كتبت راجانا حمية في “الأخبار”:
في آخر لقاءاته مع نقابة مستوردي الأدوية في لبنان، أعلن وزير الصحة السابق حمد حسن التوصل إلى حل مؤقت يضمن عودة الدواء المفقود إلى رفوف الصيدليات والمستشفيات. حاول حسن، «بالترقيع»، إصلاح ما يفسده المحتكرون والتجار، فأعلن عن صيغة وصفها بـ«العادلة»، تقضي ــــ استثنائياً ــــ بتحديد سعر صرف «الدولار الدوائي» للأدوية غير المدعومة بنسبة 80% من سعر الصرف في الأسواق الموازية. هكذا، حدّد حسماً بقيمة 20% تتحملها الشركات… من باب التضامن والتكافل، حتى نهاية العام الجاري، حين تنتهي مفاعيل القرار.
مع ذلك، لم يقفل حسن الباب نهائياً على أي تعديلاتٍ قد تلحق بالقرار، فلحظ إمكانية «تعديل الأسعار كل أسبوعين بموجب تعميمٍ يصدر عن وزارة الصحة العامة (…) أو في فترة أقل إذا ما استدعت الحاجة، ولا سيما عند تغيير سعر الصرف بنسبة تفوق 10% صعوداً أو نزولاً».
بهذا القرار، أنهى الوزير السابق مهامه، بموافقة الأطراف المعنية من نقابة مستوردي الأدوية ونقابة الصيادلة. لكن، على ما يبدو، فإن نقابة المستوردين تحاول التفلت من القرار والبدء بمناورة جديدة مع بداية «العهد» الجديد في وزارة الصحة، سعياً للخلاص مما يعتبرونه خسارة لأرباحهم.
وفي آخر التصريحات، خرج نقيب المستوردين كريم جبارة، مشيراً إلى أن هناك «خطأ في تركيبة الأسعار من أساسها، وهو ما يعرقل عملية الاستيراد»، متسائلاً عن كيفية تصحيح مسار الاستيراد «في وقت هناك بالأساس خسارة تتخطى الـ 20%؟». وعلى قاعدة «ضربة ع الحافر وضربة ع المسمار»، طمأن جبارة المواطنين الى أن القسم الأكبر من الأدوية التي لا تزال مدعومة «سيجدونه قريباً في الأسواق»، فيما حمّلهم «همّ» ثلث الأدوية غير المدعومة التي «لن تكون بمتناول اليد بسهولة بسبب أسعارها التي سترتفع»، وخصوصاً أن «وزارة الصحة لم تسعّرها على سعر صرف السوق الموازية، وإنما بخسارة ما بين 20 و40%».
الـ 20% هي بدل العروض التي كانت الشركات تقدّمها للأطباء ولا تقاس بميزان الخسارة
التصريح لا يأتي من عبث، بل هو مقدمة لإعلام المواطنين باستمرار أزمة الأدوية غير المدعومة إلى حين تحريرها من «الدولارات الدوائية» والعودة إلى دولارات الأسواق الموازية. وإلى ذلك الحين، عليهم أن يتحملوا انقطاع الأدوية أو شراءها بأسعارٍ مرتفعة، وهو ما يناقض الاتفاقات السابقة والنوايا التي قيل إنها «حسنة».
وفي السياق نفسه، أمل أمين سر النقابة، جوزف غريب، أن تبقى «الخسارات» التي فرضها القرار محصورة بالفترة الزمنية المحددة حتى آخر العام، مشيراً إلى أن هوامش الربح التي يحققها المستوردون «لا يمكن أن تغطي العشرين بالمئة المحددة بالقرار». وهو ما يعارضه كثيرون ممن رافقوا الاجتماعات التي أوصلت إلى الاتفاق، ومنهم رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي، الذي أكد أنه «ليس صحيحاً إنو ما بتوفّي معهم»، مشيراً إلى أن هذه العشرين هي بدل الـ«أوفرات» (العروض) التي كان يقدمها هؤلاء والشركات للأطباء من أدوية وسفرات وغيرها. وهي لا تقاس بميزان الخسارة، والأولى «اعتبارها ترشيداً». وهو ما أكده أيضاً أحد المشاركين في الاجتماعات، مشيراً إلى أن «شركات الفارما العالمية قبلت باختزال ما يقارب 10% من سعر الدواء بدل تسويق وترويج»! أضف إلى ذلك أن «الاتفاق كان سابقاً يقضي باعتماد نسبة 65 و35%، ليستقر في النهاية على 80 و20%». أما إن كان ثمة توجّه للانعتاق من القرار «فهو غير مبرر، ويقع في خانة الابتزاز».