ينظّم قياديو “القوات اللبنانية” منطلقات في اتجاه حراكٍ سياسيّ للبحث في حلول عبر ورقة هادفة للخروج من الأزمات الحالية التي يشهدها البلد. وستكون ثمة خطوات إضافية في هذه المرحلة تأخذها “القوات اللبنانية” على عاتقها بعد إعدادها الوثيقة الإنقاذية التي سلّمها الموفد “القواتيّ” للبطريرك المارونيّ مار بشارة بطرس الراعي الذي سيعمل على دراسة تفاصيلها على أن يعقد جلسة مناقشة مع “القوات” بعد ذلك للتداول في فحواها. ويكمن المبتغى الأساسيّ الذي تريده معراب من الورقة في تشخيص الأهداف المتوخّاة وإنجاز خريطة طريق تنهي حال الشغور المؤسساتيّ. وانطلاقاً من معطيات “النهار”، تتضمّن الورقة السياسية التي صاغتها “القوات اللبنانية” أربعة أجزاء وهي تشمل سرد واقع الأزمة اللبنانية، التأكيد على الثوابت اللبنانية التاريخية للكنيسة المارونية و”القوات اللبنانية”، التداول في الأهداف التي لا بدّ من العمل على تحقيقها لاحقاً، وبلورة خريطة الطريق الممكنة للحلّ السياسيّ. وقرّرت “القوّات” إعداد الوثيقة بعد مرحلة شهدت على أزمات متلاحقة بدءاً من تعطيل استحقاق رئاسة الجمهورية الذي تسبّب بأزمة دستورية وفراغ رئاسيّ لم يعد في الإمكان الإبقاء عليه خصوصاً في مرحلة المناوشات الحربيّة وسيطرة فريق محور “الممانعة” على قرار السلم والحرب، حيث اعتبرت “القوات” أنّ الأوان حان للاتفاق الوطنيّ على منطلقات الحلّ عبر خريطة طريق تحول من دون تفاقم الفراغ الرئاسيّ.
يقول القيادي في “القوات اللبنانية” النائب السابق أنطوان زهرا لـ”النهار” إنّ “الوثيقة التي أعدّتها “القوات” تشمل أهمية انتخاب رئيس للجمهورية وتحرص على العناوين السيادية الرئيسية في اعتبارها ورقة أفكار للتداول من أجل خريطة طريق للإنقاذ. وقد صيغت الورقة نتيجة اجتماعات سابقة وستناقش مع البطريرك الراعي في مرحلة لاحقة قبل التشاور في تفاصيلها مع القوى السياسية أيضاً”. وتتضمّن الخطّة، استناداً إلى تأكيد القياديّ “القواتي” الذي حضر ضمن الزيارة إلى الصرح البطريركي، “أفكاراً هادفة لإنهاء الشغور في الاستحقاق الرئاسيّ الدستوري فضلاً عن خريطة طريق غايتها منع حصول أزمة وطنية كلّما كانت البلاد أمام استحقاقات دستورية. ولا تطرح الوثيقة تغييراً في النظام السياسيّ ولا تتحدّث عن الفيدرالية أو اللامركزية التي تعتبر طروحات لا بدّ من دراستها والتداول بها بشكل توافقيّ لبنانيّ”. ولا يغفل أنطوان زهرا، أنّ “انسداد الأفق السياسيّ مع محور “الممانعة” ساهم في استعجال ضرورة الوصول إلى وثيقة للتداول في الأفكار الممكنة رئاسياً ومنع “حزب الله” من تحقيق مشروعه، فيما تحثّ “القوات” من خلال وثيقتها غالبية اللبنانيين للتفكير في حلول تمنع محور “الممانعة” من الهيمنة الكاملة على البلد”.
تهدف “القوات” للبحث في مندرجات الوثيقة مع القوى السياسية في مرحلة لاحقة ولن تعلن عنها قبل أن يدرسها البطريرك الراعي مع رهانها على أهميته كمرجع وطنيّ لديه تواصله مع عواصم القرار من دون إغفال المحطات التاريخيّة للصرح البطريكيّ التي لا يستطيع أحد اختزالها شمولاً في التصدّي للاحتلالات. ومن جهته، يعمل فريق “القوّات اللبنانية” في إطار سياسيّ مع حضور نيابيّ وترتيب تنظيميّ يهدف للتغيير والبحث عن حلول والوصول إلى أوضاع مختلفة تنهي الإشكالية التعطيلية. وهناك تعويل على استطاعة التوصّل للحلول انطلاقاً من وثيقة “القوات” التي لم تطرح تعديلات في النظام السياسيّ. ولا تزال معراب عند رأيها لناحية أنّ التركيبة الحالية غير منتجة ولا بدّ من الدفع نحو الحلّ الأمثل للحفاظ على تعدّدية المجتمع.
تأتي وثيقة “القوات” بعد أيام على استكمال تكتل “الاعتدال الوطنيّ” مشاوراته السياسية بعد طروحات قدّمها للعمل على إنهاء الشغور الرئاسي. ويعتبر النائب السابق أنطوان زهرا أنّ “تكتل “الاعتدال” انطلق في مقترحات مشكورة لكنّه لم يستطع تحقيق نتائج حتّى اللحظة. ويتضح أن رئيس مجلس النواب نبيه برّي عاد يتحدّث عن طرحه لحوار رسميّ عبر طاولة حوارية لأيام عدّة ما يشكّل بمثابة انقلاب على الدستور اللبناني، بعدما كان عبّر عن تأييده لحراك نواب تكتل “الاعتدال” مع بدء جولتهم. ولا يمكن إجراء حوار للتشاور في تطبيق الدستور إنما يحصل الحوار عند اللزوم لإجراء تعديلات ممكنة من دون شروط أو أعراف تطبيقية جديدة أو تحويل رئاسة الجمهورية أسيرة طموحات وطروحات”. ويستنتج ردّاً على سؤال تزامناً مع ذكرى 14 آذار، أن “لا بدّ لجميع الذين شكّلوا محطة 14 آذار المثابرة من موقعهم الخاصّ في المرحلة الحالية، فيما إنّ ما ينقص 14 آذار هو غياب تيار “المستقبل” والرئيس سعد الحريري. وليست ظروف إعادة إحياء لحظة 14 آذار متوفّرة حالياً، لكنّ التشاور قائم بين القوى السياسية، إلّا أنّ الأوضاع ليست مشابهة بعدما كانت ساهمت الثورة المليونية في الاستقلال الثاني”.
النهار