كتبت فاتن الحاج في “الأخبار”:
تعميم وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي الرقم 481 باعتماد العلامات المدرسية للترفيع إلى الصف الأعلى لم يشمل البريفيه، ما يعني أن الاتجاه هو نحو إعطاء الإفادات. هذا مجرد استنتاج، بما أن الرقابة على علامات المدارس ليست مؤمّنة، وإن لم يصدر حتى اليوم قرار رسمي حاسم في هذا المجال.
في هذه الأثناء، لا تزال مفاعيل قرار إلغاء الشهادة مستمرة، وخصوصاً أنه في النظام اللبناني، تبدو الشهادة الرسمية ورقة عبور آمن وسليم من مرحلة تعليمية إلى أخرى، وليست بالضرورة شهادة اكتساب معارف ومهارات. وقيمة «البريفيه»، تحديداً، أنها الوسيلة الوحيدة لمراقبة أداء بعض المدارس الخاصة وأساتذتها من مرجعية رسمية هي الدولة، في وقت تسرح فيه هذه المدارس وتمرح في السنوات التعليمية الأخرى، ولا من يعرف أو يسأل ماذا تدرّس وكيف تدرّس، وليست هناك جهة رسمية تقيس مستوى التعليم الذي تقدمه. القول إن مواد المنهج اللبناني هي نفسها مواد رتيبة وتحتاج إلى تطوير لا يلغي، وفق خبراء تربويين، الدور الرقابي للدولة على التعليم. ومع كل المآخذ على آلية تنفيذ الامتحانات، إلا أن هؤلاء يعتقدون بأنها فرصة للتلامذة للعمل الدؤوب لردم الثغر ولو بربع منهج، ما يخفف من الفجوة التعليمية في المرحلة الثانوية.
عيوب الامتحانات الرسمية لا تبرر، وفق الخبيرة التربوية فاديا حطيط، عدم تحديد الدولة سقفاً إلزامياً لضبط المضمون والمستوى، فالتنميط الحاصل بأن كل المدارس الخاصة جيدة ليس صحيحاً. لذلك، هناك حاجة لهذا الامتحان في ظل غياب الاختبارات الوطنية البديلة التي تقيس أداء التلامذة ومهاراتهم، عدا عن أن الإلغاء أوقف الاستنفار في المنازل تحضيراً للشهادة، وضرب فكرة الجدارة التي يحتاج إليها المجتمع والتلامذة لينضجوا ويجتازوا الصعوبات.
خطورة القرار أنه اتخذ قبل أيام قليلة من الاستحقاق من دون أن تكون هناك آلية بديلة اصطفائية. وتشير المعالجة النفسية ميسون حمزة إلى أن معظم التلامذة في المدارس الرسمية والخاصة لا يهتمون للتقييم خلال العام الدراسي، بما أنّ هناك استحقاقاً رسمياً، فأتى الإلغاء المفاجئ ليعزز التساهل ويثبّط عزيمة التلميذ الجدي ويكسر المرجعية الرسمية، وليقول إن القانون مطاط، إذ يمكن اتخاذ أي قرار بهذا الحجم في أي وقت. ولفتت إلى أن مشاركة التلامذة على مواقع التواصل الاجتماعي للنكتة التي رافقت القرار، أي عندما صفق الوزراء وقالوا لرئيس الحكومة: إلغِ البريفيه، له تأثير سلبي على مستوى بناء المواطن الصالح.
هذا التخبط في القرارات يفقد المدرسة صدقيتها أمام تلامذتها ويقتل الدافعية لديهم، إذ باتوا يعيشون منذ بداية العام الدراسي، كما قالت ناهد سوسان (مديرة مدرسة خاصة)، هاجس إلغاء الشهادة، ويترافق ذلك مع قرارات لا تقل سوءاً من الإلغاء وهي التقليص العشوائي للمنهج واعتماد المواد الاختيارية، ما يؤدي إلى تراجع التنافس بين التلامذة.
خلال مرافقتها لتلامذة البريفيه لهذا العام، سعت المرشدة التربوية، سمر صهيون، إلى جعل التعلم محبباً للتلامذة، بغض النظر عن الامتحانات الرسمية، وعما إذا كان المنهج يعجبهم أو لا، وإنما التركيز على الدرس لأجل المعلومات وتكوين فهمهم كأشخاص، إلا أنها سمعت باستمرار كلاماً من نوع «عم ندرس عالفاضي، بكرا بيلغوا الامتحانات»، مشيرة إلى أن التلامذة كانوا أول من فرح للخبر الذي أزال شيئاً من الضغط النفسي والمعنوي المرافق لهم منذ بداية العام الدراسي، فيما لم يستسغ الأهل القرار لاعتبارهم أن ما بذلوه من جهود وما دفعوه من أموال للمدرسة الخاصة والأساتذة الخصوصيين ذهب هباءً. من جهتها، «لم تكن المدارس الخاصة ممنونة أيضاً»، بحسب صهيون، وخصوصاً بعدما أعلنت جاهزية تلامذتها للاستحقاق واستعداد أساتذتها لمواكبتهم في المراقبة والتصحيح.