صواريخ اليمن تهز العمق الإسرائيلي: مطار بن غوريون تحت النار وصمود غزة مستمر

كلمة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حول مستجدات العدوان على غزة والتطورات الإقليمية والدولية

في خطاب جديد له، تناول قائد حركة أنصار الله، السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، آخر المستجدات المتعلقة بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، متطرّقًا إلى مواقف بعض الأنظمة العربية والتطورات الإقليمية والدولية المتصلة بالقضية الفلسطينية والدعم اليمني المتواصل للمقاومة. وقد جاء في كلمته ما يلي:

من المؤسف والمخزن والمخزي والرهيب أن تكون الأمة الإسلامية، وفي مقدمتها العرب بمئات الملايين، تشهد يوميًا مجازر وحشية تُرتكب بحق أبناء الشعب الفلسطيني دون أن تتحرك.

الأمة تمر بحالة خطيرة جدًا حينما تتجاهل العدو الإسرائيلي، وهو عدو لها بأكملها، وليس فقط للشعب الفلسطيني.

العدو الإسرائيلي لا يستهدف فئة دون أخرى، بل يطال الجميع بكل أشكال الاستهداف والتدمير الشامل.

بعض الملوك والزعماء العرب قد يقتلون من يوجّه إليهم انتقادًا صحيحًا، لكن لا تستفزهم عقيدة الصهاينة التي تعتبرهم أدنى من مستوى الحمير والحيوانات.

عقيدة الصهاينة ليست مجرد وجهة نظر، بل تُبنى عليها مواقف تبيح استباحة المسلمين، وفي المقدمة منهم العرب.

لدى اليهود ما يُعرف بـ”الصهيونية الدينية” و”الصهيونية العلمانية”، لكنهم جميعًا يتفقون على ثقافة العداء تجاه الأمة، ضمن مشروع عملي واضح.

القاسم المشترك بين الصهيونيتين الدينية والعلمانية هو السيطرة على الأمة وتحقيق مشروع “إسرائيل الكبرى”.

هناك خطوات ممنهجة لترويض الأمة والسيطرة الكاملة على المسجد الأقصى، وصولًا إلى تدميره وبناء الهيكل المزعوم.

عمليات المجاهدين في قطاع غزة تثبت فاعلية موقفهم، وصمودهم، وثباتهم رغم قساوة العدوان.

هذا الصمود البطولي من الشعب الفلسطيني والمجاهدين يستحق أن تلتف الأمة حوله، وأن تُقدَّم له كل أشكال الدعم.

الشعب الفلسطيني يمتلك من المعنويات ما يمكّنه من الثبات، لكنه بحاجة إلى الدعم الحقيقي من الأمة.

العدو الإسرائيلي، رغم امتلاكه لإمكانات هائلة، يحظى بدعم غير محدود من الولايات المتحدة والدول الغربية.

الدعم اليمني للمقاومة:

بلدنا قد استأنف موقفه المتكامل عسكريًا ورسميا وشعبيًا لإسناد الشعب الفلسطيني منذ استئناف الإبادة الجماعية في غزة.

منذ 15 رمضان وحتى 9 ذي القعدة، نُفذت أكثر من 131 عملية مساندة، شملت إطلاق 253 صاروخًا باليستيًا ومجنحًا وفرط صوتي، بالإضافة إلى طائرات مسيّرة.

هذه العمليات جرت رغم العدوان الأمريكي المكثف على بلدنا.

هذا الأسبوع فقط، نُفذت عدة عمليات بعشرة صواريخ وطائرات مسيّرة استهدفت مناطق يافا، عسقلان، النقب، أم الرشراش، وحيفا المحتلة.

عملية استهداف مطار اللد “بن غوريون” كان لها صدى عالمي واسع في أوساط الخبراء والمحللين.

العدوان الأمريكي والإسرائيلي على اليمن:

الأمريكي نفذ هذا الأسبوع قرابة 200 غارة وقصف بحري عدواني ضد بلدنا، معظمها استهدفت الأعيان المدنية.

ومع فشل الدعم الأمريكي للعدو الإسرائيلي، اضطر العدو الإسرائيلي نفسه للدخول المباشر في العدوان على اليمن.

كل الأهداف التي استهدفها العدو الإسرائيلي في اليمن كانت أعيانًا مدنية واضحة، في دلالة على عجزهم عن مواجهة القدرات العسكرية اليمنية.

من أولويات الأمريكي والإسرائيلي القضاء على العمليات العسكرية اليمنية المساندة لغزة، لكنهم فشلوا في ذلك.

العدو عجز عن استهداف القدرات العسكرية فاتجه نحو استهداف الأعيان المدنية، بهدف إيذاء الشعب والضغط عليه نفسيًا ومعيشيًا.

العدو يسعى للتأثير على إرادة شعبنا وموقفه وثباته وصموده.

المستهدف الحقيقي بهذا العدوان هو الشعب اليمني عمومًا، من خلال الخدمات والمصالح الحيوية التي تعنيه.

هذا العدوان يشهد بوضوح أن العدوين الإسرائيلي والأمريكي أعداء لشعبنا بكل أطيافه، لا لفئة دون أخرى.

من أبرز العمليات التي شهدها هذا الأسبوع، كانت العملية النوعية والدقيقة التي استهدفت مطار اللد، والذي يُعرف لدى العدو الإسرائيلي باسم “مطار بن غوريون”. هذه العملية اعتُبرت ضربة استراتيجية نظراً لما يتمتع به المطار من أهمية قصوى وحساسية عالية، كونه من أبرز المنشآت الحيوية لدى الكيان المحتل.

مطار اللد يتمتع بتحصينات متعددة الطبقات، إذ تشترك في حمايته أربع منظومات دفاع جوي، من بينها منظومة “ثاد” الأمريكية التي أُضيفت مؤخراً لتعزيز الحماية. ومع ذلك، تمكن صاروخ أُطلق من اليمن من اختراق هذه التحصينات والوصول إلى هدفه بدقة، في مشهد موثق أثار ردود فعل واسعة على المستويين العسكري والإعلامي.

هذه العملية كشفت هشاشة منظومة الحماية الإسرائيلية – الأميركية، وأسقطت الوهم الذي طالما حاول العدو تسويقه حول قدرته على صد أي هجوم. وقد كانت للضربة تداعيات اقتصادية وأمنية مباشرة، إذ أعلنت أكثر من 27 شركة طيران أجنبية إلغاء رحلاتها إلى المطار حتى إشعار آخر، ما انعكس سلباً على قطاعي السياحة والتجارة.

أما على الصعيد الداخلي للعدو، فقد تسببت العملية بحالة من الهلع الجماعي، دفعت أكثر من ثلاثة ملايين مستوطن للنزول إلى الملاجئ، كما أُجبر المطار على تعليق نشاطه لفترة زمنية مهمة. هذا الهجوم مثّل صفعة قوية للعدو، وأكد أن صواريخ اليمن قادرة على ضرب عمق الكيان المحتل رغم كل الإجراءات الدفاعية.

تتواصل خطوات الاحتلال التمهيدية للسيطرة الكاملة على المسجد الأقصى، تمهيدًا لهدمه وبناء هيكلهم المزعوم، في سياق مشروع استيطاني متكامل. في المقابل، يملك الشعب الفلسطيني رصيدًا معنويًا عاليًا من الصمود، لكنه بحاجة ماسة إلى الدعم العملي من الأمة بأكملها.

من جانبنا، فقد بلغت العمليات المساندة منذ 15 رمضان وحتى 9 ذي القعدة أكثر من 131 عملية، نُفذت بـ 253 صاروخًا باليستيًا ومجنحًا وفرط صوتي وطائرة مسيّرة، رغم استمرار العدوان الأمريكي المكثف على بلادنا. وفي هذا الأسبوع تحديدًا، نُفذت عدة عمليات نوعية استهدفت يافا المحتلة، عسقلان، النقب، أم الرشراش، وحيفا باستخدام 10 صواريخ وطائرات مسيّرة.

الجولة الثانية من التصعيد الأمريكي، الممتدة على أكثر من شهر ونصف، تميزت بشراسة غير مسبوقة، حيث شنت الولايات المتحدة أكثر من 1712 غارة جوية وقصفًا بحريًا مباشرًا، في محاولة فاشلة لإسناد الكيان الإسرائيلي. لكن هذا التصعيد لم ينجح في إضعاف قدراتنا العسكرية أو إيقاف عملياتنا المستمرة، كما لم ينل من الروح الشعبية التي استمرت بالخروج بمسيرات مليونية عظيمة في مشهد عالمي فريد.

وأمام هذا الفشل، اضطر الأمريكي إلى إعلان وقف دعمه المباشر للعدوان، حسبما أبلغ به رسميًا أشقاءنا في سلطنة عمان. موقفنا لم يكن، كما زعم المجرم ترامب، ناتجًا عن تراجع أو استجداء، بل هو موقف إيماني أصيل لا يعرف الخضوع ولا التراجع، نابع من عقيدتنا الراسخة ومن معية الله ونصره المبين.

لو لم يكن موقف اليمن مؤثرًا واستثنائيًا، لما استنفر الأمريكي كل قدراته الجوية والبحرية وقاذفاته الإستراتيجية. إنّ حجم هذا الاستنفار وشدته يعكسان فاعلية موقفنا، وقدرتنا – بمعونة الله – على إحداث تأثير مباشر وفعّال على مسار المعركة.

على صعيد الميدان، تواصلت العمليات البحرية التي حظرت الملاحة على السفن الإسرائيلية، وحققت نجاحًا كاملًا، فيما استمرت الضربات الدقيقة إلى عمق الأراضي المحتلة بزخم تصاعدي. وقد أحدثت عملية استهداف مطار “بن غوريون” صدىً عالميًا واسعًا، وأثارت اهتمامًا كبيرًا لدى الخبراء والمحللين، خصوصًا مع سقوط طائرات “F-18” وانكشاف ضعف حاملات الطائرات.

فعالية عملياتنا العسكرية تؤكد أننا في موقع قوة وثبات، ونؤكد دومًا أن الخطاب مع العدو المجرم لن يكون يومًا بلغة الاستسلام أو الضعف. نحن شعب إيماني، نتمسك بعزتنا القرآنية: “أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين”، ونردد شعارنا “الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل” في كل الساحات، تعبيرًا عن الموقف الثابت والراسخ.

صواريخنا، طائراتنا المسيّرة، وزوارقنا الحربية هي امتداد لهذه العزة، كما أن صلابة موقفنا السياسي تترجم بوضوح هذا النهج. وأولويتنا المعلنة تبقى دعم الشعب الفلسطيني ومواجهة العدو الإسرائيلي، رغم كل ما يشنه الأمريكي والبريطاني من عدوان مباشر على بلدنا، والذي عاد مؤخراً بعد تصريحات ترامب عن دعم الإبادة الجماعية والتهجير في قطاع غزة.

عاد الأمريكي بجولة عدوانية جديدة على بلدنا، كان يأمل أن يحقق ما عجز عن تحقيقه في المرحلة السابقة، لكنه فشل في ذلك. رغم تدميره للكثير من الأعيان المدنية، وسقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى من أبناء شعبنا، لم يتمكن الأمريكي من إيقاف عملياتنا العسكرية، أو تدمير قدراتنا، أو كسر إرادة شعبنا الصامد.

أولويتنا كانت وما زالت الإسناد للشعب الفلسطيني ومجاهديه الأبطال، وفي الوقت ذاته، واجهنا العدوان الأمريكي بشجاعة وحزم. موقفنا ثابت ومتكامل في دعم القضية الفلسطينية، سواء من خلال القصف إلى عمق الأراضي المحتلة أو عبر حظر السفن الإسرائيلية، ولم يتراجع في أي مرحلة. بكل قوتنا، وبمساندة الله سبحانه وتعالى، نتصدى لأي جولة عدوانية جديدة قد يشنها الأمريكي.

على الصعيد العالمي، خرجت تظاهرات في العديد من الدول العربية، بل وحتى في بعض البلدان الأوروبية، وسُجلت مساعٍ إنسانية لرفع الحصار الإسرائيلي عن قطاع غزة. كما استهدف العدو الإسرائيلي سفينة “الحرية” بشكل وحشي وإجرامي، في انتهاك صارخ للقيم الإنسانية. وعلى الرغم من الضغوط الكبيرة التي يمارسها ترامب، كان هناك أيضًا نشاط طلابي في الجامعات الأمريكية دعماً للقضية الفلسطينية.

فعالياتنا في بلدنا مستمرة، حيث بلغ عدد الأنشطة والمظاهرات أكثر من مليون و900 ألف نشاط متنوع على مدار 19 شهرًا. موقفنا ثابت وقوي من منطلق إيماني، ونحن نواصل تقديم التضحيات، واستهداف العدو الإسرائيلي للأعيان المدنية لن يثني عزيمتنا.

لو لم نكن في هذا الموقف القوي لما كنا ضَمِنا لأنفسنا الاستقرار والأمان، لأن أمتنا بأكملها مستهدفة. هناك من يخسر الكثير في طريق الباطل، سواء من حيث المال أو الدماء، في قضايا عبثية لا تحقق سوى المزيد من الاستنزاف. ما يحدث في السودان هو مثال على هذا الاستنزاف الهائل الذي لا طائل من ورائه.

نحن نبني واقعنا على أرضية صلبة، حتى على المستوى الاقتصادي، رغم أننا نبدأ من تحت الصفر، لكننا نؤسس لأرضية متينة وأسس قوية. في حين أن أمتنا غارقة في الأزمات، وبعضها مستنزف في تقديم الدعم للأعداء، ما نقدمه في سبيل الله له نتائج عظيمة في الدنيا والآخرة.

لن نصاب بالوهن أو الضعف أمام أي استهداف أو تدمير. الإرادة، الكرامة، والإيمان أقوى من كل ذلك. إن الحفاظ على كرامتنا الإنسانية، وصون حريتنا وعزتنا الإيمانية، وإرادتنا هو الهدف الأكبر والأهم. الخسارة الحقيقية تكمن في فقدان الأمة لكرامتها وإيمانها ومستقبلها عند الله، عندما تخنع وتستسلم للعدو.

شاهد أيضاً

غارات إسرائيلية تستهدف مطار صنعاء الدولي

شن الطيران الحربي الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، غارات عنيفة استهدفت مطار صنعاء الدولي. وفي وقت لاحق، …