.
أشار مصدر سياسي الى أن “كلّ من يتحدّث عن عَدَم جواز خسارة وضياع الدولة بسبب المقاومة، يُخوَّن، ويُتَّهَم بأنه من جماعات السفارات، وذلك بدلاً من الانصراف الى العمل على بناء الدولة”.
ولفت في حديث لوكالة “أخبار اليوم” الى أن “التيار الوطني” لن يبتعد عن “حزب الله”، ولن يدخل ضمن أي إطار جديد، كما يبدو. ولكن المؤسف أنه ما عاد يمتلك مشروعاً ليقدّمه، بل مجموعة من الأفكار التي يغرّدها نوابه على “تويتر”، أو تلك التي يقولها النائب جبران باسيل خلال مؤتمراته الصحافية، التي ما عادت بدورها تحمل جديداً، مهما تباعدت المدّة الزمنية بين الواحد والآخر منها”.
وشدّد المصدر على أن “انفجار مرفأ بيروت، ورغم ما أسفر عنه من دمار هائل، ومشاكل كبيرة، إلا أنه شكّل فرصة لـ “التيار الوطني”، ليرفع صوته في وجه “حزب الله”، وليتنصّل من التفاهم معه، ومن أي التزام له تجاهه على حساب الدولة اللبنانية، ولكنه (التيار الوطني”) لم يُحسِن الاستفادة منها. وهذا ما أوصله الى وضع سياسي شديد الصّعوبة”.
وختم:”رغم كل ما سبق، إذا مضى “التيار” بعيداً من “حزب الله”، وببساطة، في ملف انفجار 4 آب 2020، بدءاً من اليوم، لا سيّما على صعيد تحضير المشهد السياسي المُناسِب للبَدْء بإعادة الإعمار، وبضبط الأنشطة في مرفأ بيروت، بمسؤولية تامّة، فباستطاعته ترميم صورته الشعبية في أذهان شرائح لبنانية واسعة. وبخلاف ذلك، لن يكون أمام “البرتقالي” سوى المضيّ في “سكرات” الموت أكثر فأكثر، بانتظار السّقوط المدوّي، والرّهيب”.