أبطال “التيّار” يواجهون “جبران الوريث”

كتب محمد المدني في ليبانون ديبايت

كنا ننتظر من رئيس “القوات اللبنانية” سمير جعجع، ورئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل، أن يتقاطعا على وضع خطة شاملة لاستعادة أموال المودعين، أو على تبنّي قوانين إصلاحية ضرورية للنهوض، أو أن يتقاطعا على دعم التحقيق في جريمة تفجير مرفأ بيروت. لكن الرجلان تقاطعا على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور لمنصب رئاسة الجمهورية، ويا ليتهم لم يفعلوا.

ترشيح أزعور، ورغم تقاطع جعجع وباسيل عليه، كان سهلاً على الأول، وصعباً على الثاني. وحتى اللحظة لم يستطع باسيل الإعلان عن تبنّي “التيار” لأزعور، بينما جعجع وضع ورقة أزعور في الصرح البطريركي، منتظراً باسيل على مفرق بكركي.

يعاني باسيل من أزمة غير مسبوقة منذ دخوله المعترك السياسي، وضعه الدولي – الإقليمي متأزِّم بفعل العقوبات الأمريكية التي لا تزال تقيّده، وضعه السياسي متخبّط نتيجة انعدام ثقة القوى المحلية به، وخلافه الكبير مع حليفه “حزب الله”، إضافة إلى معاناته المستجدة داخل أروقة “التيار الوطني الحر” نتيجة رفض أبطال من “التيار” الخضوع لسلطته وقراراته.

ما شهده إجتماع تكتل “لبنان القوي” أول من أمس، خير دليل على وضع باسيل المتردّي. الرجل الذي ورث السلطة من عمه الجنرال ميشال عون أصبح عاجزاً عن التفرّد بقيادة “التيار”، وباتت الأصوات المعترضة عليه تخرج إلى العلن، الأمر الذي لا يُبشِّر بالخير بالنسبة لباسيل.

على باسيل أن يدرك أنه ليس ميشال عون، وأن ابراهيم كنعان وآلان عون وسيمون أبي رميا وأسعد درغام، ليسوا ندى بستاني. صحيح أن باسيل يريدهم كالدمى يحرّكهم كيفما يشاء، على غرار باقي رؤساء الأحزاب وكيفية تعاطيهم مع نوابهم، لكن الأمر ليس كذلك في وضعية باسيل.
جميع رؤساء الأحزاب من دون استثناء، يساهمون بزعامتهم وشعبيتهم في وصول نوابهم إلى البرلمان، أما باسيل فهو بالكاد يجتاز الإنتخابات في البترون.

ليس ذلك فقط، بل عمل في الأمس على إسقاط النواب الأقوياء في دوائرهم، وإنجاح من هم محسوبين عليه. لم يدعم ابراهيم كنعان والياس بو صعب في المتن، حارب آلان عون في بعبدا، وتخلى عن أسعد درغام في عكار، واليوم يستكمل باسيل حملته على زملائه، فيمنع أحدهم من الترشّح لرئاسة الجمهورية، ويدعم من هو من صلب المنظومة الفاسدة.

رغم ذلك، يريد باسيل من هؤلاء النواب أن يستزلموا له تحت ستار مصلحة “التيار الوطني الحر”، بينما الحقيقة أنه يريدهم لمصالحه الخاصة. ولهذا السبب رأيناه مصطحباً معه الجنرال إلى اجتماع التكتل، في محاولة منه لإحراجهم أو تخويفهم بسيف التهديد والوعيد. لكن عبثاً يحاول جبران باسيل، وكما هبّت رياح التغيير على لبنان، فأنها حتماً ستهبّ على “التيار” ليعود كما كان، تيار المناضلين لا الوارثين.

شاهد أيضاً

هكذا يُفشل اللبنانيون محاولات “إسرائيل بالعربية” زرع الفتنة بينهم

سعت إسرائيل مؤخرا، عبر حملات منظمة، إلى إشعال نار الفتنة المذهبية في لبنان وخاصة بين …